يبدو أن حملة التشديد الشرسة التي أطلقتها البنوك المركزية حول العالم أتت ببعض الثمار المرجوة بنهاية العام الجاري 2022، بيد أن الحرب لم تنته حيث أن الفوز الأخير للمركزيين لا يعدو كونه انتصارًا في معركة بينما، الحرب ضد التضخم لا تزال مستمرة.
التضخم يتراجع في نوفمبر بالولايات المتحدة إلى 7.1% على أساس سنوي مقابل 7.7% في أكتوبر وفي المقابل الاحتياطي الفيدرالي يرفع سعر الفائدة 50 نقطة أساس، مسجلاً بذلك الزيادة السابعة على التوالي خلال عام 2022.
وفي أوروبا البنك المركزي الأوروبي يرفع سعر الفائدة 50 نقطة أساس ليصل معدل الإيداع إلى 2% في ظل إصرار لاجارد على مواصلة رفعها في المستقبل.
وفي بريطانيا بنك إنجلترا يرفع سعر الفائدة 0.50% لتصل إلى 3.5% في معركته ضد ارتفاع التضخم الذي وصل لمعدل ثنائي الرقم، والأمر ذاته في سويسرا حيث أعلن الوطني السويسري رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة هذا العام بمقدار 50 نقطة أساس لتصل الفائدة إلى 1.00%.
التضخم في أمريكا
تراجعت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في إشارة واعدة إلى أن استراتيجية الاحتياطي الفيدرالي لكبح جماح التضخم تمضي في المسار السليم.
إذ تباطأت وتيرة ارتفاع مؤشر التضخم الكلي إلى 7.1% على أساس سنوي في نوفمبر مقابل 7.7% في أكتوبر، كما تباطأت قراءة المؤشر الأساسي إلى 6.0% على أساس سنوي في نوفمبر مقابل 6.3% في أكتوبر.
ويساهم تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار في تأكيد صحة تشديد الاحتياطي الفيدرالي سياساته النقدية بوتيرة أبطأ، إلا أنه وعلى الرغم من ضغوط الأسعار التي يبدو أنها بلغت ذروتها، ما يزال مؤشر أسعار المستهلكين أعلى بكثير من المستوى المستهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي.
الفيرالي يستمر
وتأتي الأنباء الرئيسية من الولايات المتحدة حيث رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ليكون بذلك قد رفع سعر الفائدة للمرة السابعة على التوالي هذا العام.
وتعتبر تلك الزيادة الأصغر منذ يونيو الماضي حيث يواجه البنك المركزي تحدي إبطاء وتيرة التضخم مع الحفاظ على اقتصاده المرن.
وأكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول أن السياسة النقدية تحتاج إلى أن تكون مقيدة لبعض الوقت، ووفقاً لخارطة نقاط تصويت الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة، تم تحديد النقطة التي يتوقع عندها المسؤولون إنهاء رفع أسعار الفائدة عند مستوى قدره 5.1%، وهو مستوى أعلى مما كان متوقعاً في السابق.
حركة الأسواق
على صعيد أسعار العملات الأجنبية، واصل الدولار اتجاهه الهبوطي بعد ظهور مؤشرات دالة على تباطؤ وتيرة ارتفاع التضخم مما أدى بدوره إلى إبطاء الاحتياطي الفيدرالي لوتيرة تشديد سياساته النقدية وربما اتخاذه موقفاً مخالفاً.
إذ وصل الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته عند 103.448 بعد ظهور بيانات التضخم يوم الثلاثاء الماضي.
واستفادت العملة الموحدة من ضعف الدولار وتجاوزت حاجز 1.06 الذي لم نشهده منذ مايو 2022.
كما تلقى اليورو دعماً في وقت لاحق بعد صدور تعليقات رئيس البنك المركزي الأوروبي المتشددة بشأن التوجهات المستقبلية.
من جهة أخرى، واصلت الأسهم تراجعها على مستوى العالم بعد أن أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى العزوف عن الإقبال على المخاطر، في حين تراجع أداء السندات بعد رفع سعر الفائدة.
الأوروبي يؤكد عزمه
شهد اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي في ديسمبر رفع سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس، ومع وصول معدلات التضخم إلى مستويات ثنائية الرقم وتوقع المسؤولين استمرارها أعلى من مستوى 2% المستهدف على مدار السنوات القادمة.
واختتم اجتماع الأسبوع الماضي ستة أشهر من الإجراءات الصارمة وأكد عزمه على مواصلة سياسات التشديد النقدي، وعلى الرغم من أن رفع سعر الفائدة كان أقل من المرة السابقة التي تم خلالها رفعها بمقدار 75 نقطة أساس.
إلا أن كريستيان لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أكدت على أنه لا ينبغي على المستثمرين استنتاج أي شيء من تلك الخطوة وعليهم إدراك أن هذا الاجراء لا يعتبر تغييراً لسياسات البنك المركزي الأوروبي.
ومع وصول معدل الفائدة على الإيداع الآن 2%، يرى المراقبون مساراً واضحاً لرفع سعر الفائدة مرات عديدة وذلك نظراً لقيام الأسواق حالياً بتسعير رفع سعر الفائدة بمقدار 1.25% حتى يونيو 2023.
بنك إنجلترا
كما كان متوقعاً على نطاق واسع، رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 3.50% مع انقسام ثلاثي لأعضاء لجنة السياسات النقدية، حيث صوت عضو واحد فقط لصالح رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، و6 أعضاء لصالح رفعها بمقدار 50 نقطة أساس وصوت اثنان للإبقاء عليها بدون تغيير.
وفي واقع الأمر، يوضح انقسام الأعضاء في اتخاذ القرار مدى تفرد الوضع الاقتصادي للمملكة المتحدة مع اختلاف المناهج التي انعكست من خلال تصويت أعضاء لجنة السياسات النقدية.
وفي محضر الاجتماع، قالت اللجنة أن غالبية الأعضاء رأوا أنه في حالة تطور الاقتصاد على نطاق واسع بما يتماشى مع توقعات تقرير السياسة النقدية لشهر نوفمبر، فقد تكون هناك حاجة لمواصلة رفع سعر الفائدة لتحقيق عودة مستدامة للتضخم إلى المستوى المستهدف.
في حين اتفقت اللجنة بأكملها على أنه إذا كانت التوقعات تشير إلى مزيد من الضغوط التضخمية المستمرة، فإنها سوف تستجيب بقوة، حسب الضرورة.
الركود حدث
وعلى الرغم من توافر سبباً للتفاؤل بعد صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة على أساس شهري، إلا أن الاقتصاد انكمش بنسبة 0.3% في الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر، وذلك على خلفية تراجع قطاعي التصنيع والخدمات.
كما صرح المستشار، جيريمي هانت أن المملكة المتحدة في حالة ركود بالفعل، وسيصبح ذلك رسمياً بمجرد إصدار بيانات الناتج المحلي الإجمالي للفترة الممتدة ما بين أكتوبر إلى ديسمبر.
وبصفة عامة، لا يمكن التخفيف من حقيقة أن اقتصاد المملكة المتحدة يتجه نحو الركود في عام 2023.
السويسري يتخذ إجراءات
في اجتماعه ربع السنوي الأخير لتحديد السياسات النقدية، رفع البنك الوطني السويسري سعر الفائدة 50 نقطة أساس، من 0.50% إلى 1.00%، وهذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يرفع فيها سعر الفائدة بعد الزيادات المقررة في يونيو (0.5%) وسبتمبر (0.75%).
وكما حدث في سبتمبر، عندما تم رفع سعر الفائدة إلى المنطقة الموجبة، يحافظ البنك الوطني السويسري على تعديلين تقنيين محددين لضمان بقاء أسعار سوق المال السويسري قصيرة الأجل قريبة من سعر السياسة النقدية.
أولاً، استمرار تدرج تعويض حيازات الاحتياطيات، ما يعني أن ودائع البنوك التي تحتفظ بها لدى البنك الوطني السويسري سوف يتم تعويضها بنسبة 1.00% (مستوى معدل السياسة)، ولكن فقط إلى حد معين.
أما الودائع التي تزيد عن هذا الحد سيتم تعويضها بنسبة 0.50%، مما يعني أن الخصم بالنسبة لسعر الفائدة سيبقى دون تغيير عند مستوى 50 نقطة أساس.
ثانياً، سوف يستمر البنك الوطني السويسري في استيعاب الاحتياطي عن طريق عمليات السوق المفتوحة.،وتسري كافة التغييرات اعتباراً من 16 ديسمبر.
وترك البنك الوطني السويسري المجال مفتوحاً أمام إمكانية رفع سعر الفائدة في المستقبل، وفي واقع الأمر، أكد في بيانه أنه لا يمكن استبعاد زيادات إضافية بسعر الفائدة من البنك المركزي السويسري لأنها ستكون ضرورية لضمان استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
عاجل: إنقلاب مفاجئ.. توقف مؤقت للانهيار وارتفاع مثير
السلع
شهدت أسعار النفط أداءً إيجابياً الأسبوع الماضي مع تجدد أزمة الطاقة المحتملة في أوروبا وتجدد توترات الحرب الروسية الأوكرانية على الرغم من زيادة المخزونات.
وتمكن سعر مزيج خام برنت من الارتفاع ليغلق بالقرب من مستوى 80 دولار للبرميل