logo

رفع أسعار الفائدة الفيدراليةكيف سيؤثر على الأسواق؟

23 يونيو 2022 ، آخر تحديث: 23 يونيو 2022
رفع أسعار الفائدة الفيدراليةكيف سيؤثر على الأسواق؟
رفع أسعار الفائدة الفيدراليةكيف سيؤثر على الأسواق؟

في العام الماضي أصبح ارتفاع التضخم ظاهرة عالمية وزاد الصراع بين روسيا وأوكرانيا من هذا الضغط، وفقًا لآخر تقديرات صندوق النقد الدولي، سيظل التضخم العالمي مرتفعًا لفترة أطول مما كان متوقعًا في السابق ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة، في الوقت الحالي تجاوز معدل التضخم نسبة 5% في 60% من الاقتصادات المتقدمة وتخطي معدل التضخم نسبة 7% في أكثر من نصف اقتصادات الأسواق الناشئة.

لقد أصبح التضخم يهدد كل جانب من جوانب الاقتصاد العالمي كما أصبح مصدر قلق أساسي بالنسبة لكثير من دول العالم، إذا استمر التضخم المرتفع فقد يؤثر على توقعات السوق ويزيد من صعوبة السيطرة عليه. 

لهذا كان من الضروري على الاقتصادات المتقدمة اتخاذ اجراءات تشديدية في سياساتها النقدية، وفي مقدمتهم البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي بواقع 50 نقطة أساس، وعلى الرغم من أن الهدف من تشديد السياسة النقدية هو السيطرة على معدلات التضخم المتسارعة في الدول المتقدمة إلا إنه يعمل على تدهور بيئة التمويل الدولية خاصة في الدول التي لديها مستويات ديون مرتفعة وأساسيات اقتصادية هشة، من بين ما يقرب من 70 دولة ناشئة ونامية، وقع حوالي 10% في أزمة سداد الديون كما أن 50% يواجهون صعوبات ديون شديدة.

ومع رفع سعر الفائدة الفيدرالي ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنحو 8% حتى الآن في عام 2022، ليصبح عند أعلى مستوى له في 20 عام، يشكل ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي خطرًا مزدوجًا على الدول المدينة بالعملات الأجنبية، إذا تغير الوضع في الأسواق المالية العالمية  وأسواق تداول الأسهم فقد تواجه هذه الدول أيضًا تدفقات في رأس المال الخارجة، مما يتسبب في مزيد من ضغوط التمويل. 

كما أدى تأثير الصراع الروسي الأوكراني على السوق المالية الدولية إلى زيادة مخاطر الهشاشة المالية في بعض الدول، مما زاد من خطر حدوث تشديد حاد في بيئة التمويل العالمية وتدفقات رأس المال الخارجة، بالإضافة إلى ذلك، أدت جائحة كوفيد -19 إلى تقليص حيز السياسة المالية في العديد من الدول، سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة الضغط على الحيز المالي للدول النامية.

يبدو الآن أن آفاق النمو الاقتصادي لمختلف الدول ستظهر تمايزًا واضحًا، بالمقارنة مع الاقتصادات المتقدمة عانت الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من صدمات اقتصادية شديدة وطويلة الأجل من الوباء، وفقًا لصندوق النقد الدولي سيكون متوسط ​​معدل النمو لهذه الدول في عام 2022 نحو 3.8% وهو أقل بكثير من متوسط ​​معدل النمو السنوي البالغ 5% في العقد السابق للوباء، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يظل نموها الاقتصادي أقل من اتجاهه السابق للوباء خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. 

إن الدول منخفضة الدخل ولا سيما الفئات الضعيفة هي الأكثر تضررا من عوامل مثل التوزيع غير المتكافئ للقاحات وارتفاع أسعار الوقود والغذاء، وفي الوقت نفسه، ستزداد فجوة الدخل الفردي بين الدول النامية والاقتصادات المتقدمة.

البنوك المركزية تتبع البنك الاحتياطي في رفع أسعار الفائدة

أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه لشهر مايو وهي المرة الأولى منذ عام 2000 التي يتم رفع المعدل بنحو 50 نقطة أساس، وفي الشهر نفسه، رفع البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس إلى 1% في أعلى مستوى له منذ فبراير 2009 والمرة الرابعة منذ ديسمبر، كما أعلنت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا عن رفع أسعار الفائدة.

وفقًا لآخر الأخبار، تقترب دورة رفع سعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي، حيث قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي “كريستين لاغارد” إن البنك المركزي الأوروبي سينهي مشترياته من السندات في بداية الربع الثالث من هذا العام، مع قرار برفع أسعار الفائدة في غضون أسابيع.

في الوقت نفسه، ترفع الاقتصادات الناشئة أسعار الفائدة بشكل متكرر، بعد أن رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة حذت حذوها عدد من البنوك المركزية في الخليج، كما أعلن البنك المركزي البرازيلي في مايو أنه سيرفع أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس إلى 12.75% وهي المرة الثالثة هذا العام، وارتفع مستوى سعر الفائدة إلى مستوى مرتفع جديد منذ عام 2017، رفع بنك نيغارا في ماليزيا أسعار الفائدة في نفس الشهر بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2%.

يتوقع المحللون في بنك جولدمان ساكس أن العديد من الاقتصادات الناشئة في آسيا على وشك رفع أسعار الفائدة، في مواجهة ارتفاع مستويات التضخم لا تزال البنوك المركزية لهذه الاقتصادات الناشئة تحت الضغط، وتشتعل التوقعات برفع أسعار الفائدة تدريجياً.

أسواق الأسهم تواجه تراجعًا حادًا بعد رفع سعر الفائدة 

أغلق سوق الأسهم على انخفاض حاد في وول ستريت يوم الجمعه (6 مايو) مع تزايد المخاوف في الأسواق من أن أسعار الفائدة المرتفعة التي يستخدمها الاحتياطي الفيدرالي في حربه ضد التضخم ستبطئ الاقتصاد.

خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 3.6 % يوم الجمعه مسجلًا أكبر تراجع يومي منذ ما يقرب من عامين، مما أدى إلى محو ارتفاع من اليوم السابق (5 مايو)، وهبط مؤشر داو جونز بنحو 3.1%، بينما تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا أكثر من غيرها حيث انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 5%، وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 3.04%، من المؤكد أن ارتفاع العائدات سيضع ضغطًا تصاعديًا على معدلات الرهن العقاري والتي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009.

لماذا تنخفض الأسهم؟

في يوم الأربعاء (4 مايو) أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي عن زيادة متوقعة على نطاق واسع بمقدار نصف نقطة مئوية في سعر الفائدة قصيرة الأجل، انتعشت الأسهم في أعقاب هذه الخطوة ولكن بعد ذلك ارتفعت بشكل حاد مع انخفاض عائدات السندات بعد أن طمأن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” المستثمرين بقوله إن البنك المركزي لا يفكر في التحول إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في زيادة أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.

لكن أيا كانت تصريحات باول التي أعطتها لمستثمري الأسهم ارتياحًا، فقد اختفت تلك المكاسب يوم الخميس (5 مايو) وتراجعت الأسهم بشكل حاد وارتفعت عائدات السندات، ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 3.04%، من المؤكد أن ارتفاع العائدات سيضع ضغطًا تصاعديًا على معدلات الرهن العقاري والتي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009.

يعكس الانعكاس المفاجئ في وول ستريت من الارتفاع إلى الانخفاض درجة عدم اليقين لدى المستثمرين وعدم ارتياحهم بشأن مجموعة التهديدات التي يواجهها الاقتصاد، بدءًا من التضخم الذي يسير على أعلى مستوى في أربعة عقود ومدى فعالية محاولة البنك الاحتياطي الفيدرالي لترويض الأسعار المرتفعة عن طريق رفع أسعار الفائدة.

لا يزال المستثمرون غير مرتاحين بشأن ما إذا كان البنك الاحتياطي الفيدرالي يستطيع فعل ما يكفي لترويض التضخم دون قلب الاقتصاد إلى الركود، الذي يظهر بالفعل علامات التباطؤ، بالإضافة إلى التضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة، يتصارع المستثمرون مع عدم اليقين بشأن الاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد والتوترات الجيوسياسية.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024