logo

نقص زيت الطعام في تركيا.. شائعة كاذبة أم حقيقة؟

13 مارس 2022 ، آخر تحديث: 13 مارس 2022
GettyImages-493652014.webp
نقص زيت الطعام في تركيا.. شائعة كاذبة أم حقيقة؟

أطلق ناشطون أتراك وسم (AcGozluVatansizlar) الذي يعني "الجشع بلا وطن" للتعليق على شائعات سرت في الشارع التركي مفادها أن مخزون زيت الطعام في البلاد يكفي لشهر ونصف الشهر فقط.

وجاء هذا الوسم بعدما تصدر وسم سابق بعنوان (YagFiyatlari)، ويعني "أسعار الزيت"، على منصة تويتر في تركيا عقب إعلانات رسمية عن أن مخزون زيت عباد الشمس في البلاد قد لا يكفي حتى منتصف أبريل/نيسان القادم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وخلال الأسبوع الماضي، تهافت الأتراك على شراء زيت الطعام من المحال والمخازن التموينية بغية تخزينها في منازلهم استباقا لفقدانها المزعوم من الأسواق.

وعلق المغردون على الطوابير التي تهافتت على شراء الزيت بأنها قدمت صورا غير حضارية، وفتحت الباب للتجار لممارسة الجشع ورفع الأسعار.

فما حقيقة نقص زيت الطعام في تركيا؟ ما أصل الشائعات حول ذلك؟ وكيف يتعامل السوق التركي معها؟ وكيف علق عليها الأتراك؟ وما المطلوب للتعامل مع أزمة الزيت؟ وما آفاق حلها؟

الأصل في الإشاعة

خرجت إشاعة فقدان زيت القلي من إحدى القنوات التلفزيونية المحسوبة على المعارضة التركية تحت عنوان مفاده أن مخزون تركيا من الزيت بالكاد يكفيها لشهر ونصف الشهر، مما خلق حالة من الهلع لدى المواطنين الذين انطلقوا إلى محلات البقالة والمتاجر لشراء كميات كبيرة منه.

ووفقا لمراقبين، فقد أسهم سحب بعض المتاجر معروضها وتخزينه بهدف استغلال ارتفاع أسعار الزيت المتوقع في إقناع المستهلكين بشح مخزون الزيت، الأمر الذي دفعهم للتوافد على شرائه في طوابير علق النشطاء عليها بالقول إن "الحرب في أوكرانيا لكن آثارها في تركيا".

بيانات وإجراءات

لكن مسؤولين أتراكا فندوا ما ذكرته القناة، مؤكدين أن مخزون بلدهم من الزيت يكفيها لستة أشهر، وكشفوا أن أنقرة وقعت عقود شراء آجلة للزيت بعد انقضاء الشهور الستة.

وللتخفيف من تصاعد ارتفاع أسعار الزيت بسبب تصاعد الإقبال على شرائه، ألغت الحكومة التركية الرسوم الجمركية المفروضة على الزيوت النباتية حتى 30 يونيو/حزيران المقبل.

وقال وزير المالية التركي نور الدين نباتي في تصريحات الاثنين الماضي إن مخزون الزيت يكفي تركيا حتى يوليو/تموز المقبل، متعهدا بتنفيذ حملة لمحاسبة من يتلاعبون بأسعار الزيت ويخزنونه ويحتكرونه.

أما وزير الزراعة والغابات التركي فأكد أنه لا صحة للشائعات حول عدم كفاية مخزون زيت دوار الشمس، مشيرا إلى أن أنقرة لديها كميات كافية من الاحتياطات.

وأعلنت المديرية العامة للشؤون البحرية التركية أن 4 سفن محملة بزيت عباد الشمس انطلقت من الموانئ الروسية إلى تركيا، ومن المتوقع أن تصل أولاها ميناء مرسين على البحر الأسود يوم 15 مارس/آذار الجاري وعلى متنها 6099 طنا من الزيت.

وتتجه تركيا لتغيير مصادر وارداتها من زيت دوار الشمس بحيث تحل كل من بلغاريا ومولدوفا ورومانيا والأرجنتين مكان روسيا وأوكرانيا، تجنبا لتداعيات الحرب بين البلدين على واردات تركيا من الزيت.

وبحسب بيانات رسمية من جمعية مصنعي الزيوت النباتية التركية، فإن أنقرة تنتج سنويا 1.5 مليون طن من زيت دوار الشمس تشكل نصف حاجة السوق المحلية التي تبلغ 3 ملايين لتر.

سلوك المستهلك

وقال الخبير في الاستثمارات بتركيا خالد ديار بكرلي إن اللافت في أزمة السوق في تركيا يتعلق بسلوك المستهلك الذي بات يعاني من انعدام الثقة وسهولة إثارته بالإشاعة دون أن يتحقق منها، مبينا أن لهذا السلوك تداعيات سلبية على الاقتصاد.

وأوضح ديار بكرلي للجزيرة نت أن المطلوب حاليا هو العمل على رفع وعي المستهلك وطمأنته تجاه وضع السوق، وتوضيح تداعيات الأزمات الدولية ابتداء من كورونا إلى الحرب الأوكرانية، التي انعكس ضررها على معظم دول العالم وعلى تركيا الواقعة في قلب العاصفة، وفقا لتعبيره.

ورأى أن الحل لمثل هذه السلوكيات يكمن في عمل مشترك بين أداء حكومي شفاف يرفع ثقة المستهلكين ووعي المواطن وتقديره للظروف الحالية وإدارة معيشته اليومية، دون نسيان التجار الذين يجب أن يكونوا على قدر المسؤولية، وإذا قاموا بالعكس فعلى الدولة أن تضبطهم.

وتستورد تركيا أكثر من 65% من احتياجاتها من زيت دوار الشمس من روسيا وأوكرانيا، ويعتبر بحر آزوف بين الدولتين المتحاربتين أهم منطلق لتحميل صادرات الزيت إلى تركيا، وبلغت نسبة صادرات الزيت الروسي إلى تركيا في العام الماضي 50.6% من مجمل واردات تركيا من الزيت، مقابل 14.6% من أوكرانيا و11.5% من بلغاريا و7.5% من مولدوفا و6.3% من رومانيا و9.5% من جهات أخرى.

وفرة المخزون

من ناحيته، يؤكد الخبير في الاستثمارات التركية يوسف يني تورك أوغلاري أن الزيت ما زال متوفرا بشكل كامل وبكل مراكز البيع أو حتى على تطبيقات البيع الإلكترونية، لافتا إلى أن سعي البعض لركوب "موجة الترند" بغض النظر عن صحته فاقم من تهافت المواطنين على شراء الزيت.

وأوضح أوغلاري أن هناك تباينا في الأداء بين تجار الزيت وأصحاب المحال التي تبيعه، والذين استغل بعضهم الأزمة وتعامل مع زيادة الطلب كفرصة لزيادة الأرباح عبر رفع الأسعار، في حين أخذ البعض الآخر منهم على عاتقه توعية المستهلكين وأخذ زمام المبادرة في تهدئة السوق.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن بعض أصحاب المحال رفضوا بيع أكثر من عبوة واحدة لكل مواطن، للحد من انقطاع هذه المادة وتكديسها لدى جزء من المواطنين، في حين أعلن تجار آخرون عن منح عبوات زيت مجانية (5 لترات) مع كل منتج يتم شراؤه من متاجرهم لمواجهة أجواء الإشاعة بنقص الزيت.

مطالب وحلول

ويعتقد يني تورك أوغلاري أن توعية المواطنين بالضرر الاقتصادي من تخزين المواد الغذائية وانعكاسه المباشر على باقي فئات الشعب وعلى أسعار هذه المواد، يمثل أهم خطوات التعاطي مع أزمات السوق المحلي.

كما يطالب بتنفيذ الدولة حملات تفتيش على الكميات والأسعار، وخصوصا على أصحاب المحال والتجار الذين يحاولون تخزين هذه المادة في مستودعاتهم طمعا في جني المزيد من الأرباح، وبفرض حصص شهرية من الزيت لكل عائلة لمنع التخزين وضمان توفير هذه المادة لجميع المواطنين.

ويقول إن على الحكومة إطلاق برامج تشجيعية كمنح أراض مجانية أو إعفاءات ضريبية كاملة لزراعة دوار الشمس داخل تركيا بكميات أكبر من التي يتم زراعتها حاليا، على الأقل لتخفيف الاعتماد على هذه المادة من خارج تركيا.

ويعتقد أوغلاري أن على التجار البحث عن أسواق بديلة لتأمين كميات الزيت الكبيرة الواردة للبلاد بعدما تشبعت مطابخ المستهلكين بالزيت الذي تم شراؤه وتخزينه خلال هذه الأزمة.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024