logo

من يتحمل مسؤولية اختفاء الرز من الأسواق المصرية؟

15 نوفمبر 2022 ، آخر تحديث: 15 نوفمبر 2022
من يتحمل مسؤولية اختفاء الرز من الأسواق المصرية؟
من يتحمل مسؤولية اختفاء الرز من الأسواق المصرية؟

شهدت الأيام الماضية في مصر أزمة نقص الرز وارتفاع أسعاره في الأسواق المحلية ليصل إلى نحو 16 جنيهاً (0.65 دولار أميركي) في المحال والسلاسل التجارية الكبرى، وقفزت في بعض الأماكن إلى حدود 19 جنيهاً (0.77 دولار).

من جانبها ضخت الحكومة المصرية كميات كبيرة من الرز عبر منافذها الرسمية تصل إلى 500 طن بالأسواق والمجمعات الاستهلاكية والسلاسل التجارية الكبرى.

اكتفاء ذاتي

 

وأكد مجلس الوزراء في بيان رسمي أن "مصر لديها احتياط استراتيجي من الرز يكفي الاستهلاك المحلي لمدة عام"، واصفاً الحديث عن وجود نقص في الكميات المعروضة من الرز في الأسواق بـ "الإشاعات".

وفي سبتمبر (أيلول) 2022 أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي أن "مصر تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الرز".

ورصد مجلس الوزراء المصري تداول بعض المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي أنباء تشير إلى وجود نقص في الكميات المعروضة من الرز الأبيض لدى الأسواق والمنافذ التموينية، موضحاً في بيان أنه "بعد التواصل مع وزارة التموين والتجارة الداخلية نفت بدورها تلك الأنباء"، مؤكدة أنه "لا صحة لوجود عجز في الكميات المعروضة من الرز الأبيض لدى الأسواق والمنافذ التموينية"، ومشددة على توافر جميع السلع الغذائية الأساس بشكل طبيعي ومن بينها الرز بكافة أنواعه، مع انتظام ضخ كميات وفيرة منه يومياً بجميع المنافذ التموينية بكل محافظات الجمهورية.

وأشار المجلس إلى توافر الرز الأبيض بسعر 10.5 جنيه (0.43 دولار) للكيلو بالمجمعات الاستهلاكية والمنافذ التموينية، بينما يتراوح سعره في الأسواق والسلاسل التجارية ومحال السوبر ماركت والميني ماركت من 12 جنيهاً (0.49 دولار) إلى 15 جنيهاً (0.61 دولار) للكيلو المعبأ، وحوالى 12 جنيهاً (0.49 دولار) للكيلو السائب.

أسباب متشابكة

 

وعن أسباب غياب الرز عن المحال يقول رئيس المجلس التصديري للرز مصطفى النجاري إن "الأزمة لا تتعلق بأحداث حالية وحسب بل تمتد إلى أسباب متشابكة تتعلق بمعدلات سعرية لتحديد سعر الرز الأبيض بالأسواق، علاوة على تغير حدث في أنماط الاستهلاك عند المصريين".

وأشار النجاري خلال حديثه لـ "اندبندنت عربية" إلى أن "الثوابت التاريخية تغيرت تماماً حول نمط الاستهلاك في الوجه القبلي مثل محافظات الصعيد التي تبدأ من محافظة بني سويف إلى أسوان، إذ تعتمد على أطباق المعكرونة ضمن الوجبة الأساس، وفي المقابل يعتمد سكان محافظات الوجه البحري مثل محافظات شمال ووسط وجنوب دلتا النيل على أطباق الرز"، مؤكداً أن "سكان الوجه القبلي يعتمدون في الوقت الحالي على أطباق الرز ضمن وجباتهم الأساس مما سبب ضغطاً كبيراً على الرز وارتفاع حجم الطلب عليه".

وتابع، "بدأت أزمة تسعير الرز بين الحكومة والمزارعين بعد أن حددت سعر توريد طن الرز إلى مخازنها عند 6500 جنيه (266.5 دولار) للطن الواحد، وهو ما يرفضه المزارعون ويعتبرونه سعراً غير عادل في ظل حال الغلاء والتضخم".

مزارع الدواجن

 

وطرح النجاري سبباً آخر للأزمة ارتبط باعتماد بعض أصحاب مزارع تربية الدواجن على الرز في التسمين بعد دمجه مع بعض الأصناف الأخيرة لتقليل فاتورة كلفة الإعلاف بعد ارتفاع الأسعار أخيراً.

وفي تلك الأثناء حذر رئيس شعبة الرز باتحاد الصناعات المصرية رجب شحاتة الفلاحين المخالفين والرافضين لتوريد الرز قائلاً إنه "في حال عدم الوصول إلى الكميات المطلوبة سيجري توقيع عقوبات على الفلاحين المخالفين"، موضحاً أنه "سيتم توقيع عقوبات تصل إلى 10 آلاف جنيه (410 دولارات) على الفدان، ولن يستلم الفلاح السماد الكيماوي وقد يجري تغليظ العقوبات لكل الممتنعين من توريد الرز لمضارب الحكومة". وأضاف أنه "تم طرح كميات كبيرة من الرز في الأسواق بسعر ما بين 12 و16 جنيهاً للمستهلك"، مشيراً إلى أن "الدولة تدعم زراعة الرز بتوفير المياه والأسمدة بأسعار مدعمة، كما تقدم الأسمدة المدعمة للفلاحين بنصف الثمن".

ويستهلك المصريون نحو 10 آلاف طن من الرز يومياً وهو ما يعادل 300 ألف طن شهرياً، مما يعني أن استهلاك الفرد سنوياً يصل إلى 40 كيلو من الرز.

وفي المقابل، نفى رئيس اتحاد منتجي الدواجن في مصر ثروت الزيني استخدام المزارعين الرز بديلاً عن لأعلاف لتسمين الدواجن، مؤكداً أن "الرز يستخدم بديلاً للذرة الصفراء، ويصل سعر الطن في الوقت الحالي 9400 جنيه (385 دولاراً)، بينما يصل سعر طن الرز خارج المضارب بنحو 11 ألف جنيه (451 دولاراً)، ولذلك يبقى عديم الجدوى الاقتصادية في الوقت الحالي، خصوصاً مع حدوث انفراجة في أزمة الأعلاف بعد الإفراج عن كميات كبيرة تصل إلى نحو 50 في المئة من الأعلاف العالقة بالموانئ المصرية".

وأشار إلى أنه "قد يستخدم بعض أصحاب المزارع الرز على نطاق ضيق بعد تمكنهم من الحصول على كميات من الرز من الفلاحين بأسعار معقولة.

وفي المقابل قال رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين عبد المنعم خليل إن "الوزارة ضخت أكثر من 500 طن أرز بالأسواق سواء في المجمعات الاستهلاكية التابعة للدولة أو السلاسل التجارية الكبرى"، موضحاً أن "الأزمة خلال الفترة الماضية كانت تتعلق برفض أصحاب المضارب استلام الرز وتقوم بفصل القشرة عن حبة الرز لتصلح للاستهلاك بسبب تدني الأسعار وبعد مفاوضات معهم وزيادة السعر قليلاً، عادوا للعمل من جديد، علاوة على ضم أصحاب المضارب الخاصة إلى المنظومة".

الأزمة تصل إلى مجلس النواب

 

أزمة نقص الرز وصلت إلى مجلس النواب المصري، إذ تقدم عضو مجلس النواب أيمن محسب بطلب إحاطة موجه إلى وزيري التموين والتجارة الداخلية والزراعة واستصلاح الأراضي في شأن مواجهة جشع التجار الذين يتعمدون إخفاء الرز من الأسواق بعد تسعيره من جانب وزارة التموين، وتوضيح حقيقة تراجع إنتاج الرز، بسبب تقليص المساحات المزروعة.

وأكد محسب في بيان صحافي أن "الرز يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية للدولة المصرية فهو طبق أساس على موائد المصريين، ويعتبر من المحاصيل التي تحقق فيها مصر اكتفاء ذاتياً، إذ يلبي الإنتاج المحلي حاجة الشعب المصري، لكن خلال الأيام الماضية ارتفعت أسعاره بشكل مبالغ فيه وغير مبرر، إضافة إلى اختفاء بعض الأصناف من السوق".

وأكد أنه "تلقى شكاوى من المواطنين في هذا الشأن"، مشيراً إلى اختفاء الرز من المتاجر بعد إعلان وزارة التموين عن تسعيره للسائب، وللمعبأ، وعلى رغم وجود غرامة تبدأ من 100 ألف جنيه (4100 دولار)، وتصل إلى 5 ملايين جنيه (205 آلاف دولار) لمن يحاول إخفاء سلعة من السوق، إلا أن ذلك لم يحقق الردع اللازم للتجار الذين يحاولون خلق أزمة من أجل تحقيق أرباحاً إضافية على حساب المواطن البسيط الذي أصبح محملاً بالأعباء".

ووفقاً لبيانات رسمية سمحت الحكومة المصرية لتسع محافظات بزراعة الرز في عام 2022، وهي محافظات الإسكندرية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد، وبلغ إجمال المساحة المصرح بها لزراعة الرز نحو 725 ألف فدان (نظام الري بالغمر)، إضافة إلى 200 ألف فدان من سلالات الرز الموفرة للمياه مثل الرز الجاف، علاوة على مساحة 150 ألف فدان تزرع على المياه ذات الملوحة المرتفعة نسبياً.

في وقت سابق توقع تقرير لوزارة الزراعة الأميركية انخفاض إنتاج مصر من الرز في 2021 - 2022 بنسبة تصل إلى 28 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما توقع أن يكون حجم الإنتاج 3.19 مليون طن في مقابل 4.4 مليون طن في 2021 – 2022، وعزا التراجع إلى تقلص المساحة المزروعة من الرز.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024