logo

واشنطن ترسخ لشبكات اقتصادية محاطة بالأسوار

17 ديسمبر 2022 ، آخر تحديث: 17 ديسمبر 2022
واشنطن ترسخ لشبكات اقتصادية محاطة بالأسوار
واشنطن ترسخ لشبكات اقتصادية محاطة بالأسوار

تواجه الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس بايدن مخاطر تحول أمام تأسيس نظام عالمي، يضمن استقرارا تجاريا واقتصاديا عادلا ومنفتحا، وترسخ لشبكات اقتصادية وتكنولوجية محاطة بالأسوار، ذلك مع استخدام الدولار كسلاح وسياسات تجارية تضر بالتنافسية، وفقا لتقرير أمريكي نشر أمس.

وأوضحت جينيفر كافانا المحللة الأمريكية، الأستاذة المساعدة في برنامج الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، أن الانفتاح هو كلمة السر في استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها البيت الأبيض أخيرا. ففي هذه الاستراتيجية يدعو البيت الأبيض إلى "نظام عالمي منفتح يضمن نظاما تجاريا واقتصاديا عادلا ومنفتحا"، يضمن الوصول دون قيود إلى المشاعات العالمية.

ووفقا لـ"الألمانية"، تقول كافانا، وهي زميلة رفيعة المستوى في برنامج فن الحكم الأمريكي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، "إنه مع ذلك فإن كثيرا من مبادرات إدارة بايدن تشير في واقع الأمر نحو ما هو عكس ذلك، عالم محاط بالأسوار يقيد الوصول إلى فضاءات الولايات المتحدة الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية".

فالقيود على الصادرات، والتدقيق في الاستثمارات واستخدام الدولار كسلاح كلها أمور ترسخ شبكات اقتصادية وتكنولوجية محاطة بالأسوار، وهو ما اتضح بشكل بارز في سياسة الرئيس جو بايدن الخارجية.

كما أن الإدارة الأمريكية استثمرت في شراكات أمنية مغلقة مثل الأوكوس وكواد التي توفر لبعض الشركاء الفرصة للوصول إلى المعلومات، والموارد، وصنع القرار، لكن تستبعد الآخرين، وهناك سبب مقبول للتحرك الحاسم في هذا الاتجاه، وهو أن العالم المسور يناسب بصورة أفضل تعزيز المصالح الأمريكية في وجه التعددية القطبية المتزايدة.

وفي حقيقة الأمر، فإن التمسك بمفهوم "النظام الدولي المنفتح" في مركز السياسة الخارجية يمكن أن ينتهي به المطاف إلى الانهزام، فمن ناحية، يقوض هذا المفهوم مصداقية الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء المحتملين. والأهم من ذلك، هو أن صرف أنظار صانعي السياسات عن حقائق كيفية تغير النظام العالمي، يحول دون القيام بجهد استراتيجي لتشكيل العالم المستقبلي المسور لمصلحة الولايات المتحدة.

وتوضح كافانا أن المضي نحو نظام دولي منفتح كان أمرا أساسيا للسياسة الخارجية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الأقل، على أساس أن الأسواق المفتوحة، وتدفقات رأس المال تحقق مكاسب اقتصادية، وأن الأمن يزداد قوة في عالم بلا مناطق نفوذ. لكن في ظل الظروف الحالية، ينطوي الإصرار على نظام منفتح على خطر تقويض القدرة التنافسية للولايات المتحدة على المدى الطويل.

وقد أصبحت الشبكات المسورة ذات الحواجز واسعة الانتشار، لأنها في عالم يسوده النزاع مثلما يظهر في الوقت الحالي، تعد أفضل من الشبكات المفتوحة في توفير وتعزيز المزايا التنافسية.

وفي أي نظام دولي متعدد الأقطاب، أصبحت القدرة على إدارة الدخول بالنسبة إلى الشبكات ووضع القواعد داخل تلك الشبكات مصدرا رئيسا للقوة، فهذه الحراسة تتيح للدول ضمان وتعزيز مواردها الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية ومواطن قوتها.

وأكدت كافانا أن الشبكات المسورة يمكن أن تعمل بصورة أكثر كفاءة من الشبكات المفتوحة وقد تكون أكثر تماسكا، ومرونة وقدرة على التحمل، حيث من المرجح أن يتقاسم الشركاء الالتزامات المشتركة، والمعايير والمصالح.

وأشارت إلى أنه مع ذلك لا يعد العالم المسور عالما مغلقا، فهو ليس في حاجة لأن يتشكل من تكتلات اقتصادية أو أمنية خاصة، وهذا فارق مهم للغاية، فالشبكات المسورة بها حواجز أو تكاليف للدخول، لكن يمكن إلى حد ما أن تظل حدودها قابلة للنفاذ إليها، ما يتيح للأعضاء فيها المرونة للتحرك بين الشبكات المتعددة والعمل فيها. فالمشاركة في شبكات مسورة مثل كواد أو أوكوس لا تمنع الأعضاء من التواصل مع الصين أو روسيا بشأن القضايا الأمنية الأخرى، رغم وجود بعض القيود.

وحتى الآن ليست هناك دلائل كبيرة على أن صانعي السياسات الأمريكيين يتبعون استراتيجية واضحة لتعزيز الشبكات المسورة، رغم استخدامها كثيرا.

وبعض الشبكات المسورة التي أقامتها إدارة بايدن - على سبيل المثال، القيود على صادرات التكنولوجيا والأوكوس - تبدو ضيقة بشكل غير مفيد. كما تبدو شبكات أخرى مثل الإطار الاقتصادي لمنطقتي المحيطين الهندي والهادي للازدهار منفتحة أكثر من اللازم، ما يحول دون فاعليتها.

وتقول كافانا "إن صانعي السياسات الأمريكيين في حاجة إلى قبول أن النظام الدولي المنفتح بدأ يتحول بالفعل ولم يعد يخدم المصالح الأمريكية بشكل أفضل". وبدلا من ذلك يتعين عليهم بدء جهد منسق للتخطيط لنظام محاط بالأسوار يراعي بعض الاعتبارات المهمة، من بينها تنظيم الشبكات المسورة الأكثر فاعلية حول الاحتياجات العامة التي تتفاعل فيها الدول والشركات.

كما يتعين على صانعي السياسات مراعاة العضوية والحواجز الخاصة بالدخول والخروج، والتوصل إلى التوازن الصحيح واجتذاب الشركاء المناسبين لأهداف الشبكات.

وكذلك سيحتاج صانعو السياسات إلى فحص الهيكل الشامل، أي كيف تتفاعل مختلف الشبكات المحاطة بالأسوار لتحديد معالم واستدامة النظام العالمي المسور.

واختتمت كافانا تقريرها بالقول "إنه ينبغي أن يكون تشكيل وتعبئة النظام العالمي المسور الجديد هدفا أساسيا للسياسة الخارجية الأمريكية، وسيكون الطريق إلى هذا النظام الدولي الجديد صعبا، وربما غير مقبول في بادئ الأمر، لكن النتيجة قد تكون حاسمة للقدرة التنافسية الأمريكية على المدى الطويل".

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024