logo

«توسياد»: أهداف السياسة النقدية التركية لن تتحقق والاقتصاد في انتظار أزمات أكثر

19 ديسمبر 2021 ، آخر تحديث: 19 ديسمبر 2021
«توسياد»: أهداف السياسة النقدية التركية لن تتحقق والاقتصاد في انتظار أزمات أكثر
«توسياد»: أهداف السياسة النقدية التركية لن تتحقق والاقتصاد في انتظار أزمات أكثر

حثت "توسياد"، وهي أكبر جمعية لرجال الصناعة والأعمال في تركيا، حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان أمس على التخلي عن سياستها النقدية المثيرة للجدل، القائمة على أسعار فائدة منخفضة تسببت في انهيار قيمة الليرة.
وبحسب "رويترز"، دعت الجمعية إلى العودة إلى "قواعد علم الاقتصاد".
وسجلت الليرة هبوطا قياسيا أمام الدولار الجمعة تحت وطأة مخاوف تضخم متصاعد، تسببت فيه سياسة أردوغان الجديدة في مواجهة قفزات في الأسعار.
وفي خضم الانخفاض المتواصل، فقدت الليرة نحو 55 في المائة من قيمتها هذا العام منها 37 في المائة في الأيام الـ30 الماضية.
وقالت "توسياد" في بيان "إنها حذرت الحكومة من الآثار السلبية لسياسة أسعار الفائدة المنخفضة"، مضيفة أن "المشكلات الاقتصادية تلحق الضرر بالشركات والمواطنين على السواء".
وجاء في البيان "نتيجة لعدم الاستقرار الذي نشهده في الأوقات الأخيرة صار واضحا أن الأهداف التي ينشدها هذا البرنامج الاقتصادي لن تتحقق".
وأضاف أنه "صارت هناك أجواء من الريبة وعدم الاستقرار، ومن المحتمل أن يتسبب النموذج الاقتصادي في مشكلات أكثر بكثير في المستقبل".
وقالت "توسياد" في البيان "حتى الصادرات التي يتوقع أن تكون المستفيد الأكبر من هذا البرنامج تضررت في ظل هذه الأجواء".
وهوت الليرة أمس الأول 8 في المائة إلى انخفاض قياسي جديد أمام الدولار، وسط مخاوف بشأن دوامة التضخم التي أحدثتها خطة الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع الأسعار.
ووصل سعر الليرة إلى 17.0705 للدولار، ما أدى إلى تدخل مباشر في السوق من جانب البنك المركزي لدعم العملة التركية المتعثرة في خامس تحرك له هذا الشهر لمواجهة ما وصفه بالأسعار "غير الصحية".
وأدى قرار أردوغان بالمضي قدما في خفض سعر الفائدة الرئيس 500 نقطة أساس منذ أيلول (سبتمبر) بما في ذلك خفض كبير آخر يوم الخميس، إلى ارتفاع التضخم إلى أكثر من 21 في المائة. ويقول خبراء اقتصاديون "إنه من المرجح أن يتجاوز التضخم 30 في المائة العام المقبل، بسبب ارتفاع أسعار الواردات وزيادة في الحد الأدنى للأجور".
وكانت الآثار غير المباشرة سريعة ومؤلمة، حيث شهد الأتراك مدخراتهم وأرباحهم تتلاشى.
وأعلن أردوغان زيادة 50 في المائة في الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرة "275 دولارا" شهريا العام المقبل، لكن من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة تضخم أسعار المستهلكين الإجمالية بمقدار 3.5 نقطة مئوية إلى عشر نقاط مئوية.
وحذر محللون من أن البنك يفقد وسائل الدفاع عن الليرة. ووجهت أزمة العملة ضربة قاصمة إلى الاقتصاد الناشئ، الذي يمر بمشكلات، الذي يتضرر بسببه عديد من الأسر في البلاد.
وكتب تيموثي آش، وهو محلل متخصص في القضايا المالية التركية في شركة "بلوباي آسيت مانجمنت" عبر موقع تويتر "فقدت الإدارة السيطرة على الاقتصاد الكلي".
ولم يكن انهيار الليرة التركية خلال العام الجاري سوى جزء من كارثة متوقعة. فالعملة التي كانت في وقت من الأوقات نجما صاعدا بين عملات الاقتصادات الصاعدة، تتراجع الآن نتيجة إصرار النظام التركي على خفض أسعار الفائدة رغم معدل التضخم المرتفع.
ويرى بوبي جوش المحلل الأمريكي أن تمسك النظام بخفض سعر الفائدة رغم أن ذلك يعني مزيدا من ارتفاع معدل التضخم، دفع بالعملة التركية إلى أقل مستوى لها أمام الدولار منذ 20 عاما، كما أضر بالاقتصاد التركي، الذي يعتمد على الاستيراد، ومع ارتفاع الأسعار، أصبح أغلب الأتراك يعانون من أجل توفير احتياجاتهم من الغذاء والسلع الأساسية الأخرى.
في الوقت نفسه، فإن أزمة العملة التركية تبدد ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد التركي. ويحذر المحللون من مزيد من الصدمات الاقتصادية، التي تنتظر تركيا خلال الفترة المقبلة، كما خفضت مؤسستا التصنيف الائتماني "إس آند بي ريتنجس" و"فيتش" تصنيفهما للديون السيادية التركية، إلى عالي المخاطر.
ورغم ذلك، يرى جوش في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء أنه لا المستثمرون الأتراك ولا الأجانب يتوقعون أي تغيير في موقف النظام التركي.
وإذا استمر تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، فستكون لذلك تداعيات جيوسياسية من الصعب التنبؤ بها. وبحسب تقديرات خدمة "بلومبيرج إيكونوميكس" للاستشارات الاقتصادية، فإن زيادة الفائدة بين 550 و800 نقطة أساس ستساعد على استقرار العملة التركية، رغم أن علاجا أقوى قد يصبح مطلوبا إذا استمر التضخم في الارتفاع.
وفي حين حقق الاقتصاد التركي نموا قويا بمعدل 21.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني من العام الجاري، تباطأ معدل النمو إلى 7.4 في المائة خلال الربع الثالث. لكن جموح الأسعار سيقلص الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي يحد من نمو الاقتصاد. لذلك يحذر كثير من المحللين من ركود اقتصادي خلال العام المقبل على غرار 2018، خاصة إذا استمر البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024