أدى انتشار فيروس كورونا وعواقبه، خاصة فقدان فرص العمل، إلى زيادة أعداد من يحتاجون إلى المساعدة للحصول على قوت يومهم في الولايات المتحدة، ما يشير إلى أن جائحة الجوع في أمريكا ما زالت تزداد سوءا.
ويقول آدم مينتر الكاتب الأمريكي في تقرير نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء "إن الأمريكيين اعتادوا مع بداية جائحة كورونا على أن يصطفوا طوال ساعات خارج بنوك الطعام، في انتظار فرصتهم للحصول على المواد الغذائية".
وكثيرون منهم عانوا انعدام الأمن الغذائي قبل تفشي فيروس كورونا، وعشرات الملايين من الأمريكيين الآخرين انضموا إلى صفوف المحتاجين لمثل هذه المساعدات. وبفضل التدخل الفيدرالي العاجل فقط تم تجنب حدوث أزمة جوع خطيرة في 2020.
ويضيف مينتر أنه "مع الأسف حتى مع انحسار الجائحة إلى حد ما، ما زالت هناك مجموعة من العوامل ما زالت تحول دون إمكانية إيجاد كثير من الأمريكيين ما يكفيهم من الطعام. وتلك الضغوط ما زالت تمثل عبئا على بنوك الطعام في الولايات المتحدة. ومع استمرار الجائحة، تزداد مهمة تلك البنوك صعوبة وتكلفة. ولضمان ألا تؤدي تأثيرات الجائحة إلى انخفاض عدد طاولات الطعام في الشتاء، يتعين على الكونجرس العمل على زيادة عدد الجمعيات الخيرية التي توفر الغذاء للأمريكيين".
ويمكن القول "إن انعدام الأمن الغذائي هو حالة يفتقر فيها الأفراد والعائلات إلى القدرة على الحصول على الطعام الكافي لتوفير حياة صحية لهم".
وفي 2019 كان هذا التوصيف ينطبق في وقت ما على 10.9 في المائة من الأمريكيين، أو نحو 35 مليون شخص. وساعدت برامج مثل برنامج "طوابع الغذاء" على خفض تلك الأعداد. وكذلك فعلت بنوك الطعام.
وذكر مينتر أنه على الرغم من مثل هذه المساعدات، ما زال انعدام الأمن الغذائي قائما. فعندما تفشى فيروس كورونا وما أسفر عنه من عواقب اقتصادية، وجدت التركيبات السكانية الفقيرة بالفعل نفسها في حاجة خاصة إلى المساعدة.
وكذلك الحال بالنسبة إلى العاملين الجدد، الذين انخفضت ساعات عملهم بدرجة كبيرة، واضطر أولياء الأمور إلى البقاء في المنازل بسبب إغلاق المدارس ودور الرعاية النهارية. وكان الضغط على بنوك الطعام شديدا للغاية: ووفقا لمنظمة فيدنج أمريكا الخيرية ارتفع عدد الأشخاص المحتاجين للطعام إلى 60 مليونا في 2020، بزيادة 50 في المائة عن العام السابق.
وفي مواجهة ذلك، اتخذ الكونجرس مجموعة من الإجراءات العاجلة، بما في ذلك توسيع نطاق الاستفادة من برنامج طوابع الطعام وبرامج توصيل الوجبات للمدارس. لكن بالنسبة إلى بنوك الطعام، كانت الخطوة الأكثر أهمية هي ضخ 1.2 مليار دولار في برنامج المساعدات الغذائية العاجلة، الذي بمقتضاه تشتري وزارة الزراعة الغذاء من المزارعين وتقوم بتوزيعه على الولايات.
وفي 2020، أتاح هذا البرنامج وغيره من البرامج الفرصة لمنظمة فيدنج أمريكا والجهات التابعة لها توزيع 2.5 مليار وجبة. وحققت تلك المساعدات الكثير: فرغم الجائحة، والصعوبات المرتبطة بها، لم يرتفع حجم انعدام الأمن الغذائي في 2020.
من ناحية أخرى، قام بنك الطعام "سكند هارفست " الإقليمي بتوزيع نحو 200 مليون رطل من الطعام منذ بداية الجائحة. ورغم ذلك، لم ينخفض الطلب. وقالت أليسون أوتول المسؤولة التنفيذية للبنك "إن الإقبال على البنك ما زال يزيد 25 في المائة عما كان عليه قبل الجائحة"، وهو ما ذكرته بنوك الطعام الأمريكية الأخرى.
وأكدت أوتول أن أسوأ حالات أزمة الجوع بسبب كورونا لم تنته بعد.
واستشهدت بكثير من العوامل المصاحبة لذلك، ومن بينها زيادة معدلات المصابين بكورونا في المستشفيات، وإنهاء خدمات برنامج البطالة الطارئة وطوابع الطعام، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما لا يلحق الضرر فقط بالأفراد والعائلات، لكن يؤثر أيضا في بنوك الطعام التي تعتمد على التبرعات التي انخفضت 30 في المائة، ومشترياتها الخاصة من الأغذية التي زادت أسعارها.
وأوضح مينتر أن الحكومة ساعدت في 2020 على سد مثل هذه الثغرات. لكن كثيرا من تلك البرامج انتهى العام الماضي، بينما انتهت في الغالب أيضا التبرعات الخاصة. وزادت بنوك الطعام من مشترياتها الخاصة 58 في المائة مقارنة بـ2020، لكن زيادة الأسعار وعدم انتظام سلاسل الإمداد، كانت وراء انخفاض تلك المشتريات عما كانت عليه من قبل، ما يهدد بعدم توفير الغذاء لأولئك الذين ليس بمقدورهم شراؤه.
وأضاف مينتر أن "الولايات المتحدة تواجه متحورات جديدة وشتاء آخر مع كورونا، ويمثل هذا أزمة تلوح في الأفق لا يمكن أن تتجاهلها الحكومة".
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يوفر الكونجرس ملياري دولار أخرى لبرنامج المساعدات الغذائية العاجلة في 2022، تقول بنوك الطعام في أمريكا - بقيادة منظمة فيدنج أمريكا - "إن هذا المبلغ غير كاف لمواجهة الموجة الحالية لمن يحتاجون إلى المساعدة".
وتسعى البنوك للحصول على 900 مليون دولار إضافية للمساعدة على توفير المواد الغذائية فيها، والوفاء بالطلب المستمر على خدماتها.
واختتم مينتر تقريره بالقول "إن طلب البنوك منطقي، ويتعين على الكونجرس الموافقة عليه. لكن هذه التدخلات العاجلة لا بد أن تدفع إلى مزيد من التحقيقات حول كيفية وسبب استمرار وجود انعدام الأمن الغذائي كمشكلة مزمنة منذ عقود، لم يفعل فيروس كورونا شيئا سوى أنه زادها سوءا".