logo

المصائب الاقتصادية لا تأتي فرادى

13 فبراير 2022 ، آخر تحديث: 13 فبراير 2022
المصائب الاقتصادية لا تأتي فرادى
المصائب الاقتصادية لا تأتي فرادى

يتوقع بنك إنجلترا أضعف نمو لدخول العمالة الحقيقية بعد خصم الضرائب منذ أكثر من 70 عاما، مع انخفاض 2 في المائة هذا العام، ونصف نسبة مئوية أخرى في 2023. هذه التوقعات المحبطة تجسد التحديات، التي تولدها بشكل حاد ارتفاع أسعار الواردات ومخاطر حدوث تضخم أكثر عمومية. من بين الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، يبدو أن المملكة المتحدة الأكثر تضررا. مخاطر التضخم تبدو مشابهة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة. لكن المملكة المتحدة أيضا مستورد صاف كبير للطاقة، خاصة الغاز، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير. ربما كانت الحكومة تأمل في أن يؤدي زوال غيوم الجائحة إلى اقتصاد مشرق، لكن، كالعادة، الأحداث أعاقت الطريق. يواجه الاقتصاد والشعب والحكومة أوقاتا عصيبة.
أشار تقرير السياسة النقدية، الذي أصدره البنك الأسبوع الماضي، إلى أن: "الضغوط التضخمية العالمية استمرت في الزيادة بشكل كبير، مدفوعة إلى حد كبير بالزيادات الحادة في أسعار الطاقة والتأثير التصاعدي لاختلال التوازن بين العرض والطلب على السلع القابلة للتداول، فيما يتعلق بأسعارها. على أساس مرجح في المملكة المتحدة، من المتوقع ارتفاع معدل تضخم أسعار الصادرات العالمية ربع السنوي، بما في ذلك الطاقة، إلى نحو 11 في المائة في الربع الرابع من 2022". لا تستطيع المملكة المتحدة استعادة السيطرة من الاقتصاد العالمي. اللافت للنظر أن الولايات المتحدة وحدها، التي ولدت تقريبا كل الزيادة في استهلاك السلع بين مجموعة الاقتصادات السبعة الرائدة العام الماضي. أدى ذلك، حينها، إلى حدوث اختناقات في الإمداد.
يتوقع البنك أن يبلغ التضخم ذروته عند 7.25 في المائة في نيسان (أبريل)، ثلاثة أرباع الزيادة كانت بين كانون الأول (ديسمبر) ونيسان (أبريل) الماضي بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والسلع، لكن لا تزال لديها مشكلة أكبر، تشبه مشكلة الولايات المتحدة. سوق العمل محمومة. ويعتقد البنك أن معدل البطالة أقل بالفعل من معدل التوازن. بشكل غير متوقع، أبلغت شركات عن صعوبات تواجهها في التوظيف وارتفاع عدد الوظائف الشاغرة. بشكل عام، يخلص التقرير إلى أن هناك طلبا زائدا في الاقتصاد، هذا يختلف عن الوضع في منطقة اليورو.
ما يزيد الأمر صعوبة أن ارتفاع أسعار الواردات، وخاصة الطاقة، يؤدي إلى خسارة اقتصادية عامة. كما تعلمنا في السبعينيات، يجب استيعاب هذه الخسائر. إذا لعب الناس لعبة "تمرير الطرد"، من خلال الإصرار على زيادة الأجور والرواتب لتعويض انخفاض الدخل الحقيقي، ستكون النتائج إما انخفاضا حادا في الأرباح، ما قد يضر الاستثمار، أو التسبب في دوامة تضخمية، الأمر الذي من شأنه أن يلحق الضرر بالجميع تقريبا.
الأسبوع الماضي، علق أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، على النحو الواجب: "نحن بحاجة إلى أن نرى اعتدالا في زيادة الأجور.. من أجل حل هذه المشكلة بسرعة أكبر". بالتأكيد، كانت هذه الملاحظة لا تحظى بشعبية وربما عديمة الفائدة، لكن من الناحية التحليلية، كان على حق. كلما زاد سعي أصحاب الأجور إلى استعادة قوتهم الشرائية في اقتصاد تضرر من هذه الخسائر المفروضة من الخارج، ارتفع التضخم وزادت قسوة الضغط النقدي اللازمة. رغبة بوريس جونسون في اقتصاد مرتفع الأجور ومرتفع النمو ليست ذات صلة. ما يثير القلق أن السياسة النقدية اللازمة للحد من مخاطر الجولة الثانية التضخمية ستنتهي في نهاية المطاف بأضرار اقتصادية أكثر مما يعتقده البنك، وفي الواقع أي شخص آخر الآن.
مع ذلك، هذا لا يتعلق فقط بالسياسة النقدية. تماما كما الحال في الولايات المتحدة، وإن كان بطرق مختلفة، السياسة المالية مهمة أيضا. هذه الحال بطريقتين مختلفتين. الأولى أن الحكومة هي الوحيدة التي تملك الوسائل للتخفيف من حدة الضربة الشديدة من الخسائر التي يفرضها ارتفاع الأسعار، خاصة الطاقة. الثانية ذات البعد الأوسع نطاقا أن الموقف المالي العام سيؤثر في الطلب الإجمالي، وبالتالي سيؤثر فيما يتعين على البنك فعله.
في الحالة الأولى، قدمت الحكومة مجموعة واسعة من الإجراءات، تركز على التخفيف من ارتفاع تكاليف الطاقة، مع إنفاق تسعة مليارات جنيه استرليني (0.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) العام المقبل. من ضمن الإجراءات خصم 200 جنيه استرليني على جميع فواتير الكهرباء بدءا من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي سيكلف 5.5 مليار جنيه استرليني. مع ذلك، سيستمر هذا لمدة عام فقط ويجب سداده لاحقا. إذا استمر ارتفاع أسعار الطاقة، من المرجح أن يعاني كثير من الناس، بل ويغرقون بعمق في الديون. سيتم تخصيص 150 جنيها استرلينيا إضافيا من الدعم للأسر ضمن أدنى أربع فئات تدفع ضرائب المجالس، بتكلفة 3.5 مليار جنيه استرليني، وفقا لمؤسسة ريزوليوشن الفكرية، حتى بعد خصم 200 جنيه استرليني، ستكون الزيادة السنوية في أسعار الطاقة- بعد القفزة في سقف الأسعار في نيسان (أبريل)- 39 في المائة.
هذه الحزمة غير موجهة في الاتجاه السليم، كثير من الفوائد ستذهب إلى الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى المال، وستفشل أعداد كبيرة من الفقراء في الحصول عليها، يرجع ذلك جزئيا إلى أن ضريبة المجلس لا تتماشى مع عصرنا، كونها تستند إلى قيمة العقارات في 1991. بشكل عام، سيظل العبء الملقى على عاتق الفقراء هو الأثقل، لأنهم ينفقون أعلى نسبة من دخولهم على الطاقة.
في الوقت نفسه، الزيادة المخطط لها في الاشتراكات في نظام التأمين الوطني، التي من المفترض أن تدفع مقابل الإنفاق الإضافي على الرعاية الصحية والاجتماعية، من المقرر أن تستمر. جادلت من قبل أنه لا يمكن الدفاع عن كل من الضريبة نفسها وسياسة الرعاية الاجتماعية التي تمولها. من المهم اليوم حقيقة أن هذه الزيادة في الضرائب ستضاف إلى تأثير ارتفاع أسعار الطاقة والسلع والخدمات الأخرى. قد يجادل متفائل بأن هذا المزيج من الضربات على الطلب سيسمح على الأقل أن يكون التشديد النقدي أصغر بكثير مما كان يجب أن يكون عليه. قد يرد متشائم بأن مثل هذه الضربة المتعددة ستجعل العمال أكثر تصميما على تعويض دخولهم الحقيقية المفقودة من خلال زيادة الأجور.
التضخم المرتفع والارتفاعات الحادة في تكاليف الطاقة والاقتصاد الضعيف أمور نعيشها الآن، الزيادة الضريبية الحمقاء، التي ستحدث ستجعل الأمر أسوأ. يتوقع البنك نموا 1.25 في المائة العام المقبل، ونسبة مئوية واحدة في 2024. وتأمل الحكومة في حدوث ما هو أفضل. ياللحظ العاثر!. الأوقات العصيبة هنا مرة أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024