كشف تقرير حديث، أن النصف الأول من العام الحالي، كان رديئاً وسيئاً بالنسبة للمستثمرين مع الانهيارات المتتالية في أسواق الأسهم، والخسائر الباهظة التي طاردت سوق العملات الرقمية، وامتدت موجة الخسائر إلى أسواق السندات. وكان الركود في السندات هو أنباء سيئة للمستثمرين المحافظين والمتقاعدين الذين يعيشون على دخل ثابت، وأي شخص يحاول شراء منزل. لكن الأسوأ قد يكون على وشك الانتهاء.
وتشير البيانات، إلى أن معدلات الرهن العقاري ارتفعت جنباً إلى جنب مع عائدات السندات، لأن المعدلات ترتفع مع انخفاض أسعار السندات التي شهدت تراجعات كبيرة خلال العام الحالي. فقد تضاعف عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أكثر من الضعف في عام 2022، من حوالى 1.51 في المئة في نهاية العام الماضي إلى 3.16 في المئة في الوقت الحالي.
أما السبب الرئيس لارتفاع عائد السندات فيتمثل في الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات المزيد في المستقبل. ولكن في الوقت الحالي، يعتقد الخبراء أن سوق السندات يمكن أن يسعف احتمالية أن تؤدي زيادة أسعار الفائدة الفيدرالية إلى إبطاء التضخم. وهذا يعني أن العوائد قد تبدأ في التراجع قريباً. وهذا يعني أيضاً أن معدلات الرهن العقاري، التي اقتربت من 6 في المئة لقرض ثابت مدته 30 عاماً، قد تتراجع بخاصة إذا لم يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الحفاظ على رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
يقول تشيب هوغي، العضو المنتدب للدخل الثابت في شركة "تراست أدفيسوري سيرفيزس"، "لقد كان الأمر مؤلماً في الدخل الثابت لأن السندات لم توفر حماية المحفظة التي يقدرها المستثمرون". وأضاف، "لكن هناك تصور بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما اضطر إلى الإفراط في تشديده... شد الحبل هذا يمكن أن يضغط نزولاً على العائدات".
عائد السندات الأميركية يواصل التراجع
البيانات الرسمية المتاحة، تشير إلى أن عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات، انخفض إلى أدنى مستوياته في أسبوعين تقريباً خلال تعاملات الخميس الماضي، مع تزايد قلق المستثمرين من أن التشديد النقدي القوي قد يدفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود، بخاصة بعد تأكيد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، على التزام البنك خفض معدل التضخم المرتفع.
جاء ذلك بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة 75 نقطة أساس قبل أيام، بأكبر وتيرة منذ عام 1994، ولكن يُعتقد أن التشديد القوي قد يشكل مزيداً من الضغوط على النمو.
وانخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات 4.1 نقطة أساس إلى 3.115 في المئة، بعدما تراجع إلى 3.098 في المئة في وقت سابق من التعاملات. كما انخفض عائد نظيرتها لأجل 30 عاماً 3.2 نقطة أساس إلى 3.212 في المئة بعد تراجعه نحو 3.193 في المئة في وقت سابق.
انخفاض أسعار السندات وارتفاع العوائد
في الآونة الأخيرة، تضرر أي شخص يمتلك سندات، أو صناديق متداولة في البورصة ذات دخل ثابت تتعقب سندات الخزانة، وقد انقلبت فكرة سندات الخزانة كملاذ آمن رأساً على عقب. لكن الخبر السار بشأن ارتفاع عائد السندات هو أن المستثمرين ذوي الدخل الثابت ربما يقومون بالفعل بالكثير من العمل الذي لا يتماشى مع سياسة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حسبما يقول الخبراء والمحللون.
في مذكرة بحثية حديثة، ترى نانسي تينغلر، كبيرة مسؤولي الاستثمار والرئيس التنفيذي لشركة "لافر تينغلر إنفستمنتس"، أنه "من المثير للاهتمام، أن سوق السندات استبعدت المتاعب وفعلت عطاءات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما أدى إلى انخفاض أسعار السندات ورفع العوائد".
لكن في المقابل، يشير آخرون إلى أن التضخم، الذي وصل إلى معدل سنوي بلغ 8.6 في المئة حتى شهر مايو (أيار) الماضي، وفقاً لأحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك، من المحتمل أن يقترب أخيراً من الذروة. يجب أن يؤدي ذلك إلى انخفاض عائدات السندات أيضاً.
يقول مات سميث، مدير الاستثمار في شركة "روفر"، "لقد تجاوزنا ذروة ذعر التضخم بعد آخر تقرير لمؤشر أسعار المستهلك... يمكن للمستثمرين أن يشعروا بأمان أكبر في السندات الآن... نحن على وشك الاستسلام".
ومن المؤكد أن العائدات يمكن أن ترتفع أكثر قليلاً قبل أن تتعرض أخيراً لتراجع ذي مغزى. لكن الأسوأ ربما يكون قد انتهى. ويتوقع الخبراء زيادة تدريجية أكثر من المستويات الحالية، وليس مضاعفة أخرى. يقول ستيف وايت، كبير محللي الاستثمار في بنك "بي أو كيه فايننشال"، "قد تحدث غالبية الضرر في سوق السندات".
ويعتقد "وايت"، أن عائد السندات لأجل 10 سنوات قد يصل إلى 3.5 في المئة في وقت لاحق من هذا العام قبل أن يبدأ في الانخفاض، حيث تتجه أرقام التضخم "إلى الانخفاض قليلاً" بحلول الربع الرابع من العام الحالي. وسيكون هذا بمثابة موسيقى لآذان المستثمرين الذين يمتلكون السندات لأنهم لا يريدون تحمل المخاطر المرتبطة بأسهم "ميم" و"بيتكوين" وغيرها من أصول المضاربة.
ويرى هنري سونغ، مدير المحفظة في "دياموند هيل"، أنه "من الصعب أن نقول متى سيكون لدينا تحول حاد... كان الأداء هذا العام سيئاً للغاية... لكنها نقطة دخول أكثر جاذبية للسندات الآن، حتى لو لم تكن القاع... هناك كثير من الاحتمالات الصعودية"