logo

هل تنجح البنوك المركزية في معركتها الشرسة ضد التضخم؟

27 سبتمبر 2022 ، آخر تحديث: 27 سبتمبر 2022
هل تنجح البنوك المركزية في معركتها الشرسة ضد التضخم؟
هل تنجح البنوك المركزية في معركتها الشرسة ضد التضخم؟

كشفت البنوك المركزية حول العالم عن مخالبها واتخذت موقفاً أكثر تشدداً، الأسبوع الماضي، إذ استخدمت لغة محددة لإعلان هدفها الوحيد المتمثل في التصدي لبلاء التضخم بدعم من ارتفاع أسعار الفائدة بحدة والتدخل في العملات.

وفي واحدة من أكثر التحولات المفاجئة في صُنع السياسة الاقتصادية العالمية منذ عقود زمنية، يقول محافظو البنوك المركزية إنهم اكتفوا من الارتفاعات السريعة في أسعار الفائدة ويصرون على استعدادهم للعمل على استعادة استقرار الأسعار بأي ثمن.

لكن بعد أسبوع حافل بالإعلانات المفاجئة من البنوك المركزية حول العالم، بدأ بعض خبراء الاقتصاد يتساءلون، هل تسرعت تلك البنوك في مثل هذه الخطوات كثيراً؟

كان بنك الاحتياطي الفيدرالي واحداً من أهم الأطراف في هذا التحول في المزاج؛ حيث رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.75 نقطة مئوية إلى نطاق يتراوح بين 3 % و3.25 % يوم الأربعاء الماضي، بعد أن كان هذا المعدل يقترب من 0 % في بداية العام الجاري، بحسب ما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.

أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى أن هذه الخطوة أبعد ما تكون عن نهاية تشديد سياسته النقدية؛ حيث توقع أعضاء لجنة تحديد أسعار الفائدة أن أسعار الفائدة ستتراوح بين 4.25 % و4.5 % بحلول نهاية عام 2022، وهي أعلى نسبة منذ الأزمة المالية العالمية.

في فصل الصيف، تحدث جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، عن ارتفاع تكاليف الاقتراض التي تنتهي ب «هبوط سلس» للاقتصاد دون ركود وانزلاق بسيط في معدلات التضخم، لكنه عاد واعترف يوم الأربعاء أن حدوث ذلك غير مرجح.

قال «باول»: «علينا التغلب على التضخم، وأتمنى لو كانت هناك طريقة غير مؤلمة لتحقيق ذلك».

لقد تكررت خطة الاحتياطي الفيدرالي للحد من الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات في محاولة لكبح التضخم المحلى في أماكن أخرى، رغم أن أسباب ارتفاع التضخم كانت مختلفة.

في أوروبا، تسببت الأسعار الاستثنائية للغاز الطبيعي في رفع معدلات التضخم الرئيسية إلى مستويات مشابهة للولايات المتحدة، لكن التضخم الأساس أقل كثيراً.

أما في الاقتصادات الناشئة، فأدى انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار الأمريكي، الذي سجل أعلى مستوى في 20 عاماً مؤخراً، إلى ارتفاع أسعار الواردات.

بدأ مصرف «ريكسبانك» إجراء التقليد الثلاثاء الماضي بزيادة 1 % في سعر الفائدة لتبلغ 1.75 %، وهي أكبر زيادة في سعر الفائدة منذ ثلاثة عقود زمنية.

كذلك، أعلنت سويسرا والسعودية والإمارات زيادة قدرها 0.75 %، الذي يعنى بالنسبة إلى سويسرا إنهاء فترة أسعار الفائدة السلبية التي بدأت في 2015.

ورفع البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة الرئيسي 0.5 % يوم الخميس ليصل إلى 2.25 %، وهو أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، مع وعود قريبة برفع أسعار الفائدة في المستقبل.

حتى اليابان، التي طالما تبنت معدلات فائدة سلبية، شعرت السلطات فيها بالحاجة إلى التصرف لكبح التضخم؛ حيث تدخلت وزارة المالية في أسواق العملات لدعم الين والحد من ارتفاع أسعار الواردات، وتطلب الأمر ما عُرف ب «الإجراء الحاسم» لمعالجة قوة الدولار التي كانت تدفع التضخم الأساسي بالبلاد إلى معدل مرتفع على نحو غير عادى بلغ 2.8 % في أغسطس.

أشار الاقتصاديون في «دويتشه بنك» إلى أنه مقابل كل بنك مركزي يخفض أسعار الفائدة حالياً حول العالم، هناك 25 بنكاً ترفع أسعار الفائدة، وهي نسبة أعلى كثيراً من المستويات العادية، ولم تحدث منذ أواخر التسعينيات، عندما مُنحت الحرية لكثير من البنوك المركزية لوضع سياستها النقدية.

قال ناثان شيتس، الرئيس العالمي للاقتصاد الدولي في «سيتي»، المسئول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية، إنَّ البنوك المركزية «تتحرك سريعاً لدرجة أنها مع فرض هذه الارتفاعات في أسعار الفائدة الفائدة، لم يكن هناك حقاً وقت كافٍ للحكم على آثار ردود الفعل في الاقتصاد».

تردد محافظو البنوك المركزية في الاعتراف بارتكابهم أخطأ بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة للغاية لفترة طويلة جداً، مشيرين إلى أن اعتماد هذه التقييمات كان أسهل كثيراً من خلال الاستفادة من الإدراك بعد فوات الأوان منه في الوقت الفعلى.

لكنهم يريدون الآن اتخاذ إجراءات لإثبات أنه، حتى لو تأخروا في اتخاذ إجراءات ضد التضخم، فإنهم سيكونون «أقوياء» كفاية لاستخدام كلمة بنك إنجلترا لخفض التضخم.

كان «باول» واضحاً بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يفشل في مهمته؛ حيث قال في حديثه يوم الأربعاء، إنه «سنظل وراءه التضخم حتى نتأكد من أن المهمة قد انتهت».

كان الموقف الجديد بشأن السياسة النقدية يتطور خلال 2022 وذلك عندما أصبحت مشكلة التضخم أكثر إلحاحاً وصعوبة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية.

وبحلول الوقت الذي اجتمع فيه كثيرون في جاكسون هول في أغسطس لحضور مؤتمرهم السنوي الأول، كان المزاج قد تحول بشكل حاسم نحو الإجراءات الكبرى التي يجرى تنفيذها الآن حول العالم.

من خلال رفع أسعار الفائدة، لا يسعى محافظو البنوك المركزية إلى خفض معدلات الفائدة في ذروة التضخم التي نشأت، خارج الولايات المتحدة؛ نتيجة ارتفاع أسعار الغاز والغذاء، لكنهم يهدفون إلى ضمان عدم استقرار التضخم عند معدل أعلى بشكل مزعج من أهدافهم، لكن ذلك قد يحدث إذا بدأت الشركات والموظفون في توقع تضخم أعلى، ما يرفع الأسعار ويحث المطالبة بأجور أعلى.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024