واجه الكثير من الجامعات والمدارس الكبرى في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وأنحاء كثيرة من العالم خطر الإفلاس بسبب عزوف الطلبة الأجانب عن استكمال الدراسة في هذه المؤسسات التعليمية، التي غالبا ما تعتمد على رسوم عالية جدا لتأمين توازنها المالي.
ولفت تقرير لصحيفة لوفيغارو الفرنسية إلى أن وباء كورونا أصبح يمثل تهديدا لهذا النموذج الاقتصادي الذي بات أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
تعد أستراليا إحدى الوجهات التي يفضلها الشباب حول العالم لمتابعة دراساتهم الجامعية، غير أن أغلبية الطلاب الأجانب وعلى الخصوص حوالي 165 ألف طالب صيني كانوا مسجلين للدراسة في بداية العام الجاري لن يسجلوا العام المقبل، ما سيخفض مداخيل جامعات البلد بنسبة 21 في المئة وفق المنظمة الأوروبية يو- مولتيرانك.
وأدى وباء كورونا الذي منع العديد من الطلبة من متابعة دراساتهم في الخارج إلى تراجع مداخيل الجامعات في كل مكان حول العالم، إذ ينتظر أن تتراجع مداخيل الجامعات الأميركية بنسبة 7 في المئة، فيما من المتوقع أن تتراجع مداخيل جامعات دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 5 في المئة وفق يو- مولتيرانك.
وأما الجامعات البريطانية التي واجهت البريكست، فستعاني هي الأخرى، ووفق معهد الدراسات الضريبية البريطاني، فإن غياب حوالي 270 ألف طالب جامعي ينتظر أن يبدأوا دراستهم في الخريف المقبل سيؤدي إلى انخفاض مداخيل التعليم العالي في بريطانيا بنسبة 25 في المئة.
وقبل الأزمة كانت قيمة الرسوم التي يدفعها الطلبة الأجانب تصل إلى 7 مليارات جنيه إسترليني بحسب مركز الدراسات الضريبية، ما يمثل ربع المداخيل العام للتعليم العالي في بريطانيا.
ومنذ عقود أصبحت رسوم الدراسة التي يدفعها الطلبة الأجانب جزءا أساسيا في تمويل الجامعات، فالسويد والدنمارك حدّدتا رسوما خاصة لغير الأوروبيين، بينما بلجيكا وهولندا فقد رفعتا أعداد الطلبة الأجانب في جامعاتهما وفق الجمعية الأوروبية للجامعات.
وفي الولايات المتحدة، فجامعة نيوجيرسي على سبيل المثال تفرض رسوما أكثر مرتين من تلك الرسوم التي تفرضها على الطلبة المنحدرين من الولاية وتصل إلى 11500 دولار في كل فصل.
ويتردّد الكثير من الطلبة في التسجيل في بلد غير بلدهم خوفا من الوباء والحجر الصحي وفق فرانز فان فوت الذي يرأس يو- مولتيرانك، خصوصاً أنهم يتحملون علاوة على الرسوم، تكاليف الإطعام والسكن وتكاليف أخرى.
وعلاوة على ذلك، فالكثير من الجامعات التي أعلنت اعتماد التعليم الإلكتروني وبينها 75 في المئة من الجامعات الأميركية خفّضت أسعارها لاستيعاب هذا التغيير التنظيمي والاحتفاظ بعملائها غير القادرين على دفع رسوم الدراسة في الظروف الاقتصادية الحالية.
ففي كوريا الجنوبية قررت 40 في المئة من الجامعات تعويض جزء من رسوم الدراسة، وفي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لم تتضرر الجامعات كثيرا، ذلك أنها تعتمد بشكل كبير على المال العام أو الهبات، غير أن خفض الميزانية يهدد المؤسسات التي تجري ابحاثا وفق الجمعية الأوروبية للجامعات.
خطر الإفلاس
وعلاوة على انخفاض رقم الأعمال بسبب الطلبة الأجانب، تعاني عدة جامعات فقدان مداخيل أخرى مثل مداخيل المؤتمرات والندوات ما يعرضها لخطر الافلاس. فجامعة ميشيغان على سبيل المثال من المتوقع أن تخسر مليار دولار. وفي بريطانيا يتوقع أن تصل خسائر الجامعات على المدى الطويل ما بين 3 إلى 19 مليار جنيه استرليني، اي من 7.5 إلى 50 في المئة من مجموع مداخيل القطاع، وفق دراسة أعدها معهد الدراسات الضريبية.
وتواجه 13 جامعة بريطانية، تدرب 5 في المئة من الطلبة في البلاد، خطر الافلاس، إذ لم تجد هذه المؤسسات اي هوامش للتحرك لتقليص مصاريفها وفق الجمعية الأوروبية للجامعات. ووفق تقرير «لوفيغاو» فإن الجامعات ذائعة الصيت ستستطيع الخروج من الأزمة بأقل الأضرار، إلا أن الجامعات الصغيرة والكبرى ستكون الأكثر تضررا، حيث أسهم الوباء في إضعاف القطاع الذي يعاني أصلا.
ففي الولايات المتحدة أغلقت نحو 50 جامعة أو قررت الاندماج مع جامعات أخرى خلال السنوات القليلة الماضية، وتقريبا في كل العالم تسعى الجامعات إلى تقليص مصاريفها من خلال خفض مكافآت الأساتذة ورفع الرسوم، لدرجة أن خريجا كنديا على سبيل المثال ينهي دراسته وهو مدين في المتوسط بـ22 ألف يورو، رغم أنه عمل من أجل تمويل الدراسة والكلفة أسوأ بكثير بالنسبة للطلبة الأجانب.
مضاعفة الرسوم
في حديثه لـ«سي إن إن»، لفت البروفيسور سكوت غالوي الأستاذ في جامعة نيويورك إلى أن الجامعات الأميركية ضاعفت رسومها بـ2.5 مرة، مشيرا إلى أن وباء كورونا هو القطرة التي أفاضت الكأس ودفعت العائلة الأميركية إلى القول «كفى»، وأنهم لن يستطيعوا اليوم دفع 58 ألف دولار مقابل دروس على «زووم».
وقبل الأزمة أفاد تقرير اعدته جمعية The Hechinger Report بأن أكثر من 500 جامعة أميركية تواجه مشاكل مالية. وتكافح هذه الجامعات منذ نحو عشرة أعوام ضد خفض رسوم الدراسة وتراجع الدعم الحكومي.