logo

نكسة جديدة للاقتصاد الألماني .. أزمة سلاسل الإمداد والوباء يكبحان النمو

19 ديسمبر 2021 ، آخر تحديث: 19 ديسمبر 2021
نكسة جديدة للاقتصاد الألماني .. أزمة سلاسل الإمداد والوباء يكبحان النمو
نكسة جديدة للاقتصاد الألماني .. أزمة سلاسل الإمداد والوباء يكبحان النمو

خفض البنك المركزي الألماني أمس توقعاته للنمو هذا العام والعام المقبل، نتيجة الأزمة المتواصلة في سلاسل الإمداد وموجة تفشي كوفيد - 19 الجديدة، في نكسة جديدة تواجه الاقتصاد المحلي، على خلاف التوقعات السابقة.
وتوقع البنك المركزي نمو إجمالي الناتج الداخلي 4.2 في المائة العالم المقبل، مقارنة بـ5.2 في المائة، في توقعاته السابقة في حزيران (يونيو)، أما بالنسبة إلى العام الجاري فخفض توقعاته للنمو من 3.7 في المائة إلى 2.5 في المائة.
كما نشر معهد "إيفو"، المعهد الاقتصادي الرئيس في ألمانيا، مؤشره لمعنويات قطاع الأعمال الذي عكس تراجعا للمرة السادسة على التوالي في كانون الأول (ديسمبر).
وبلغ هذا المؤشر الذي يثير اهتمام المحللين 94.7 نقطة بتراجع 1.9 نقطة في شهر، ما يكشف عن الصعوبات التي لا يزال أول اقتصاد أوروبي يواجهها.
وأرقام البنك المركزي مشابهة لبيانات وزارة الاقتصاد التي توقعت في آخر أرقام أصدرتها في تشرين الأول (أكتوبر) زيادة إجمالي الناتج الداخلي بـ4.1 في المائة 2022.
وأوضح البنك المركزي في بيانه أن "القيود الناجمة عن الوباء وأزمة سلاسل الإمداد تكبحان النمو".
وتواجه ألمانيا منذ عدة أسابيع وضعا صحيا متدهورا مع استمرار تفشي وباء كوفيد - 19، ما أرغم الحكومة على معاودة فرض قيود صحية تكبح الانتعاش الاقتصادي.
ويثير ظهور المتحورة "أوميكرون" الأشد عدوى في أوروبا مخاوف من طفرة وبائية جديدة.
من جهة أخرى، تنعكس أزمة المواد في الأسواق العالمية على الصناعات التحويلية التي تعد قطاعا أساسيا في الاقتصاد الألماني.
وأثار وباء كوفيد - 19 بلبلة في سلاسل الإمداد وتسبب في أزمة في المواد الأولية والمكونات، ما يعزز الضغوط التضخمية.
وتوقع البنك المركزي وصول التضخم الذي يعد موضوعا حساسا لدى الرأي العام، إلى متوسط 3.2 في المائة 2021 و3.6 في المائة 2022.
وتطول الأزمة بصورة خاصة صناعة السيارات التي تعد ركيزة الاقتصاد الألماني وتسجل تراجعا في الإنتاج متواصلا منذ خمسة أشهر.
كذلك تراجعت الطلبيات الصناعية 6.9 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) بحسب البينات الرسمية بعد ارتفاع 1.8 في المائة في أيلول (سبتمبر).
وشهد الإنتاج الصناعي تراجعا مذ عدة أشهر، فبقي دون مستواه ما قبل الأزمة الصحية رغم إحراز تقدم 2.8 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر).
وأوضح ينس فايدمان رئيس البنك المركزي المنتهية ولايته في بيان أن "الانتعاش سيتأخر قليلا".
وبعد تسجيل انتعاش بدأ في الربيع مع زيادة 2 في المائة في الفصل الثاني من العام و1.7 في المائة في الفصل الثالث، يواجه الاقتصاد الألماني انتكاسة خلال الشتاء، حيث تبطئ جائحة كورونا واختناقات التوريد النمو خلال شتاء هذا العام.
وتوقع معهد إيفو تراجع إجمالي الناتج الداخلي 0.5 في المائة في الفصل الرابع، غير أن الوضع سيتحسن بدءا من الربيع المقبل، بحسب البنك المركزي.
إلا أن هذه الأوضاع الاقتصادية الهشة قد تعرقل خطط الائتلاف الحكومي الجديد برئاسة أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي، وبمشاركة الخضر والليبراليين.
وزيادة الاستثمارات العامة من أجل المناخ والبنى التحتية تشكل محورا أساسيا في برنامج الحكومة التي ستحتاج إلى تحقيق نمو اقتصادي من أجل تمويله.
وصادقت برلين الإثنين على مبلغ إضافي قدره 60 مليار يورو في ميزانية 2021، مخصصة لاستثمارات إضافية، ولا سيما من أجل المناخ.
وأوضح كريستيان ليندنر وزير المالية الجديد أن هذه الأموال سيتم اقتطاعها من قسم من الديون التي تم اقتراضها هذا العام، غير أنها لم تستخدم.
وأثارت هذه الوسيلة الحسابية انتقادات المعارضة، إذ ارتفعت أصوات تساءلت حول قانونية مثل هذا التدبير. ويعتزم المحافظون في الاتحاد المسيحي الديمقراطي تقديم طعن لدى المحكمة الدستورية في كارلسروه.
ولفت كارستن برزيسكي المحلل لدى "آي إن جي" إلى أن ألمانيا تنهي العام "في أسفل ترتيب النمو في منطقة اليورو"، ولا سيما مقارنة بفرنسا التي يتوقع أن تسجل نموا يفوق 6 في المائة.
لكن برزيسكي أكد أنه "لا داعي للقلق"، وأن تدابير الإنعاش الحكومية السابقة وسياسات الاستثمار المذهلة للحكومة الجديدة ستتحقق 2022، وستعود ألمانيا بطلة النمو في أوروبا.
وتوقع البنك المركزي الألماني أن يظل مستوى التضخم في البلاد أعلى من معدل 2 في المائة حتى 2024، وهو ما يعزز الدعوات داخل أكبر اقتصاد في أوروبا من أجل الإسراع في وقف برامج التحفيز المالي.
وحذر ينس فيدمان، رئيس البنك المركزي، المنتهية ولايته، في تصريحات نقلتها وكالة "بلومبيرج" للأنباء، من أن ضغوط الأسعار قد تكون أقوى، وأنه ينبغي للبنك المركزي الأوروبي عدم تجاهل هذه المخاطر.
وذكر البنك المركزي أن أسعار المستهلكين سترتفع 3.6 في المائة في المتوسط خلال 2022 قبل أن تتراجع إلى 2.2 في المائة خلال العامين التاليين، حسب التوقعات التي نشرت أمس.
وأوضح البنك المركزي أن التضخم في ألمانيا يعكس ارتفاع الرواتب، وهو "وضع اقتصادي ملائم"، إضافة إلى التكاليف التي تتعلق بالانتقال إلى الاقتصاد المحايد مناخيا، وسلسلة من العوامل المؤقتة. وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار الناجم عن قيود الشحن والنقل قد تم نقله إلى المستهلكين.
وتفصيليا، تدهور مناخ الأعمال في ألمانيا مجددا خلال كانون الأول (ديسمبر) الجاري، في وقت تشهد فيه البلاد تسارعا في إصابات كوفيد - 19.
وذكر معهد إيفو للبحوث الاقتصادية في ميونيخ أمس، أن مؤشره لمناخ الأعمال في ألمانيا تراجع هذا الشهر بمقدار 1.9 نقطة مقارنة بالشهر السابق إلى 94.7 نقطة.
وبحسب البيانات، هذا هو التراجع السادس للمؤشر على التوالي، ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ شباط (فبراير) الماضي. وكان المحللون يتوقعون انخفاضا أكثر اعتدالا إلى 95.3 نقطة في المتوسط.
وقال كليمنس فوست رئيس المعهد "وضع الجائحة المتفاقم يضر بشدة بمقدمي الخدمات المتعلقة بالاستهلاك وتجار التجزئة"، وفقا لـ"الألمانية".
وتأتي هذه البيانات في أعقاب سلسلة من التقارير التي سلطت الضوء على التحديات التي ستواجه أكبر اقتصاد في أوروبا في ظل الموجة الرابعة من جائحة كورونا، التي واكبتها زيادة قياسية في أعداد الإصابات.
وقال فوست في مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرج"، "تكمن الصعوبة في أننا، في الواقع، لا نعرف مدى السوء الذي سيصل إليه المتحور "أوميكرون"، وأضاف "الصناعة ستتجاوز الموجة بشكل أفضل، لكن بالنسبة إلى الخدمات وتجارة التجزئة، فإنها مشكلة كبيرة".
واستطرد بالقول "إن الاقتصاد سيعاني انتكاسة خلال الربع الحالي والأشهر الثلاثة الأولى من 2022، قبل أن يستعيد زخما قويا بحلول الربيع، في ظل زيادة ملموسة في الإنفاق الخاص". وبحسب البيانات، تدهور مناخ الأعمال في قطاع الخدمات والتجارة بشكل كبير، وكذلك في قطاع البناء، بينما تحسن في القطاع الصناعي إلى حد ما.
وتراجع تقييم الشركات التي شملها المسح بالنسبة إلى كل من وضع أعمالها الحالي وتطلعاتها المستقبلية.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024