أدى التحفيز النقدي السخي إلى ارتفاع الأسهم الأمريكية منذ أن ضرب الوباء. قليلون سيقولون عكس ذلك. إذن، ماذا حدث عندما قال الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي إنه سيبدأ في التراجع؟ قفزت سوق الأسهم بالطبع.
في دورة الأخبار التي يهيمن عليها ارتفاع الأسهم الميمية والشركات غير المثبتة ذات التقييمات المليارية، يمكن أن تبدو مسيرة إس آند بي 500 التي لا يمكن إيقافها على ما يبدو مثالا آخر على الوفرة غير المنطقية في الأسواق.
أغلق مؤشر الأسهم الأمريكية القياسي متجاوزا أعلى مستوى له أكثر من 60 مرة هذا العام، وهو ثاني أعلى رقم على الإطلاق، ولا يزال أمامه متسع من الوقت لمزيد قبل نهاية الشهر. على الرغم من حدوث اضطرابات قصيرة - كما حدث بعد اكتشاف المتحور أوميكرون الشهر الماضي - إلا أن كلا منها تبعته حالات انتعاش حادة ومزيد من الأرقام القياسية.
أولئك الذين يعتقدون أن ما يرتفع يجب أن ينخفض أصبحوا قلقين. لكن وفقا لبعض المقاييس، يبدو مؤشر إس آند بي وكأنه رهان أكثر منطقية مما كان عليه في بداية العام.
وفقا لجوناثان جولوب، كبير محللي الأسهم الأمريكية في "كريدي سويس"، "هناك ميل طبيعي للقول إن ’السوق غالية الثمن، انظروا إلى أي مدى قد وصلنا‘ لكن هذه طريقة ساذجة للنظر إلى الأشياء. كانت الأرباح على مدار الـ16 شهرا الماضية أقوى بكثير من حركة أسعار إس آند بي".
على أساس معدل السعر إلى الأرباح في الـ12 شهرا الماضية هبط تقييم المؤشر من ذروة بلغت أكثر من 30 ضعفا للأرباح في نهاية 2020 إلى 23.9 في نهاية الربع الثالث من هذا العام، وفقا لبيانات بلومبيرج.
هذا النمط هو سبب كبير وراء شعور عديد من المستثمرين بالتفاؤل بشأن التوقعات لـ2022، حتى مع تباطؤ معدلات النمو بشكل حتمي.
وفقا لـ"فاكت سيت"، من المتوقع أن تزيد الأرباح في إس آند بي 500 45.2 في المائة خلال 2021، مدعومة بنمو قوي في الإيرادات 15.8 في المائة وهامش ربح صاف قياسي مرتفع يبلغ 12.6 في المائة.
تم دعم هذه الأرقام من خلال بعض المقارنات السهلة، بالنظر إلى النتائج التي تم الإبلاغ عنها في النصف الأول من 2020 على وجه الخصوص. لكن مع أن الشركات ستواجه مقارنات أكثر صعوبة في العام المقبل، إلا أن التوقعات المجمعة لا تزال أعلى من المعتاد، يتوقع المحللون نمو الأرباح 9 في المائة - مقارنة بمتوسط عشرة أعوام البالغ 5 في المائة - ونمو الإيرادات أكثر من ضعف المعدل الطبيعي. عشرة أعوام بمتوسط 7.3 في المائة.
كما يجب أن تكون المكاسب واسعة النطاق، حيث من المتوقع أن تشهد جميع القطاعات، باستثناء قطاع واحد، نموا في الأرباح. الاستثناء الوحيد هو القطاع المالي، حيث ستكون المقارنات منحرفة لأن أرباح هذا العام تم تعزيزها من خلال عكس المليارات من الدولارات من مخصصات التخلف عن السداد في حالات الطوارئ التي تم اتخاذها في أعماق الموجة الأولى من الوباء.
لذلك فإن المستثمرين واثقون من أن تنبؤات الأرباح يجب أن تترجم إلى عوائد مناسبة في سوق الأوراق المالية دون أن ترتفع مضاعفات التقييم إلى مستويات أكثر إثارة للإعجاب.
قال جوريان تيمر، رئيس الاستراتيجية الكلية في " فيديليتي إنفستمنتس"، "نمو الأرباح، وهوامش ربح قوية، وعائدات قوية والكثير من عمليات إعادة شراء الأسهم - كل ذلك يصنع مزيجا قويا من أسعار الأسهم".
زيادة سنوية بأرقام أحادية عالية، كما هو متوقع من قبل "فيديليتي" ومديري الأصول الرئيسين الآخرين مثل "نورثرن ترست"، قد تبدو ضعيفة بعض الشيء بالنسبة للمتداولين المبتدئين الذين انجذبوا إلى الاستثمار في ذروة الوباء، لكنها ستكون قوية بالمستويات التاريخية.
حتى المتفائلون يقرون بالمخاطر التي تهدد هذه النظرة المتفائلة. كريس شيبلي، رئيس قسم الأسهم الأساسية في "نورثن ترست أسيت مانجمنت"، متفائل بشأن توقعات هوامش الربح والربحية، لكنه يعترف بأن "الموضوع الذي يتحدث عنه الجميع هو التضخم".
ارتفعت أسعار المنتجين الأمريكيين بأسرع وتيرة على الإطلاق الشهر الماضي. حتى الآن، تمكنت الشركات من تعويض الضغط عن طريق فرض مزيد من الرسوم على المستهلكين الذين لا يزالون غارقين في المدخرات المتراكمة أثناء الإغلاق، لكن الزيادة المستمرة يمكن أن تقوض هوامش الربح.
في هذا السياق، فإن ردود الفعل على تصريحات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة تبدو منطقية أكثر. قدمت لهجة الرئيس جاي باول المتشددة بعض الطمأنينة للمستثمرين بأن البنك المركزي لن يسمح للتضخم بالخروج عن السيطرة، دون تغيير جذري في سياسته طويلة الأجل. تبدأ المعدلات من قاعدة منخفضة، حتى بعد استكمال دورة الارتفاعات المتوقعة، ستظل عند مستويات منخفضة وفقا لمعايير ما قبل الأزمة المالية.
من غير المرجح أن تتكرر ارتفاعات أرباح هذا العام لفترة من الوقت. على حد تعبير تيمر، إذا كانت الدورة الاقتصادية تشبه الفصول، فعندئذ "نحن في أوائل الخريف"، مع النمو على منحدر طويل محتمل. لكن إذا تمكن الاحتياطي الفيدرالي من الحفاظ على توازنه، فإنه يعتقد أنه لا يزال هناك بعض الوقت قبل حلول فصل الشتاء. "بلغ نمو الأرباح ذروته في 2010 بعد الانهيار، تباطأت من هناك لكنها ظلت إيجابية لأعوام عديدة (...) اعتمادا على السياسة النقدية والظروف المالية، يمكن أن يستمر مسار الأرباح الإيجابي والمتباطئ هذا لعدد من الأعوام".