logo

حالات عدم يقين كبرى تخيّم على سوق النفط

23 مارس 2022 ، آخر تحديث: 23 مارس 2022
8-1638620627.jpg
حالات عدم يقين كبرى تخيّم على سوق النفط

أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط؛ حيث لا يُظهر الاضطراب في أحد أهم أسواق السلع الأساسية في العالم أي علامات على اقترابه من نهايته، مما أثار حالات من عدم اليقين.

وفي تقرير لها، قالت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، إن تقلبات أسعار النفط بالأسواق العالمية تعكس التفاعل القائم بين القوى الجيوسياسية والاقتصادية التي تعصف بالعالم اليوم، بدءًا من الحرب وصولًا إلى ارتفاع أسعار الفائدة وفيروس كورونا، مشيرة إلى أنه حتى بعد الصراع في أوكرانيا؛ فهناك 3 مصادر كبرى لعدم اليقين في سوق النفط.

وبلغ سعر برميل نفط خام برنت قريبا من 114 دولارا في 22 مارس/آذار الجاري، مقارنة بسعره في بداية الحرب الروسية عند 94 دولارًا تقريبًا، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين، تراجع سعره من 128 دولارًا إلى 98 دولارًا.

أولا: العقوبات على روسيا وتأثيرها على واردات النفط

وتبين الصحيفة أنه في المقام الأول؛ فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا، وحظرت الولايات المتحدة واردات النفط الروسي، وحتى في البلدان التي لم تتخذ نفس الخطوة؛ يكافح المشترون المحتملون للتعامل مع الوسطاء الماليين الروس الذين انقطعت عنهم الإمدادات المالية العالمية نتيجة للعقوبات، وهم يخشون فرض عقوبات جديدة.

ونقلت الصحيفة عن الوكالة الدولية للطاقة قولها إن الأسواق الدولية قد تواجه عجزًا قدره 3 ملايين برميل من النفط يوميًّا اعتبارًا من أبريل/نيسان نتيجة لذلك، مبينة أن الفجوة بين أسعار خام برنت ونفط الأورال أبرز مثال على الاضطراب في السوق العالمية.

وتشير الصحيفة إلى أن هذا يمنح السعودية والإمارات العربية المتحدة نفوذا هائلا باعتبارهما البلدين الأكثر قدرة على تعويض جزء كبير من النفط الروسي، ولكن حتى الآن، قاوم البَلدان مناشدات لزيادة الإنتاج بشكل كبير، في وقت أكدت منظمة أوبك وحلفاؤها (بما في ذلك روسيا) خططهم الحالية لزيادة الإنتاج الإجمالي بمقدار 400 ألف برميل يوميًّا.

ثانيا: قدرة إنتاج النفط الصخري الأميركي على سد النقص

وتتابع الصحيفة قائلة إن حالة عدم اليقين الثانية فتتعلق بقدرة إنتاج النفط الصخري الأميركي على سد النقص في الإمدادات، فخلال الطفرة التصديع المائي الأولى (عمليات تكسير هيدروليكية للصخور الزيتية)، التي استمرت من عام 2010 إلى عام 2015، ارتفع الإنتاج الأميركي، مما تسبب في انخفاض أسعار النفط وإضعاف سيطرة أوبك، ولكن وضع الاقتصاد الأميركي تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين، مما ترك المحللين الصناعيين متشككين من أن النفط الصخري يمكن أن يرتقي إلى مستوى التحدي.

وتشرح الصحيفة أنه في البداية؛ كانت شروط التمويل أقل تشجيعًا مما كانت عليه خلال طفرة الإنتاج بين عامي 2010 و2015، ومن المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام والعام المقبل؛ حيث تراجعت عوائد سندات الخزانة لمدة عامين بنسبة 2%، مقارنة بمستويات بلغت أقل من 1% والتي استمرت خلال معظم فترات الازدهار الماضية.

وتلفت الصحيفة إلى أن نقص العمالة يمثل عائقًا آخر للإنتاج في الولايات المتحدة، فقد كان هناك ما يزيد قليلا على 128 ألف شخص يعملون في استخراج النفط والغاز في الولايات المتحدة في فبراير/شباط، مقارنة بأكثر من 200 ألف عامل في أواخر عام 2014، ومع بلوغ معدل البطالة 3.8% وكفاح أرباب العمل لملء الوظائف الشاغرة بالفعل، فإن العثور على عشرات الآلاف من العمال للانتقال في جميع أنحاء البلاد لن يكون عملا سهلا.

وتستطرد الصحيفة قائلة إن مواقف الصناعة تغيرت أيضًا؛ حيث أصبح كل من المنتجين الأميركيين ودائنيهم المحتملين أكثر حذرًا بشأن الاقتراض، وأضحت البنوك ومديرو الأصول ملتزمين بمعايير بيئية أكثر صرامة، وهذا هو أحد العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف.

ثالثا: المخاوف بشأن الطلب

تنوه الصحيفة إلى أن المشكلة الأكثر إزعاجًا لتقلب أسعار النفط تتعلق بالطلب، حيث يتم اختبار إستراتيجية "القضاء على الفيروس" في الصين إلى حد بعيد، فقد سجلت البلاد أعلى مستوى من الإصابات منذ بدء الوباء، وتم حبس عشرات الملايين من الناس في شنغهاي وشنجن اللتين تعتبران من أهم مراكز التصدير بالبلاد، فيما يشير مركز "بلاتس أناليتيكس" لأبحاث للسلع الأساسية إلى أن القيود قد تخفض الطلب على النفط بمقدار 650 ألف برميل يوميا في مارس/آذار الجاري، وهو ما يعادل تقريبًا إنتاج فنزويلا من النفط.

وترى الصحيفة أنه حتى قبل بدء عمليات الإغلاق؛ كانت هناك علامات مقلقة على تباطؤ الاقتصاد الصيني، ولا سيما في قطاع العقارات، فقد انخفضت عائدات مبيعات الأراضي، التي تعتبر أهم دخل للحكومات المحلية الصينية، بنسبة 30%، على أساس سنوي، في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.

ومؤخرًا بلغ مؤشر سوق الأوراق المالية هانغ سنغ أدنى مستوى له منذ 5 أعوام، حيث انخفض بنحو 50% منذ بداية الوباء، وفي الوقت نفسه، تكافح السلطات من أجل كبح جماح النفوذ في قطاع العقارات ورغبتها في الحفاظ على نمو الاقتصاد بشكل ثابت، وأي علامة على تزايد التباطؤ في أكبر مستورد للطاقة في العالم يعني المزيد من الاضطرابات في أسواق السلع.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024