logo

هل أوروبا في ورطة؟

15 مارس 2022 ، آخر تحديث: 15 مارس 2022
هل أوروبا في ورطة؟
هل أوروبا في ورطة؟

لا تزال الأزمة الروسية الأوكرانية تظهر تحديات جديدة تضاف إلى الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بالدرجة الكافية أعقاب جائحة كورونا، ومنذ 2020 والاقتصاديات المتقدمة والناشئة تطبق سياسات احتوائية وتحفيزية للمحافظة على التوازن الضروري للنمو والتوظيف، وكما جرت عادة صناع السياسات الاقتصادية سواء في السياسات المالية أو النقدية في نهاية كل دورة توسعية أو انكماشية، يشددون أسعار الفائدة أو يتساهلون بهدف الوصول إلى توازن بين المتغيرات الاقتصادية المختلفة، إلا أن هذه المرة ظهرت أزمات مزدوجة تجمع بين عوامل غير اقتصادية من الدرجة الأولى، فبعد الأزمة الصحية التي هددت سلسلة الإمداد العالمية، وما نتج عنها من تضخم وإرباك في الصناعة والغذاء العالمي وارتفاع الأسعار العالمية، ظهرت أزمة روسيا وأوكرانيا، وتعد الأزمة الأخطر على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وتأتي الأزمة في منطقة مؤثرة في الاقتصاد العالمي وتأثيرها يصل إلى عمق الاقتصاد الأوروبي الذي يعتمد على 40 في المائة من الغاز الروسي، وبشكل خاص دول ذات الوزن الاقتصادي الأعلى في الاتحاد الأوروبي وتستورد الغاز الروسي، مثل: ألمانيا وإيطاليا وبولندا، التي تعد سادس اقتصاد في الاتحاد الأوروبي من حيث الناتج المحلي، أما الدول الأصغر بالقرب من الأزمة، مثل: دول البلطيق "إستونيا"
و"ليتوانيا" و"لاتفيا" فتأثيرها عال، ووصلت معدلات التضخم في ليتوانيا إلى 12 في المائة. تشترك جميع الدول في العالم والاتحاد الأوروبي في معدلات التضخم المرتفعة، ولا سيما في الطاقة والغذاء والنقل.
نظريا تأثر الدول الأوروبية من الأزمة الروسية الأوكرانية أكثر من الولايات المتحدة إلا أن الدول الواقعة على شرق أوروبا التي تقع ضمن دول الاتحاد الأوروبي ستكون لها مطالب اقتصادية من الاتحاد تختلف عن الدول الواقعة غرب أوروبا، ولا تعاني معدلات تضخم مرتفعة، مثل فرنسا التي لا يتجاوز التضخم لديها 3.3 في المائة ومعدل ديون 115 في المائة من الناتج المحلي، أما الدول الأخرى التي لا تعاني تضخما، مثل البرتغال والسويد، فقد نرى مواقف محايدة من الأزمة ومن قرارات الاتحاد الاقتصادية. أما دول مثل إسبانيا التي تعاني تضخما أعلى من معدل الاتحاد 6.2 في المائة، وإيطاليا التي تعاني تضخما 5.1 في المائة وديونا 156 في المائة من الناتج المحلي، فستكون أكثر إلحاحا ووضوحا في المسائل الاقتصادية والأزمة الروسية الأوكرانية.
البنك المركزي الأوروبي سيكون أمام تحديات صعبة في مقاربة مصالح بعض الدول مع مصلحة الاتحاد بشكل عام، وقرارات رفع سعر الفائدة، ومراقبة حجم عجز الديون والتضخم، ما قد تجعل الاتحاد الأوروبي يتخذ قرارات متأخرة عن "الفيدرالي الأمريكي" إذا ما رفع أسعار الفائدة بسرعة، وفي الوقت نفسه الأوروبيون لا يزالون في وجه المدفع الروسي من حيث الآثار إذا تطورت الأزمة إلى استنزاف أو حرب مباشرة، وبالتالي فقدان مكاسب الإصلاحات والالتزامات الاقتصادية بين دول الاتحاد.

* نقلاً عن صحيفة "الاقتصادية".

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024