هل يُنعش "الإسرائيليون" عقارات دبي؟
بمجرد أن أعلنت إسرائيل والإمارات العربية المتحدة عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية العام الماضي، رأت ميري فاسيليفسكي- بينتو أن فرصتها التجارية قد حان موعد قطافها.
فبناءً على فرضية أن الإسرائيليين سيبدؤون البحث عن صفقات بسوق العقارات المتعثرة في الإمارات العربية المتحدة، بدأت سيدة الأعمال، التي تتخذ من تل أبيب مقرّاً لها، بإنشاء شركة تلبي احتياجات هذه الشريحة من العملاء. وبعد أقل من 3 أشهر، حققت فاسيليفسكي- بينتو، التي تعيش ما بين إسرائيل وقطر، العديد من الصفقات العقارية.
وتصف، خلال مقابلة، سوق دبي حالياً بـ”الاستثنائي”، بسبب الأسعار المنخفضة وشروط الدفع المتساهلة. مُفصحةً أن مشروعها التالي هو البدء بتوفير رحلات إلى الإمارة للمستثمرين المحتملين.
طوق نجاة
تقدم قصة “فاسيليفسكي- بينتو” بارقة أمل لسوق العقارات الإماراتية، التي تحتاج لطوق نجاة، نظراً لوجود
فائض من المباني الجديدة، وبفعل النزوح الجماعي لآلاف المغتربين الناجم عن تفشي فيروس كورونا، ما يجعل الأسعار الآن قريبة من أدنى مستوياتها المسجلة أواخر عام 2012.
وعليه، قد يمنح وصول الإسرائيليين إلى دولة تفتخر بأنها تضم إحدى أكثر المدن شهرةً في العالم العربي، الإمارات العربية المتحدة ميزة تفضيلية مقابل منافسيها الخليجيين، وإن كانت لا تزال مثل هذه الميزة مثيرة للجدل بمنطقةٍ لا تعترف معظم بلدانها بالدولة ذات الأغلبية اليهودية.
ولا تقتصر آفاق الأعمال والاستثمار المستجدة بين إسرائيل على القطاع العقاري، حيث اتفقت الدولتان على التعاون بمجالات التكنولوجيا الزراعية ومكافحة وباء كورونا، لا بل دخلتا بشراكة لتطوير الأسلحة. وتتوقع إسرائيل أن تصل التجارة البينية مع الإمارات إلى 6.5 مليار دولار سنوياً عند وصول التعاون لمرحلة النضوج. في حين أنشأت الإمارات صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف القطاعات الاستراتيجية داخل إسرائيل.
وباعتبار أن التجارة لا تسير باتجاهٍ واحد، تتوقع غرفة تجارة دبي، بدورها، أن تفوق صادرات الإمارة إلى إسرائيل 4 مليارات دولار سنوياً، ما يُحوّل الدولة العبرية لأحد أكبر شركائها التجاريين.
أهلاً وسهلاً
غير أن موضع الترحيب الكبير بالمستثمرين الإسرائيليين قد تكون سوق العقارات في دبي، التي يُقدّر أن
يصل حجمها إلى 130 مليار دولار بحلول عام 2023، حيث تراجعت أسعار العقارات السكنية في الإمارة
بنسبة 40% تقريباً عن مستوياتها في 2014، مع الأخذ بالاعتبار معدلات التضخم، وفقاً لمجموعة “يو بي
إس” (UBS Group AG). في حين حذّرت وكالة “ستاندرد آندر بورز” للتصنيفات الائتمانية هذا الشهر من أن
رحيل حوالي 8.4% من سكان دبي عنها، بفعل تفشي فيروس كورونا، من المرجح أن يبقي ربحية شركات التطوير العقاري في دبي تحت الضغط.
لكن مع زيارة حوالي 130 ألف إسرائيلي لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تطبيع العلاقات في شهر
سبتمبر الماضي، فإن ذلك قد يُشكّل بالنسبة للشركات العقارية ضوءاً في آخر النفق. وبهذا الصدد، يرى
نيال ماكلوغلين، نائب الرئيس الأول لشركة “داماك” العقارية، إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في دبي،
أن الإسرائيليين يتطلّعون لشراء أو استئجار الوحدات العقارية قبيل معرض إكسبو 2020 الدولي، المزمع
عقده في دبي بدءاً من شهر أكتوبر المقبل.
طليعة الزبائن
لتلبية هذه الطلب المتوقع، بدأت شركة “داماك” ومنافستها شركة “إعمار” العقارية البحث عن متحدثين
باللغة العبرية لتوظيفهم، ونشر فرص الوظائف الشاغرة عبر الإنترنت لمرشحين يتمتعون بالمهارات اللغوية
المطلوبة. وعلى الضفة المقابلة، انتشرت إعلانات على مواقع الإنترنت الإسرائيلية تسوق لعقارات في دبي.. لم يكن من الممكن تصور كل ذلك قبل بضع سنوات.
يقول شاي كوهين، وهو إسرائيلي زار الإمارات مرتين قبل شراء شقة ذات غرفتي نوم بقيمة 250 ألف دولار
بمنطقة “تاون سكوير” في دبي: “لم يكن لدي أدنى فكرة عن وجود عقارات مميزة من هذا القبيل في
الشرق الأوسط، خارج تل أبيب، لقد كنت بحالة صدمة عندما اكتشفت ذلك بنفسي”.
دبي vs تل أبيب
قد يسهم الحضور المتزايد للمستثمرين الإسرائيليين بعكس الاتجاهات الأخيرة لسوق دبي العقارية.
ففي حين أدى التباطؤ لدفع الأسعار في دبي إلى ما أسماه بنك “يو ب إس” دورة انخفاض جديدة، دفعت سهولة
الحصول على التمويل وندرة المعروض من الوحدات السكنية بأسعار العقارات إلى الارتفاع في تل أبيب.
وبحسب مؤشر فقاعة العقار السنوي الصادر عن “يو بي إس”، فإن عقارات دبي أعلى بقليل من تصنيف
“أقل من قيمتها”، في حين يصنف أسعار عقارات تل أبيب على أنها “مبالغٌ فيها”.
ويوضح دانيال غولدشتاين، مدير “بيوشامب إستيتس” (Beauchamp Estates)، وهي شركة عقارات
متعددة الجنسيات مقرها تل أبيب: “يحب الإسرائيليون الأماكن غير المألوفة ويطاردون العوائد، والتي تُعتبر في دبي خصوصاً والإمارات عموماً أعلى بكثير ممّا يُمكن تحقيقه في أي مكان داخل إسرائيل”.
كل ذلك يُشكّل مصدر راحة لـسيدة الأعمال الإسرائيلية ميري فاسيليفسكي-بينتو، التي تُنوّه بأن “الأمور
تسير على ما يرام. لكن بهذه المرحلة حيث السوق جديدة كلّياً، لا بل حتى وقت قريب كانت من
المحرّمات، فإن الأمر يتعلق الآن بكسر الحواجز”.
كما يمكنكم متابعتنا على تويتر