logo

تحديات مصيرية تواجه لبنان في 2022

10 يناير 2022 ، آخر تحديث: 10 يناير 2022
تحديات مصيرية تواجه لبنان في 2022
تحديات مصيرية تواجه لبنان في 2022

يحل العام 2022 ثقيلا على كاهل لبنان وهو يعيش أزمات دفعت أكثر من 80% من سكانه إلى ما دون خط الفقر، وإذا كان انهيار الليرة يتصدر المشهد الاقتصادي منذ نهاية 2019 فإنه يجرف معه شتى القطاعات، مما جعل هم اللبنانيين الأوحد توفير قوتهم بعدما أصبح صعب المنال لفئات كثيرة.

ويقف لبنان هذا العام أمام تحديات ترتبط بصياغة خطة تواجه الاضطرابات النقدية والمصرفية وتلتزم بشروط صندوق النقد الدولي وتعمل على معالجة أزمة الطاقة.

وهنا، تطرح الجزيرة نت 6 أسئلة حول أبرز التحديات الاقتصادية في 2022، ويستبعد مطلعون التوصل إلى حلول، وسط استعصاء سياسي وصراع انتخابي يعيق إنجاز إصلاحات مطلوبة دوليا من لبنان.

والضيوف هم: الكاتب والباحث الاقتصادي منير يونس، والخبير المصرفي علي نور الدين، والصحفي الاقتصادي أنطوان فرح.

  • ما مصير الليرة في 2022؟ 

سجلت الليرة مطلع 2022 انهيارا قياسيا جديدا في السوق السوداء الذي يتحكم بالقيمة الفعلية للعملة، ولامس سعر الصرف 30 ألفا للدولار الواحد، فانعكس تلقائيا على أسعار السلع الغذائية والمحروقات والأدوية، وهو انهيار تدريجي منذ نحو 3 أعوام، فيما تتعدد أسعار الصرف الرسمي للدولار وفق سلة من التعميمات التي يصدرها مصرف لبنان المركزي، ويعيش السوق النقدي فوضى، فأصبح ضبط الأسعار -التي ارتفعت تراكميا نحو 1500%- مستحيلا.

بدوره، يحمّل علي نور الدين مصرف لبنان مسؤولية كبيرة عن تدهور الليرة بسبب تعاميمه حول السحوبات النقدية بالدولار، لكن أنطوان فرح يجد أن الليرة تنحدر ولم تنهر كليا، وثمة مجال لإنقاذها، ويحمّل السلطة السياسية المسؤولية، ويرى أن تعاميم المركزي غير مؤثرة على الليرة و"تقترح حلولا جزئية لسحوبات المودعين".

أما نور الدين ويونس فيتوقعان مواصلة الليرة تدهورها في 2022 دون توقف وبلا سقف أمام الدولار الذي يشح بالأسواق، ويقول الأول إن غياب السياسة النقدية وتخبطها يضعفان قدرة الليرة على الصمود "لأن منصة المركزي لم تنجح كأداة للتداول النقدي، مقابل صعوبة توحيد وضبط سعر الصرف".

  • بعد خلافات عميقة قدر سعادة الشامي نائب رئيس الوزراء اللبناني رئيس لجنة التفاوض مع صندوق النقد في ديسمبر/كانون الأول 2021 خسائر الجهاز المصرفي بنحو 69 مليار دولار.
  • ويذكر منير يونس أن الخلاف حول التدقيق الجنائي بحسابات المركزي يعيق مسألة تحميل المسؤوليات بتبديد عشرات مليارات الدولارات، ويرجح في 2022 المضي باقتراحات كـ"لولرة" بعض الودائع الدولارية أي تحويلها إلى الليرة، وتوفير قليل من الدولارات (الحقيقية) للودائع الصغيرة.

    ويحمّل أنطوان فرح السلطة السياسية مسؤولية الخسائر التي تمثل توظيفات المصارف لدى المركزي، ويقسم مصير الودائع إلى جزأين:

  • الودائع الصغيرة، وحددها المركزي بـ50 ألف دولار، وجزء كبير منها تم استرداده عبر التعاميم بتفاوت نسب الهيركات (أي الخصم أو الاقتطاع القسري على الديون).
  • الودائع الكبيرة، وستتحمل الجزء الأكبر من الخسارة، مستندا إلى ما قاله الشامي "سنحاول الحفاظ على أصل الوديعة"، أي أن الهيركات سيكون كبيرا على الفوائد.
    أما علي نور الدين فيجد أن توزيع الخسائر يتوقف عند مقاربات اللجنة المكلفة للتفاوض مع صندوق النقد، وينقل معطيات حول 4 مقاربات أولية للجنة توزيع الخسائر:
  • الأولى: العودة زمنيا 3 سنوات لشطب الأموال التي حولت من الليرة إلى الدولار، وأن يشطبوا نصف الفوائد بالليرة التي دفعت آخر 8 سنوات بالدولار، وأن يكون سعر الصرف للدولار المعتمد 8 آلاف ليرة، لتقليص فجوة الخسائر بالدولار.
  • الثانية: مقاربة متعلقة بأصول الدولة، كخلق صندوق أو شركة للأصول العامة القابلة للاستثمار، وفتح الشراكة بين القطاعين العام والخاص مقابل استخدام عوائدها لسداد الالتزامات للمصارف، وبدورها تسدد المصارف للمودعين.
  • الثالثة: اقتراح بتحويل نسبة من الودائع أسهما بالمصارف، لردم الفجوة بين الالتزامات بالعملة الصعبة والموجودات.
  • الرابعة: تجميد الودائع والتعامل معها تدريجيا على الزمن الطويل وإعادة دفعها بالليرة عبر التعاميم.
  • وقال الخبير المصرفي إن "اللجنة لم تحسم خياراتها لتوزيع الخسائر، لكن طروحاتها توحي أن العملية لن تكون عادلة، وستحمّل المودعين وعموم الناس وأصول الدولة وقيمة الليرة أعباء الخسائر مقابل تعويم الميزانيات المصرفية".

  • هل يمكن إعادة هيكلة القطاع المصرفي في 2022؟ 

  • يعتبر أنطوان فرح أنه لا يمكن الشروع بهيكلة القطاع المصرفي قبل وضع خطة إنقاذية شاملة، وقال إن المودعين لا مصلحة لهم بهيكلة القطاع، لأن المصارف قد تتمكن لاحقا من إعادة تموضعها ذاتيا بما يتناسب مع حجم السوق>

  • ويجد يونس أن الخلاف حول قانون ضبط التحويلات والسحوبات (كابيتال كونترول) يصعّب هيكلة القطاع المصرفي، فيما المطلوب زيادة رساميله، وقال إن طرح معالجات بمصلحة المصارف موضع خلاف كبير حول كيفية هيكلة قطاع شبه مفلس، وتحديد من يبقى من البنوك ومن يدمج ومن يختفي.

    لكن نور الدين يرى أن المصارف بحاجة ماسة لهيكلتها، لأن حجمها قبل الأزمة أكبر من حجم الاقتصاد اللبناني، وتضخمت إلى درجة أعاقت لعب دور صحي، وتحول القطاع إلى عبء بدل أن يكون رافعة للاقتصاد.

    وقال إن المركزي يريد ترك القطاع لتصحيح نفسه، مستبعدا جديته بإعادة الرسملة "فيما المطلوب انتظام العمل المصرفي، للقيام بخدماته العادية وحفظ ورد مستحقات المودعين".

  • هل ستنجز الحكومة خطة التعافي الاقتصادية في 2022؟ 

  • يربط منير يونس عدم إنجاز الحكومة خطتها بالخلافات حول توزيع الخسائر، ولأن التعافي الاقتصادي يستوجب إصلاحات يطلبها صندوق النقد، على مستوى إقرار قانون الكابيتال كونترول وتحجيم القطاع العام وزيادة الضرائب والخروج من عجز الموازنة وخفض الاستيراد وتوازن ميزان المدفوعات وتوحيد وتحرير سعر الصرف.

  • ويجد نور الدين أن العامل الأهم في الخطة مصير الخسائر والودائع، ويتوقع أن تشمل إشراك القطاعين العام والخاص بملف الكهرباء، ووضع تصورات للمرفأ.

    ويستبعد الشروع في الخطة عام 2022 رغم أهميتها بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، وقال إن الخطة في ظل شلل الحكومة تحتاج إجماعا سياسيا غير متوفر فتصبح قابلة للإطاحة لاحقا.

    ويشير أنطوان فرح إلى أن الحكومة قادرة على إنجاز خطة تعافي تستند إلى خطة الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب شرط التوافق السياسي.

  • هل سيتمكن لبنان من التفاوض مع صندوق النقد الدولي في 2022؟

  • بعد بدء المحادثات التمهيدية يتوقع منير يونس إعلان اتفاق مبادئ مع الصندوق بالشهرين المقبلين، لكن التنفيذ مؤجل بحكم الصراعات السياسية.

    ويشير يونس إلى أن صعوبة إنجاز وتنفيذ الحكومة موازنة 2022 تعيق التفاوض، لأن صندوق النقد يريد تضمينها بنودا تزيد الإيرادات، والقوى السياسية تتخوف من زيادة بالضرائب والرسوم قبيل الانتخابات، علما أن صندوق النقد -وفق يونس- يطلب موازنات لـ5 سنوات تتضمن الإصلاحات، وصولا إلى مرحلة التعافي والنمو المستدام لرد قروض الصندوق.

    ويعتبر نور الدين أن المفاوضات قد تنطلق دون التوصل إلى تفاهم قبل النصف الأول من السنة، لكن نجاحها يعتمد على جدية الدولة اللبنانية وقدرتها على التنازلات والالتزام بأنواع إصلاحات يطلبها صندوق النقد، وهي "تتضارب مع مصالح كبار النظام السياسي والمصرفي".

  • هل سترتفع ساعات التغذية الكهربائية في 2022؟

  • وقّع لبنان في سبتمبر/أيلول 2021 اتفاقية جر الغاز المصري والكهرباء الأردنية مرورا بسوريا عبر "الخط العربي"، لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء اللبنانية، وأطلقت وزارة الطاقة اللبنانية نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021 مشروع صيانة خط الغاز العربي من قبل شركة "تي جي إس" (TGS) المصرية.

    وحتى الآن، ثمة ترقب لآلية تنفيذ الاتفاقية رغم إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لاستثناء المشروع من عقوبات "قانون قيصر" الذي يحظر التعامل مع السلطات السورية.

  • وكان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض صرح بأن الغاز المصري والكهرباء الأردنية يساهمان برفع ساعات التغذية لمدة 10 ساعات يوميا في غضون الأشهر المقبلة.

    وقال أنطوان فرح إن الحراك العربي والقبول الأميركي يوحي بجدية الدفع لتوفير الكهرباء للبنان "لكن توفيرها ورفع تعرفتها 20 ضعفا سيفاقم فقر اللبنانيين".

    ويلفت نور الدين إلى أن مصر تريد ضمانة خطية من واشنطن لعدم تعريضها لعقوبات بمرور الغاز من سوريا "فيما الجانب اللبناني يكتفي بالتطمينات الشفهية غير الكافية على المدى الطويل"، وإذا ذلل لبنان هذه العقبة -حسب رأيه- يصبح توفير الكهرباء ممكنا.

    ويشير منير يونس إلى وجود عقبات فنية لإصلاح خط الغاز من مصر وخطوط التيار من الأردن، وقد تستغرق وقتا لتجاوزها إذا أعطى الطرف الأميركي الاستثناءات النهائية من عقوبات قيصر.

  • ويذكّر يونس بوجود عقبة تمويل المشروع البالغ نحو 400 مليون دولار سنويا "إذ يشترط البنك الدولي لتوفير التمويل رفع تعرفة الكهرباء، لذا فإن وعد زيادة ساعات التغذية دونها مشكلات فنية ومالية وشعبية تستغرق أشهرا طويلة لحلها".

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024