ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا بظلالها السلبية على شركات المقاولات الإنشائية في قطاع غزة، والذي يعاني أصلا من تداعيات الحصار الإسرائيلي المُمتد لأكثر من 15 عاما.
وأصيب قطاع الإنشاءات في غزة بحالة من الشلل والركود غير المسبوق، جرّاء الارتفاع العالمي في أسعار مواد البناء، وخاصة الحديد، والإسمنت، والألمنيوم.
ويعدّ هذا القطاع المُشغِّل الأكبر للأيدي العاملة في غزة بحسب اتحاد المقاولين الفلسطينيين.
ومنذ عام 2007 تفرض إسرائيل حصارا على سكان قطاع غزة، نجم عنه تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية والمعيشية ووصول معدل البطالة إلى 50 في المئة.
يقول ناجي سرحان، وكيل “وزارة” الأشغال العامة والإسكان في حكومة حركة حماس، أن ارتفاع أسعار مواد البناء يؤثر بشكل كبير على قطاع المقاولات ومشاريع الإنشاءات. ويضيف “هذا الارتفاع أدى لانتكاسة لدى المقاولين الذين يقومون بإنشاء مباني ومشاريع”.
ويرى أن حالة الركود في قطاع الإنشاءات من شأنه أن “ينعكس على أسعار بيع العقارات في غزة”.
مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار يؤثر على الدورة الاقتصادية في قطاع غزة بأكمله نظرا لضعف وصغر حجم اقتصاده الذي يتأثر بكافة المتغيرات. ويقول رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين في قطاع غزة، علاء الأعرج، أن “كارثة حقيقية أصابت قطاع الإنشاءات في الأراضي الفلسطينية، جراء ارتفاع أسعار مواد البناء ومشتقات البترول عالمياً”.
ويضيف أن “الأزمة الأوكرانية رفعت أسعار المعادن والبترول ومشتقّاته، بنسبة تصل إلى 15 في المئة، إلا أن الأراضي الفلسطينية شهدت ارتفاعا مضاعفا بالأسعار وصل إلى أكثر من 30 في المئة”.
وأشار إلى أن سعر الطن الواحد من الحديد ارتفع بنسبة 36 في المئة، في حين وصلت نسبة الارتفاع بسعر الطن الواحد من الألومنيوم إلى 25 في المئة، أما الطن من النحاس فقد ارتفع سعره 30 في المئة.
وذكر الأعرج أن مادة “البيوتمين”، التي تُستخدم في تحضيرخلطات الطرقات والإسفلت، فقد وصلت نسبة ارتفاع سعرها إلى 58 في المئة.
واستكمل قائلا “الأزمة الأوكرانية أثرت بشكل كارثي على شركات المقاولات، خاصة لمن لديها عطاءات قيد التنفيذ (تم توقيفها في الفترة التي سبقت ارتفاع الأسعار)، مع مؤسسات دولية أو محلية”.
ولفت الأعرج إلى أن المؤسسات رفضت تعديل سعر مواد البناء الموجود ضمن العطاءات، وفق المستجدات الحالية، ما اضطر شركات المقاولات لوقف العمل لشهر كامل إلى أن حُلّت الأزمة.
وأرجع سبب وقف العمل إلى “انعدام قدرة شركات المقاولات على الاستمرار في العمل، في ظل الخسائر الفادحة التي كانوا يتكبدونها جراء ارتفاع الأسعار”.
وقال أيضاً إن التجار الفلسطينيين “رفعوا أسعار المواد الخام التي تتواجد داخل مخازنهم بشكل مضاعف، خشية شرائها من الخارج بسعر مرتفع، ومن ثم تنخفض بشكل مُفاجئ، مُسببّة خسائر فادحة لهم”.
وذكر أن شركات المقاولات “إما أن تواصل العمل ضمن العقود التي وقعت عليها، وتتحمل فروق الأسعار، أو تتوقف عن العمل”. غير أنه أشار إلى أن “توقف شركات المقاولات عن العمل، لن يوقف عدّاد التكاليف، نظرا لوجود كفالات وتأمينات ومصاريف إدارية ورواتب موظفين، بحيث تُطالب الشركة بسدادها”.
ووفق الأعرج، فإن عدد شركات المقاولات في الأراضي الفلسطينية يبلغ نحو ألف شركة، من بينها 400 في قطاع غزة، لا يتجاوز عدد الشركات العاملة منها 200.
وأضاف “خلال العامين الماضيين، اللذين تزامنا مع كورونا، خرجت نحو 100 شركة نهائيا من السوق”.
ولفت إلى أن كل شركة مقاولات توفر فرص عمل لنحو 500 إلى ألف عامل وموظّف سنوياً، ما يعني أن الشركات العاملة بغزة توفّر نحو 200 ألف فرصة عمل سنوياً. وأشار إلى أن أي توقّف في الشركات العاملة حاليا، سيؤدي إلى انضمام أعداد كبيرة من العمّال إلى جيش البطالة.