قال وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد إن الوضع في تونس لا يمكن مقارنته بلبنان، في إشارة إلى تصريحات سعادة الشامي نائب رئيس الوزراء اللبناني بشأن إفلاس الدولة والمصرف المركزي اللبناني.
ويثير الوضع في لبنان مخاوف في تونس أيضا من اشتداد الأزمة المالية في ظل وضع اقتصادي دقيق وضغوط من المؤسسات المالية الدولية، للبدء بإصلاحات تشمل أساسا الدعم الحكومي والمؤسسات العمومية وكتلة الأجور وأعداد الموظفين.
لكن الوزير سمير سعيد قلل من هذه المخاوف، وقال لإذاعة "جوهرة" الخاصة، إن البنك المركزي التونسي يعمل بكل استقلالية للمحافظة على التوازنات المالية الكبرى، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح الوزير أن البنك حافظ على سيولة كافية في خطوة لتفادي التوسع في تمويل الموازنة عبر الأوراق المالية أو التسبب في تضخم مصطنع.
كما حث الوزير على ضرورة تحسين مناخ الاستثمار للتمكّن من رفع معدل النمو وتقوية إيرادات الدولة لتغطية المصاريف الجارية.
في السياق ذاته قال وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي إن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، تستدعي البحث بشكل مستعجل عن مصادر مختلفة للوقود، أو زيادة أسعارها تدريجيا، لتتمكن المالية العمومية من مجابهة هذه التداعيات.
جاء ذلك، في تصريح للوزير التونسي اليوم الاثنين، لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة، لتقديم مخرجات دراسة أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول تأثيرات جائحة كورونا، وانعكاسات الحرب على اقتصاد تونس، كما نقلت وكالة الأناضول.
وأقرت الحكومة خلال فبراير/شباط الماضي رفع أسعار الكهرباء والمحروقات، في ظل ارتفاع أسعار النفط وتجاوزه 100 دولار للبرميل.
وفي 18 فبراير/شباط الماضي، قالت وزيرة الصناعة والطاقة نائلة نويرة إن الزيادات في أسعار الطاقة التي أقرتها الحكومة كخطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية غير شعبية، يطالب به المُقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي.
وأوضح الوزير التونسي أن بلاده تعيش تحت أثر التراجع الاقتصادي الذي شهدته في 2020، بعد تراجع نسبة النمو لأول مرة إلى انكماش 8.8%.
وقال إن الاقتصادات المتقدمة تمكنت خلال 2021 من الرجوع إلى نفس مستويات النمو التي تم فقدانها خلال 2020، في حين لم تتمكن تونس من استرجاع سوى 3.1% من نسبة النمو في 2021.
وأكد وزير الاقتصاد أن الحرب الروسية الأوكرانية عززت الأزمة الاقتصادية، مبينا أن تداعياتها ملموسة، ولهذا تمّ تشكيل خلية أزمة لدراسة هذه التداعيات.
ويواجه الاقتصاد التونسي أزمة هي الأسوأ منذ استقلال البلاد في خمسينيات القرن الماضي، بسبب عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وتداعيات جائحة كورونا، وسط مطالبات للسلطات بالقيام بإصلاحات اقتصادية.
وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، تشهد تونس منذ 25 يوليو/تموز الماضي أزمة سياسية حين بدأ الرئيس قيس سعيّد باتخاذ إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان (قبل أن يقوم بحله الأربعاء الماضي) وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وحل المجلس الأعلى للقضاء.
وتتوقع وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني أن يصل حجم الدَّين العام في تونس إلى 84.0% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، وإلى 84.7% في 2023.
كما تتوقع أن يستمر العجز في ميزانية تونس عند مستويات مرتفعة في حدود 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بنسبة 7.8% العام الماضي 2021.