logo

انهيار العملات أمام الدولار يفاقم أزمات الغذاء والتضخم

01 نوفمبر 2022 ، آخر تحديث: 01 نوفمبر 2022
انهيار العملات أمام الدولار يفاقم أزمات الغذاء والتضخم
انهيار العملات أمام الدولار يفاقم أزمات الغذاء والتضخم

كشف تقرير حديث عن أن انكماش قيمة العملات في معظم الاقتصادات النامية يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود على نحو قد يفاقم أزمات الغذاء والطاقة التي يشهدها بالفعل كثير من هذه البلدان.

وأشار البنك الدولي في أحدث إصدار له من نشرة "آفاق أسواق السلع الأولية" إلى أن أسعار معظم السلع الأولية المحسوبة بالدولار تراجعت عن مستويات ذروتها بفعل المخاوف من ركود عالمي وشيك. ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي انخفض سعر نفط برنت الخام مقوماً بالدولار الأميركي بنحو ستة في المئة، لكن بسبب انخفاض قيمة العملات شهد قرابة 60 في المئة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية المستوردة للنفط ارتفاع أسعار "الذهب الأسود" بالعملة المحلية في خلال هذه الفترة، وشهد نحو 90 في المئة من هذه الاقتصادات أيضاً زيادة أكبر في أسعار القمح بالعملات المحلية مقارنة بزيادة الأسعار بالدولار الأميركي.

ويؤدي ارتفاع أسعار سلع الطاقة التي تعد من مستلزمات الإنتاج الزراعي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وخلال الفصول الثلاثة الأولى من عام 2022 بلغ معدل تضخم أسعار المواد الغذائية في منطقة جنوب آسيا في المتوسط أكثر من 20 في المئة. أما معدل تضخم أسعار الأغذية في المناطق الأخرى، ومنها أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء وشرق أوروبا وآسيا الوسطى فقد تراوح في المتوسط بين 12 و15 في المئة.

وكانت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ المنطقة الوحيدة التي انخفض فيها معدل تضخم أسعار المواد الغذائية فيما يعزى ذلك جزئياً إلى الأسعار المستقرة بوجه عام للرز، وهو الغذاء الرئيس في المنطقة.

أعلى مستوى لأسعار الغذاء في 5 سنوات

يقول نائب رئيس البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات بابلو سافيدرا إنه "على رغم أن أسعار كثير من السلع الأولية قد تراجعت عن مستويات ذروتها، فإنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمتوسطاتها خلال السنوات الخمس الماضية، وإذا حدثت قفزة أخرى للأسعار العالمية للمواد الغذائية، فإنها قد تطيل أمد تحديات انعدام الأمن الغذائي في مختلف البلدان النامية، ومن الضروري اتخاذ سياسات من أجل تعزيز إمدادات المعروض، وتسهيل التوزيع، ودعم المداخيل الحقيقية".

علاوةً على ذلك، شهدت أسعار الطاقة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا تقلبات كبيرة، لكن من المتوقع الآن أن تتراجع، وبعد ارتفاع أسعار الطاقة بنحو 60 في المئة خلال العام الحالي يتوقع أن تنخفض بنسبة 11 في المئة خلال العام المقبل. وعلى رغم هذا التراجع فإن أسعار الطاقة العام المقبل ستكون أعلى بنسبة 75 في المئة عن متوسطها في السنوات الخمس الماضية.

ويرجح أن يبلغ سعر خام برنت في المتوسط 92 دولاراً للبرميل في عام 2023، وهو أعلى بكثير من المتوسط البالغ 60 دولاراً للبرميل في السنوات الخمس الماضية. وينتظر أن تتراجع أسعار الغاز الطبيعي والفحم في 2023 من مستوياتها القياسية في 2022، ولكن بحلول 2024 يتوقع أن تبلغ أسعار الفحم الأسترالي والغاز الطبيعي الأميركي ضعفي متوسطاتها في السنوات الخمس الماضية، أما أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية فقد تزداد بمقدار أربعة أضعاف تقريباً. وتشير التنبؤات إلى أن إنتاج الفحم سيشهد زيادة كبيرة مع قيام بعض كبار المصدرين بتعزيز الإنتاج، مما يعرض تحقيق الأهداف المتصلة بمكافحة تغير المناخ للخطر.

ويرى رئيس الخبراء الاقتصاديين لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات ومدير مجموعة آفاق التنمية التابعة للبنك الدولي التي تصدر نشرة "آفاق أسواق السلع الأولية"، أيهان كوسي، أن "تضافر عوامل ارتفاع أسعار السلع الأولية والتراجع المستمر لقيمة العملات يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم في كثير من البلدان. ولا يتوافر لدى واضعي السياسات في الاقتصادات الصاعدة والاقتصادات النامية سوى مجال محدود لإدارة دورة التضخم العالمية الأشد وضوحاً منذ عقود. ويتعين عليهم التروي وتوخي الحذر في تحديد سياساتهم النقدية والمالية والإفصاح بوضوح عن خططهم والتأهب لمواجهة فترة قد تشهد مزيداً من التقلبات في أسواق المال والسلع الأولية العالمية".

3 أزمات تحاصر توقعات خفض الأسعار

ورجح البنك الدولي أن تنخفض أسعار الحاصلات الزراعية بنسبة خمسة في المئة خلال العام المقبل. وقد تراجعت أسعار القمح في الربع الثالث لعام 2022 بنحو 20 في المئة، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 24 في المئة عما كانت عليه قبل عام. ويعزى التراجع المتوقع لأسعار الحاصلات الزراعية في 2023 إلى تحسن محصول القمح العالمي على نحو أفضل من المتوقع، واستقرار إمدادات المعروض في سوق الرز، واستئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار المعادن بنسبة 15 في المئة خلال 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تراجع معدلات النمو العالمي والمخاوف في شأن تباطؤ اقتصادي في الصين.

وفي الوقت نفسه، تشوب مخاطر كثيرة آفاق أسعار السلع الأولية، كما تواجه أسواق الطاقة احتمال اشتداد المخاوف في شأن إمدادات المعروض، إذ إن المخاوف حول مدى توافر إمدادات الطاقة خلال فصل الشتاء المقبل ستزداد في أوروبا. وقد يؤدي ارتفاع أسعار منتجات الطاقة عن المستوى المتوقع إلى ارتفاع أسعار السلع الأخرى بخلاف منتجات الطاقة، لا سيما المواد الغذائية، مما يطيل أمد التحديات المرتبطة بانعدام الأمن الغذائي. وإذا اشتد تباطؤ معدلات النمو العالمية فإنه قد ينطوي أيضاً على مخاطر كبيرة، لا سيما على أسعار النفط الخام والمعادن.

يقول جون بافيز، وهو متخصص في الشأن الاقتصادي في مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي، إن "التنبؤات بانخفاض أسعار السلع الزراعية تتعرض لسلسلة كبيرة من المخاطر، أولاً، تعطل الصادرات من أوكرانيا أو روسيا قد يؤدي مرة أخرى إلى انقطاع إمدادات الحبوب العالمية، وثانياً، إذا واصلت أسعار الطاقة مزيداً من ارتفاعها فإنها قد تخلق ضغوطاً صعودية على أسعار الحبوب وزيوت الطعام، وثالثاً، قد تؤدي الأنماط المناخية غير المواتية إلى تقلص غلات المحاصيل الزراعية، ومن المحتمل أن يكون عام 2023 ثالث عام على التوالي يشهد ظاهرة النينيا، الأمر الذي قد يخفض غلات محاصيل رئيسة في أميركا الجنوبية والجنوب الأفريقي".

وأشار البنك الدولي إلى أن المخاوف في شأن حدوث ركود عالمي محتمل خلال العام المقبل تسببت في هبوط حاد لأسعار النحاس والألومنيوم. ومن المحتمل أن يستمر تقلب الأسعار مع تكشف خطوات التحول في مجال الطاقة، وتغير الطلب من أنواع الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما يعود بالنفع على بعض منتجي المعادن. وقال التقرير إن مصدري المعادن قد يحققون أكبر استفادة من الفرص المتأتية للنمو في الأمد المتوسط، وفي الوقت نفسه يمكنهم الحد من تداعيات تقلب الأسعار من خلال اعتماد أطر جيدة التصميم للسياسات المالية والنقدية.

 

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024