استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجعات جديدة بتأثير من صعود الدولار الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام، إضافة إلى انتشار متغير دلتا من فيروس كورونا الذي أدى إلى تعطيل جهود تعافي الطلب العالمي على الوقود مع عودة القيود والإغلاقات وتحديدا في الصين وعدة اقتصادات دولية مؤثرة.
وقال محللون نفطيون إن الضغوط السلبية على الأسعار اتسعت بعد ظهور بيانات صينية تؤكد أن واردات الصين من النفط الخام تراجعت بنسبة 19.6 في المائة على أساس سنوي إلى 9.75 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) الماضي.
صادارت الصين
كما تراجعت صادرات الصين من المنتجات النفطية بنسبة 28 في المائة على أساس شهري.
وأوضحوا أن "أوبك+" ستستمر - رغم توترات السوق - في زيادة الإمدادات الشهرية بمقدار 400 ألف برميل يوميا التي بدأت
في آب (أغسطس) الجاري، وتستمر حتى يتم إحياء كل إنتاجها الذي توقف بسبب الوباء.
ولفت المحللون إلى أن السوق ستكون قادرة على امتصاص البراميل الإضافية مع تسارع الطلب، حيث إن الطلب لا يزال قويا في الأسواق الرئيسة مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
وكانت مجموعة "أوبك+" قد بدأت مطلع الشهري الجاري زيادات تدريجية في الإمدادات النفطية بنحو 400 ألف برميل يوميا،
كما يستعد وزراء الطاقة في المجموعة مطلع الشهر المقبل عقد اجتماعهم الدوري لإعادة تقييم مستجدات السوق ومراجعة تطورات العرض والطلب والمخزونات.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن البداية الضعيفة للأسعار في مستهل الأسبوع كانت
متوقعة بعد خسائر الأسبوع الماضي نتيجة توقعات تقلص الطلب مجددا خاصة في إطار جهود دولية مضنية وتحديدا في
الولايات المتحدة لوقف انتشار متغير دلتا من فيروس كورونا.
فيروس كورونا
وأوضح أن السوق في حالة تركيز ومتابعة للمعدل اليومي للإصابات والوفيات المرتبطة بالفيروس إضافة إلى تنامي احتمالية
اتساع قيود الوباء وتجدد الإغلاقات ما له واسع الأثر في تعافي الطلب على الطاقة إضافة إلى مراقبة موسم الأعاصير وتطوراته في الولايات المتحدة.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة إن سوق النفط ما زالت هشة وليست
في أحسن حالاتها خاصة مع عودة نزيف الخسائر السعرية حيث تراجعت أسعار النفط إلى ما دون 70 دولارا الأسبوع الماضي نتيجة استمرار ارتفاع حالات الإصابة بالوباء.
وأضاف أن السوق تقاوم هذا الاتجاه الهبوطي وليس الأمر إجمالا سيئا حيث ما زال الطلب على البنزين وأعداد المسافرين
بالطائرات تتأثر إيجابيا بالعوامل الموسمية وخاصة فترة الرحلات الصيفية، مبينا أن تعافي الطلب المحتمل خلال الأسابيع
المقبلة قد يكون المحرك الأساسي للأسعار في الفترة المقبلة، موضحا أن الدعوات لإعادة فرض قيود كورونا تلقى مقاومة من
العديد من الحكومات خاصة في الاتحاد الأوروبي.
متغير دلتا
من ناحيته، ذكر ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية أنه بعد انتهاء فصل الصيف قد تشهد
الأسعار ضغوطا جديدة حيث يبدأ استهلاك الوقود في الاستقرار مع تضاؤل الرحلات الصيفية وفي ضوء احتمال تزايد القيود
نتيجة التوترات الجديدة المتعلقة بمتغير "دلتا"، مبينا أن النفط الخام سجل في الأسبوع الماضي أسوأ أسبوع منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2020.
ولفت إلى أن عودة الإصابات المرتفعة بالجائحة أدت إلى إثارة المخاوف الواسعة بشأن توقعات الطلب على المدى القصير وقد
انعكس ذلك بشكل واضح من خلال انخفاض العقود الآجلة إلى ما دون 67 دولارا للبرميل بعد انخفاضها بنسبة 8 في المائة الأسبوع الماضي.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إن تجدد الإصابات أدى إلى تغيرات
واسعة في تقييم وضع السوق خاصة مع عودة الإصابات المرتفعة بشكل خاص إلى الصين وهي ثاني أكبر مستهلك للنفط
الخام في العالم حيث نبهت بيانات صادرة عن "جولدمان ساكس" إلى تخفيض توقعات النمو الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة وتايلاند.
وأضافت أن قوة الدولار أدت إلى إضعاف جاذبية المواد الخام خاصة النفط، مشيرة إلى أن قوة الدولار جاءت في أعقاب تقرير
الوظائف القوي في الولايات المتحدة الذي غذى الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في تخفيف برنامج التحفيز
المالي وتزامن ذلك مع زيادة الإنتاج من جانب مجموعة "أوبك+".
النفط ..خسائر متواصلة
وفيما يخص الأسعار، هوى النفط بواقع 4 في المائة أمس لتواصل خسائرها الحادة التي تكبدتها الأسبوع الماضي على خلفية
ارتفاع الدولار ومخاوف من احتمال تباطؤ التعافي العالمي للطلب على الوقود بسبب قيود جديدة لمواجهة الجائحة في آسيا، على الأخص في الصين.
وتضررت المعنويات أكثر جراء تحذير خطير من لجنة تابعة للأمم المتحدة من تغيرات المناخ بعد أن أتت حرائق في اليونان على
منازل وغابات وعانت أجزاء في أوروبا من فيضانات مميتة الشهر الماضي.
وبحسب "رويترز"، نزلت العقود الآجلة لخام برنت 2.82 دولار أو ما يعادل 4.2 في المائة إلى 67.88 دولار للبرميل، بعد أن هبطت 6 في المائة الأسبوع الماضي في أكبر خسارة تتكبدها في أربعة أشهر.
وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.85 دولار أو ما يعادل 4.3 في المائة إلى 65.43 دولار للبرميل،
بعد أن انخفضت نحو 7 في المائة الأسبوع الماضي في أكبر تراجع في تسعة أشهر.
وقال جوردون رامزي المحلل لدى آر.بي.سي في مذكرة، "المخاوف بشأن تراجع محتمل للطلب العالمي على النفط عاودت
الظهور مجددا مع تسارع معدلات الإصابة بالسلالة دلتا".
قيود جديدة
وأشار محللو إيه.إن.زد إلى قيود جديدة في الصين، ثاني أكبر مستهلك في العالم للنفط، كعامل رئيس يضفي ضبابية على آفاق نمو الطلب.
وشملت القيود إلغاء رحلات طيران، وتحذيرات صادرة عن 46 مدينة من السفر، وقيود على المواصلات العامة وخدمات سيارات الأجرة في 144 من المناطق الأسوأ تضررا.
وتباطأ نمو صادرات الصين أكثر من المتوقع في تموز (يوليو) عقب تفشي الإصابات بكوفيد - 19، بينما كان نمو الواردات أيضا أبطأ من المتوقع.
وانخفضت واردات الصين من النفط الخام في تموز (يوليو) وتراجعت بشدة عن مستوى قياسي في حزيران (يونيو) 2020.
كما ضغط ارتفاع الدولار لأعلى مستوى في أربعة أشهر مقابل اليورو على أسعار الخام، وذلك بعد تقرير وظائف أمريكي صادر
الجمعة الماضي جاء أقوى من المتوقع وأثار رهانات على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي ربما يتحرك سريعا لتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
ومن شأن ارتفاع الدولار أن يزيد تكلفة النفط لحائزي العملات الأخرى.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.3 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 70.34 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من
إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة.
كما أن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 74.98 دولار للبرميل.
تابعنا على تويتر على الفيسبوك تابعنا على الواتسابتابعنا على التليجرام