يتجه العراق نحو استخدام أدوات الدفع الإلكتروني لإصلاح الاقتصاد، وسحب النقد الموجود داخل المنازل باتجاه القطاع المصرفي، ومكافحة الفساد المالي والإداري داخل المؤسسات الحكومية.
وشهدت البلاد في الفترة الأخيرة تطورا في استخدام أدوات الدفع الالكتروني، وذلك بعد البداية الخجولة التي كانت عام 2017، إلا أنها لا زالت غير كافية.
التوجه يهدف إلى توطين رواتب موظفي الدولة في المصارف؛ إذ يوجد في العراق حتى منتصف العام الماضي نحو 8 ملايين حساب مصرفي، بالإضافة إلى 15.5 مليون بطاقة مصرفية، وأكثر من 9 آلاف جهاز دفع إلكتروني، و1697 صرافا آليا، وفقا للبنك المركزي العراقي.
وقبل أيام، قررت الحكومة العراقية إلزام جميع مؤسساتها -بالإضافة إلى المدارس والجامعات الخاصة ومحطات الوقود، والمتاجر، والمطاعم والصيدليات والعيادات الطبية وغيرها- باستخدام أدوات الدفع الإلكتروني، وأمهلتها للتحول التام لذلك التوجه إلى بداية يونيو/حزيران المقبل.
وأيد البنك المركزي توجه الحكومة بنشر أدوات الدفع الإلكتروني في جميع المتاجر، وفقا لعمار حمد نائب محافظ البنك المركزي الذي قال إن هذا القرار يهدف إلى التخلي تدريجيا عن استخدام النقد، وإن ذلك ستكون له إيجابيات كبيرة للاقتصاد، مشيرا إلى أن الحكومة منحت امتيازات لجميع أصحاب المتاجر بالإعفاء من الضريبة.
ولفت حمد إلى أن البنك المركزي سيتخذ قرارات لدعم هذا التوجه عبر تقليل التكلفة على التاجر، موضحا أن البنك المركزي سيمنح لحامل البطاقة الإلكترونية الدولار بسعر 1465 دينارا بدل 1470 دينارا.
ويعاني العراقيون من ضعف التعامل مع الجهاز المصرفي بسبب الظروف التي واجهت البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي، والتي أدت الى الحصار الاقتصادي، وعدم دخول التقنيات الحديثة إلى الجهاز المصرفي إلا في السنوات القليلة الماضية.
ووفقا للموقع الإحصائي للبنك المركزي العراقي، فإن العملة المصدرة تبلغ 87.56 تريليون دينار، منها 80.6 تريليون دينار خارج النظام المصرفي، مما يدل على أن 92% من العملة مدخرة في المنازل.
وعن الخطوة الحكومية، قال المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية علي طارق إن نشر أدوات الدفع الالكتروني تعد نقطة تحول في الاقتصاد العراقي، ولها انعكاسات إيجابية تتمثل في سحب الكتلة النقدية المتواجدة في المنازل إلى الجهاز المصرفي الذي سيتمكن من استثمارها في دعم المشاريع الإنتاجية التي تسهم في استمرار دورة المال.
وأضاف أن المصارف وشركات الدفع الإلكتروني قادرة على نشر أدوات الدفع الالكتروني في جميع المؤسسات والمتاجر، مبينا أن إعفاء التاجر من الضريبة يمثل خطوة لنشر هذه الأدوات.
وكانت الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي أقرت برنامجا لنشر الخدمات المصرفية عبر زيادة المنصات الرقمية والدفع عبر الهاتف المحمول وغير ذلك، ومنحت فترة سنتين لتطبيقها، ولكن لم تنفذ البرنامج بالكامل.
لكن المختص في الدفع الالكتروني علي مصطفى أكد صعوبة تخلي المجتمع عن استخدام النقد، بسبب الثقافة المنتشرة لدى العراقيين بتفضيل النقد، إلى جانب "وجود إرادة حكومية ترفض نشر أدوات الدفع الإلكتروني لأنها مستفيدة منه بسبب الفساد المالي والإداري"، حسب قوله.
وقال مصطفى ، إن إنجاح الأمر يتطلب قرارات عقابية لجميع المؤسسات الحكومية المتلكئة إذا لم تنفذ نشر أدوات الدفع، كقطع الموازنة عنها، مشيرا إلى أن هناك عدة قرارات صدرت من الحكومات السابقة ولم تنفذ وظلت حبرا على ورق.
ولفت إلى أن مشروع توطين الرواتب لم يكتمل، وأصبح المواطن يفتح حسابا مصرفيا فقط، وعندما يتحول الراتب يقوم بسحبه ولا يستخدم حسابه في عملية الدفع لشراء حاجاته اليومية، موضحا أن الدولة يجب أن تتحمل تكاليف إضافية لتشجيع المجتمع على التحول الرقمي عبر منح خصومات لكل من يشتري ببطاقته المصرفية.
وبيّن أن الدولة أنشأت منصات إلكترونية لإصدار الجوازات والبطاقة الوطنية وتحويل ملكية السيارة وغيرها، ولكنها ظلت ناقصة بسبب عدم انتشار أجهزة الدفع الإلكتروني، مضيفا أن الحوكمة في الخدمات الحكومية ضرورية جدا، لأنها ستقلل الزمن وتزيد كفاءة المؤسسات.
وأشار إلى فوائد كبيرة للدفع الإلكتروني، ومنها تفعيل التجارة الإلكترونية والقضاء على المشاكل المتعلقة بالدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى الحد من الفساد المالي والإداري في الدوائر الحكومية وغيرها.
وشدد علي مصطفى على ضرورة زيادة وعي الناس باستخدام هذه الخدمات لمنع سرقتهم من خلال الأرقام السرية للبطاقة المصرفية.