logo

اقتصاد تركيا يبدأ نزف الخسائر في 2023 وكلفة الإعمار تفوق التوقعات

21 فبراير 2023 ، آخر تحديث: 21 فبراير 2023
اقتصاد تركيا يبدأ نزف الخسائر في 2023 وكلفة الإعمار تفوق التوقعات
اقتصاد تركيا يبدأ نزف الخسائر في 2023 وكلفة الإعمار تفوق التوقعات

كشف تقرير حديث عن أنه في الوقت الحالي يتحتم على #تركيا بعد أن كانت تعول على سخاء بعض الشركاء الأثرياء لتحسين أوضاعها الاقتصادية، أن تواجه تداعيات #الزلزال الذي دمر عشرات المدن في السادس من فبراير (شباط) الجاري، تاركاً ملايين الأشخاص بلا مأوى ولا عمل.

وعلى خلفية الزلزال والخسائر الكارثية ستضطر الحكومة التركية إلى تخصيص مليارات الدولارات لإعمار 11 محافظة في الجنوب والجنوب الشرقي، لحقها دمار هائل جراء أسوأ كارثة في تاريخ البلاد المعاصر. وكذلك وعد الرئيس رجب طيب أردوغان بمنح ملايين الليرات التركية للمواطنين المتضررين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 14 مايو (أيار) المقبل.

وقد يؤدي ضخ كل هذه المبالغ إلى تحفيز الاستهلاك والإنتاج الصناعي، وهما مؤشران أساسيان للنمو الاقتصادي، لكن الواقع أن تركيا تعاني شحاً في الأموال. وفيما تمكنت تركيا من إعادة تشكيل احتياطي البنك المركزي بعد أن كاد ينفد بفضل مساعدة روسيا ودول الخليج النفطية، لكن المتخصصين في الاقتصاد يوضحون أن هذه الأموال بالكاد تكفي للحفاظ على المالية التركية ومنع الليرة التي تواجه وضعاً صعباً من الانهيار، وذلك حتى موعد الانتخابات إن لم يتم تأجيلها.

إلا أن الرئيس التركي مضطر في الوقت الحالي إلى إصلاح أضرار بقيمة نحو 78.9 مليار يورو (84.423 مليار دولار)، بحسب تقديرات مجموعة من رؤساء الشركات الكبرى، فيما تقارب تقديرات متخصصين آخرين نحو 9.4 مليار دولار.

الضغوط على أردوغان

وتحسباً للانتخابات وعد الرئيس أردوغان بتوفير مساكن جديدة لملايين المتضررين في غضون سنة. وفي حال تمكن من توفير الأموال بفضل مانحين أجانب جدد سيتحتم على الرئيس التركي تخصيص قسم كبير منها لقطاع البناء من أجل إعمار أجزاء كاملة من البلاد تهدمت تماماً.

ولطالما اعتمد أردوغان على هذا القطاع الذي توجه إليه اليوم أصابع الاتهام باعتباره مسؤولاً عن انهيار مبانٍ سكنية كثيرة نتيجة مخالفة معايير البناء المقاوم للزلازل. وكان التطوير العقاري أساسياً في تحديث قسم كبير من البلاد وفتح مطارات وشق طرق وبناء مستشفيات.

واعتبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن "أعمال إعادة البناء قد تعوض إلى حد بعيد من الوطأة السلبية (للزلزال) على النشاط الاقتصادي".

وقبل الزلزال كانت المنطقة المتضررة تسهم في الاقتصاد التركي بمستوى تسعة في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ولا سيما من خلال مناطق صناعية كبرى في غازي عنتاب ومرفأ إسكندرون الذي تمر عبره منتجات المنطقة المصدرة إلى العالم، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

كذلك، ستطاول الصدمة الإنتاج الزراعي. ولفتت أوناي تامغاك أستاذة الاقتصاد في جامعة توب للاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة إلى أن المنطقة تؤمن نحو 14.3 في المئة من الإنتاج الزراعي التركي، بما في ذلك منتجات الصيد والغابات.

السياسات الخاطئة

في الوقت نفسه حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من بلبلة في الإنتاج الغذائي الأساسي في تركيا وسوريا. وطاول الزلزال أيضاً البنى التحتية الخاصة بالطاقة والمواصلات وقنوات الري، بحسب تامغاك. ويراجع البعض الماضي محاولين إيجاد نموذج يمكن اتباعه.

 غير أن محمود محيي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي اعتبر أن العواقب الاقتصادية للزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة لن تكون بمستوى أضرار الزلزال بقوة 7.6 درجة، الذي ضرب البلد في 1999، وتسبب في مقتل 17 ألف شخص، ولو أن المؤسسة المالية سارعت إلى التوضيح أن المسؤول كان يتكلم بصفة شخصية.

وخسر الاقتصاد التركي في ذلك الحين ما بين 0.5 و1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، حيث طاول الزلزال قلب تركيا الصناعي، بما فيه عاصمتها الاقتصادية إسطنبول، غير أن الاقتصاد انتعش بسرعة، وسجل اعتباراً من العام التالي نمواً بنسبة 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بفضل جهود الإعمار، بحسب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.

وجاء في مذكرة شاركها ولفانغو بيكولي المحلل في مكتب تينيو للاستشارات أن القطاع السياحي الذي "أصبح من المصادر الرئيسة للعملات الأجنبية لتركيا" سيبقى بمنأى نسبياً عن الأضرار، إذ إن المنطقة المنكوبة ليست القبلة الأولى للسياح الأجانب في البلد. وقال باكي دميريل أستاذ الاقتصاد في جامعة يالوفا بهذا الصدد، "من الواضح أن (البلاد) ستحتاج إلى عملات أجنبية"، مشيراً إلى أنه سيتحتم على تركيا زيادة الاستيراد.

غير أن الحكومة لديها هامش مناورة، إذ إن الدين السيادي التركي ضعيف نسبياً. ومن جهة أخرى، يقاطع المستثمرون الأجانب البلاد بسبب سياسة أردوغان الاقتصادية المخالفة للنهج التقليدي، والتي قضت بخفض معدلات الفائدة بانتظام، مما تسبب في ارتفاع حاد في التضخم. وعند وقوع الكارثة، كانت تركيا قد أعلنت للتو عن نسبة تضخم رسمية بقيمة 58 في المئة بالمقارنة مع أكثر من 85 في المئة في نهاية 2022. غير أن المتخصصين يتفقون على أن تركيا تواجه رياحاً معاكسة قد تعوق نموها خلال العام الحالي.

استهلاك الناتج الإجمالي

كان اتحاد الشركات والأعمال في تركيا قد قدر أن حجم الأضرار الناجمة عن الزلزال الكبير الذي ضرب البلاد، وأودى بحياة أكثر من 31 ألف شخص في تركيا وحدها، قد يزيد على 84 مليار دولار، أو ما يعادل 10 في المئة من الناتج الإجمالي للبلاد. ووفق بيان للاتحاد، فقد تسبب الزلزال في دمار مبانٍ سكنية بنحو 70.8 مليار دولار إلى جانب 10.4 مليار دولار أخرى في صورة خسارة في الدخل القومي، بحسب ما ذكرته "بلومبيرغ".

وذكر أن الخسائر في القوة العاملة قد تكلف اقتصاد تركيا 2.9 مليار دولار، حيث ضرب الزلزال 10 مقاطعات، وأثر بشدة على ملايين الأشخاص في تركيا، وأيضاً في سوريا المجاورة. واستندت حسابات اتحاد الشركات والأعمال التركي على زلزال عام 1999 الذي كان قريباً من إسطنبول، وأودى بحياة نحو 18 ألف شخص، حيث تجاوزت حصيلة ضحايا الكارثة الحالية بفارق كبير زلزال 1999، ولا يزال الآلاف مفقودين.

وقدر الاتحاد أن الضرر الواقع على البنية التحتية، مثل الطرق وشبكات الكهرباء، وكذلك المستشفيات والمدارس، قد يرفع عجز الموازنة التركية إلى ما يزيد على 5.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي، مقابل التقديرات الرسمية البالغة 3.5 في المئة. وتعد تقديرات اتحاد الأعمال التركي هي الأعلى حتى الآن مقارنة مع تقديرات المتخصصين الاقتصاديين الآخرين، على رغم أن كثيرين، ومن بينهم "باركليز"، يؤكدون أنه من المبكر للغاية تقييم التأثير الكامل للكارثة.

وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني قد رجحت أن تتجاوز الخسائر "القابلة للتأمين" جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا "ملياري دولار". وقالت إن الخسائر "قد تبلغ أربعة مليارات دولار أو أكثر". وكان مسؤولون ومتخصصون اقتصاديون قد توقعوا أن يتضرر النمو الاقتصادي في تركيا هذا العام نتيجة تداعيات الزلازل المدمرة التي ضربت البلاد، وأسفرت عن آلاف القتلى والمصابين. وقال المتخصصون إن الزلازل الكبيرة التي شهدتها تركيا ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية أنقرة، وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام، إذ إن الحكومة ستضطر إلى القيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.

 

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024