logo

"جنون الأسعار في غزة.. بين هندسة التجويع وغياب الرقابة"

21 يونيو 2025 ، آخر تحديث: 21 يونيو 2025
"جنون الأسعار في غزة.. بين هندسة التجويع وغياب الرقابة"**
"جنون الأسعار في غزة.. بين هندسة التجويع وغياب الرقابة"

 

*بقلم:أ.مصطفى رضوان*

*كاتب ومختص اقتصادي*

في ظل مشهد يومي من ركام المنازل والابادة وأصوات الجوع في المخيمات، تزداد قبضة الحصار الاقتصادي ضراوة،حيث يشهد قطاع غزة حالة من *الجنون السعري التصاعدي* في أسعار السلع الأساسية والمصنعة، نتيجة للحصار الإسرائيلي الخانق، وما يرافقه من *هندسة ممنهجة للتجويع* يمارسها الاحتلال ضد سكان القطاع. 

فأكثر من أربعة أشهر من الإغلاق التام لجميع المعابر، ومنع دخول المساعدات والبضائع سواء للإغاثة أو للتجار، أدّت إلى *شلل شبه كامل في النشاط الاقتصادي*. ومع غياب مصادر الدخل وارتفاع معدلات البطالة، اتّبع الاحتلال أسلوب "التقطير بعد التعطيش"، حيث بدأ بإدخال كميات محدودة من المساعدات دون السماح بوصولها للمخازن أو توزيعها بشكل منظم، مما عمّق أزمة *الندرة والعطش للبضائع* في الأسواق.

هذا الواقع خلق حالة من *الفوضى الاقتصادية والفلتان السعري*، خاصة مع غياب أي دور فاعل للحكومة في ضبط الأسواق. 

ونتيجة للطلب المتزايد على سلع تعتمد على مواد أساسية مثل الطحين والسكر والزيت، اتجه التجار إلى *شراء هذه المواد بكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة*، طمعًا في تصنيع منتجات (مثل الفطير، البوظة، الحلويات) وبيعها بهوامش ربح عالية.  

وفي النهاية، يتحمّل هذا العبء *المواطن الفقير* الذي لا يملك خيارًا سوى الشراء لتأمين قوت أطفاله.

*وللتخفيف من هذا الواقع المؤلم، نوصي بالخطوات التالية:*

1. *فرض سقف سعري موحد* على بيع المنتجات المصنعة (حلويات، مخبوزات، آيس كريم...) مع *تشديد الرقابة* والعقوبة على المخالفين، خاصة أن معظم نقاط البيع معروفة وثابتة وعددها محدود.

2. *تشكيل لجان أحياء شعبية* تكون مسؤولة عن متابعة المحال التجارية، وضبط الأسعار، والتبليغ عن أي تجاوزات بشكل مباشر.

3. *تشجيع المبادرات الأهلية والجمعيات الخيرية* على توزيع السلع الأساسية لأكبر عدد ممكن من المواطنين، وفقًا لمعايير *العدالة في التوزيع* وضمان الوصول إلى الأكثر احتياجًا.

4. *دعم منظومة المقايضة المجتمعية:*  

- تشجيع تبادل السلع والخدمات داخل الأحياء (مثلاً تبادل مواد غذائية مقابل خدمات أو سلع أخرى)، لتقليل الحاجة للنقد والتحكم في الأسعار.

*5. إطلاق حملات توعية للمستهلكين:*  

- توعية المواطنين بعدم التهافت على شراء كميات كبيرة (ما يرفع الطلب والأسعار).

- التثقيف حول بدائل السلع الباهظة بمنتجات منزلية الصنع أو أرخص تكلفة.

*6. تسعير تشاركي:*

- العمل مع عدد من التجار المعتدلين والمجتمع المحلي لوضع تسعيرة "عادلة" للسلع، تُراعي كلفة الشراء والقدرة الشرائية للمواطنين.

*7. دعم الإنتاج المنزلي والمبادرين:*

إن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل سيؤدي إلى مزيد من الانفجار الاجتماعي والمعاناة، ما يتطلب *تكاتفًا شعبيًا ومؤسساتيًا للوقوف في وجه هندسة التجويع الإسرائيلية، واستغلال التجار الجشعين لحاجات الناس*.

وختاما، المعادلة اليوم باتت واضحة: إمّا أن نقف صفًا واحدًا في وجه فوضى التجويع،أو نترك المواطن فريسة للجوع والاستغلال.

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2025