تحول لافت أظهره محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إذ اتفق جميع المسؤولين في المجلس على ضرورة إبطاء وتيرة الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة، على أن تكون الزيادة في اجتماع "الفيدرالي" المقبل على مدى يومي 31 يناير (كانون الثاني) الحالي والأول من فبراير (شباط) المقبل بواقع ربع نقطة مئوية أو 0.25 في المئة، أي أقل نسبة فائدة منذ بداية رفع الفوائد في مارس (آذار) الماضي.
في منتصف الشهر الماضي قرر مسؤولو "الفيدرالي" رفع الفائدة بنسبة 0.5 في المئة، إذ اعتبر ذلك بداية لخفض وتيرة رفع الفوائد بعد أربع زيادات متتالية بنسبة 0.75 في المئة.
وأظهر الاجتماع أن هناك إجماعاً من جميع مسؤولي "الفيدرالي" على ضرورة إبطاء وتيرة الزيادات لأسعار الفائدة بالشكل الذي يسمح بمواصلة زيادة كلف الائتمان للسيطرة على التضخم، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى الحد من النمو الاقتصادي وإدخال الاقتصاد في ركود.
وعلى رغم ذلك كان واضحاً في المحضر أن المسؤولين ما زالوا يتخوفون من التضخم وتأثيراته ويعزمون على السيطرة على نسبة الزيادة في أسعار المستهلكين. ومن اللافت أيضاً الإشارات التي أرسلها صانعو السياسة النقدية إلى المستثمرين، إذ قالوا إنهم "قلقون من التصورات الخاطئة في الأسواق المالية بعدم قوة التزامهم مكافحة التضخم".
لكن بورصة "وول ستريت" قرأت المحضر بشكل إيجابي، إذ اعتبر المستثمرون أن نية خفض وتيرة الزيادات هي مؤشر إلى بدء مرحلة جديدة من خفض الفائدة وصولاً إلى التوقف عن ذلك عندما تظهر إشارات الركود الاقتصادي.
في غضون ذلك، صعدت جميع مؤشرات "وول ستريت" بعد أن أغلق "ستاندرد أند بورز 500" على زيادة بنسبة 0.75 في المئة بينما كانت ارتفاعات "داو جونز" بنسبة 0.4 في المئة و"ناسداك" بنسبة 70 في المئة، أمس الأربعاء.
وكانت "وول ستريت" تفاءلت بالتفاصيل في محضر الاجتماع، إذ قال مسؤولو "الاحتياطي" إنهم أحرزوا "تقدماً كبيراً" خلال العام الماضي في رفع أسعار الفائدة بما يكفي لخفض التضخم.
وأظهر المحضر أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي عازمون على خفض التضخم مرة أخرى نحو هدفهم البالغ 2 في المئة في ظل أخطار ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو.
ونشر صناع السياسة النقدية توقعاتهم للتضخم في اجتماعهم الشهر الماضي، ويعتقدون بأنه سينتهي عام 2023 أعلى مما كانوا يعتقدون سابقاً. وأدى ذلك إلى زيادة الرهان على أن أسعار الفائدة ستحتاج إلى الارتفاع فوق 5 في المئة عام 2023.
وأظهرت أسواق السندات الآجلة، أمس الأربعاء، أن المستثمرين يراهنون على بدء خفض الفائدة قبل نهاية 2023.
وبدأ الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي موجة من التشديد النقدي، هي الأكبر منذ الثمانينيات، لمحاربة التضخم، بعد أن رفع الفائدة من الصفر تقريباً في مارس إلى النطاق الحالي من 4.25 في المئة إلى 4.5 في المئة، وهو أعلى معدل فائدة منذ عام 2007.
وكان مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي قالوا في اجتماعهم إن "هناك احتمالاً لحدوث ركود وسط إشارات النمو الاقتصادي البطيء لعام 2023"، وأضافوا أن النمو البطيء في الإنفاق المحلي المتوقع خلال 2023 والتقديرات الاقتصادية العالمية الضعيفة والظروف المالية الصعبة، ينظر إليها على أنها تحول حقيقي لزيادة أخطار الركود".
ويدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي عام 2023 بعزم كبير للتأكد من فوزه في حربه على التضخم الذي ارتفع عام 2022 إلى أعلى مستوياته في أربعة عقود ثم بدأ بالانخفاض في الأشهر الأخيرة من العام.