في الوقت الذي تعاني فيه دول العالم الآلام الاقتصادية جراء جائحة فيروس كورونا المستجد العنيدة والمستمرة، يبدو أن كوريا الجنوبية قد وجدت وصفة النجاح على كلا الجبهتين.
وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لكوريا الجنوبية بنسبة واحد بالمائة لعام 2020، لتحتل بذلك ثاني أفضل أداء بين الاقتصاديات الكبرى بعد الصين.
في المقابل، من المتوقع أيضا أن يتقلص إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو بنحو 8 بالمائة، وقد تشهد الولايات المتحدة انكماشا لعام كامل بما يقارب 4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.
وقال لورانس بون كبير الخبراء الاقتصاديين في المنظمة إن العالم يواجه أسوأ تباطؤ اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضحت المنظمة أن النجاح الاقتصادي يسير جنبًا إلى جنب مع النجاح في السيطرة على جائحة “كوفيد-19″، ويعتبر هذا جزء من السبب وراء خروج كوريا الجنوبية سالمة اقتصاديًا ولو بشكل نسبي، بالنظر إلى إدارتها للجائحة بكفاءة شديدة.
وقالت “فورين بوليسي” إن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية سجلا أول حالات للإصابة بفيروس كورونا المستجد في نفس اليوم، ومنذ هذا الوقت، بلغت ذروة الحالات في كوريا الجنوبية 851 حالة يومية خلال مارس، قبل تسطيحها إلى أرقام أحادية.
أما في الولايات المتحدة، لم تستقر أعداد الحالات أبدًا حقًا حتى منتصف يوليو عندما بلغت ذروة الإصابات 74 ألفًا و818 حالة عدوى مؤكدة في يوم واحد.
كما سجلت كوريا الجنوبية 7 حالات وفاة لكل مليون نسمة، مقابل نحو 600 لكل مليون بالولايات المتحدة، بحسب المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها وجامعة جونز هوبكنز.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الطريقة التي جرى بها معالجة تفشي الوباء من خلال إغلاق وطني صارم – من النوع الذي شل الاقتصاديات الأوروبية بأكملها لعدة شهور – كانت غير ضرورية في كوريا الجنوبية، مما عاد عليها في المقابل باضطرابات اقتصادية أقل من المصانع المغلقة أو المطاعم وما شابهها.
وقال الخبير الاقتصادي البارز بشؤون كوريا الجنوبية في المنظمة كريستوف أندريه: “السبب الرئيسي هو أنهم تمكنوا من احتواء الوباء العالمي بشكل أفضل بكثير من الآخرين، وبالتالي كانت اضطرابات الأنشطة محدودة.”
ويتضح هذا من خلال بيانات إحصاءات جوجل، التي تظهر أن كوريا الجنوبية بالكاد غيرت من نظامها اليومي بعد الجائحة نهاية فبراير/شباط، وما تغير قليلًا سرعان ما تعافى في أبريل/نيسان.
وبالرغم من أن كوريا الجنوبية لم تتلقى ضربات الجائحة بنفس الحدة التي واجهتها الدول الأخرى، أطلقت سريعًا استجابة مالية قوية إلى حد ما، إذ ضخت حوالي 12.2 مليار دولار، أو حوالي 0.7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، في جيوب الشركات والمواطنين بداية الربيع.
ولم يكن هذا كبيرًا كما في دول مثل ألمانيا، التي تطلق حزمة حوافز بقيمة نحو أربعة بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، لكن لأن سول قدمت الدعم سريعًا، ساعدت في الحفاظ على ارتفاع الاستهلاك، كما أنها تواصل تقديم الدعم في شكل قروض وضمانات بإجمالي حوالي 230 مليار دولار.