البنوك المركزية ترفع الفائدة.. ضغط عالمي على قروض المنازل والتمويل
تشهد الأسواق العالمية تحوّلات جوهرية في السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى، حيث تتجه إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة في مواجهة مستويات تضخم مرتفعة ومستدامة لم تشهدها عدة عقود.
هذه الزيادة المتتالية في تكلفة الاقتراض لا تقتصر على زيادة تكاليف القروض الشخصية والعقارية فحسب، بل تمس مباشرة الأسواق المالية، قطاع الإسكان، والقدرة الشرائية للمستهلكين في مختلف أنحاء العالم.
في الولايات المتحدة، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي عدة مرات خلال العام الحالي، مسعىً للسيطرة على التضخم الذي تجاوز 7%، وهو أعلى معدل منذ ثمانينيات القرن الماضي. هذا الرفع دفع معدلات الفائدة على القروض العقارية إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى تباطؤ ملموس في مبيعات المنازل الجديدة والمستعملة، كما شهد سوق البناء انخفاضًا في المشاريع الجديدة.
وفي أوروبا، يواجه البنك المركزي الأوروبي تحديات مماثلة، حيث قرر هو الآخر رفع الفائدة، وسط مخاوف من تضخم مرتفع وتأثيرات جانبية على النمو الاقتصادي. وبالرغم من أن الهدف الرئيسي هو تثبيت الأسعار، إلا أن الأثر المباشر يظهر في تباطؤ التمويل العقاري وزيادة تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات.
أما في آسيا والأسواق الناشئة، فتختلف الصورة بين دولة وأخرى، حيث تبقى بعض البنوك المركزية محافظة على أسعار فائدة منخفضة لدعم النمو، في حين تتجه أخرى إلى رفعها للتصدي لتضخم واردات الغذاء والطاقة.
تأثير هذا الواقع يمتد أيضًا إلى السوق العالمي بشكل أوسع، مع ارتفاع تكلفة الدين الحكومي والخاص، مما يعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في ظل تحديات النمو المتباطئ والتغيرات الجيوسياسية.
المحللون يحذرون من أن استمرار رفع الفائدة بشكل سريع قد يؤدي إلى تضخم في تكاليف الاقتراض، يعيق الاستثمارات ويزيد من مخاطر الركود الاقتصادي في عدة مناطق، خصوصًا إذا استمر التضخم دون تحسن ملحوظ.
في الوقت ذاته، تبقى الحكومات في تحدٍ لتقديم دعم اقتصادي يحمي الفئات الأضعف من تداعيات هذه السياسات، وسط دعوات لاتباع استراتيجيات أكثر توازنًا تأخذ بعين الاعتبار الاستقرار المالي والنمو المستدام.