يُحكى أن طائر لقلاق أراد أن يقبّل صغيره، لكنه فقأ عينه، ذلك تمام ما قام -ويقوم- به الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي)، إذ رفع أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق ضمن سياسة نقدية متشددة لاحتواء التضخم، بيد أنه تسبب في إفلاس عدد من البنوك في مقدمتهم وادي السليكون (سيلكون فالي SVB) بعد سحب مكثف للودائع.
أثار الإفلاس الرعب في أسواق المال والبورصات العالمية، فهوت عديد من الأسهم وتراجعت قيمة السندات، وعزز المخاوف من حدوث ركود اقتصادي.
وقد تزامن ذلك مع حالات استحواذ بنوك كبرى على البنوك المنافسة لتهدئة الأوضاع، كما هي حال بنك "يو بي إس" (UBS) مع بنك "كريدي سويس" (Credit Suisse) السويسريين.
وهنا نعرض لكم 5 مصطلحات تساعد على فهم أزمة البنوك العالمية.
الاحتياطي الفدرالي الأميركي هو البنك المركزي للولايات المتحدة الأميركية ومقره العاصمة واشنطن، ويرأسه جيروم باول. ويعد الاحتياطي الفدرالي أقوى مؤسسة مالية في العالم.
أسس الكونغرس الاحتياطي الفدرالي يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1913، وهو المسؤول عن السياسة المالية للبلد وصيانة الاستقرار والعملة الوطنية وتأمين النقود والتحكم بمعدلات الفائدة، كما يلعب دور المنقذ للبنوك أو الملاذ الأخير عبر إقراضها في أثناء الأزمات.
ويتأثر العالم بقرارات المركزي الأميركي، ويظهر ذلك جليا عندما يقرر خفض سعر الفائدة أو رفعها، إذ تتدفق أموال المستثمرين في العالم إلى الاقتصادات الصاعدة بحثا عن الربح، والعكس صحيح.
ومؤخرا، رفع الفدرالي الأميركي سعر الفائدة 25% نقطة أساس في أعقاب 4 زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة، ليصل سعر الفائدة القياسي إلى نطاق من 4.75% إلى 5%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.
السیاسة النقدیة مكون رئیس من مكونات السیاسات الاقتصادیة الكلیة، وتعني مجموعة التدابیر التي تتبناھا البنوك المركزیة للتأثیر على مستویات السیولة بالأسواق والقروض الممنوحة من البنوك لتحقیق بعض الأھداف الاقتصادیة الكلیة، ومن أھمھا ضمان تحقیق استقرار الأسعار، وتحفيز النمو و دعم فرص العمل.
وهناك نوعان من السياسة النقدية التي تعتمدها البنوك المركزیة:
1- سیاسة نقدیة توسعیة "التيسير النقدي/ التيسير الكمي" (Quantitative Easing): في حالة الركود الاقتصادي یعمل البنك المركزي على زیادة مستویات المعروض النقدي (شراء الأوراق المالية/ سندات)، وخفض أسعار الفائدة لتشجیع القطاع المصرفي على مزید من التوسع في منح القروض لتمویل الاستثمارات والمشروعات، ومن ثم زیادة مستویات الناتج المحلي، وتوفير فرص العمل.
2- سیاسة نقدیة انكماشیة "التشديد النقدي/ التشديد الكمي" (Quantitative Tightening): في حالات الازدهار الاقتصادي وظھور ضغوط تضخمیة، یعمل البنك المركزي على تقلیل مستویات المعروض النقدي (بيع الأوراق المالية)، ورفع أسعار الفائدة لحث القطاع المصرفي على التقليل من مستویات منح القروض لامتصاص التضخم.
سعر الفائدة هو السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية سواء أكان استثمارا لمدة ليلة واحدة أو لمدة شهر أو أكثر.
ويعد هذا السعر مؤشرا لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي.
ويساعد سعر الفائدة البنك المركزي على التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعودا ونزولا على المدى المتوسط.
فرفع الفائدة يعني كبح عمليات الاقتراض، ومن ثم تقليل نسبة السيولة في السوق، مما يؤدي إلى خفض نسبة تضخم الأسعار.
أما خفض الفائدة، فهو قرار يتخذ عندما ترى الدولة تباطؤا ملحوظا في معدلات النمو، فتبدأ في تخفيض نسب الفائدة تباعا حتى يتم ضخ السيولة بمعدلات كافية تشجع على رفع الإنتاج والاستهلاك، وترتفع معها معدلات النمو حتى يتم الوصول لمرحلة الانتعاش.
هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع بسبب زيادة كمية النقد المتداول في السوق بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة أو العكس، أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ويمكن أن نميز بين تضخم الأسعار ويعني الارتفاع المفرط في الأسعار، وبين تضخم الدخل ويقصد به ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخم الأجور وتضخم الأرباح، وبين تضخم التكاليف ويعني ارتفاع التكاليف، ويضاف إلى هذه القائمة التضخم النقدي، أي الإفراط في إصدار العملة النقدية.
وعكس التضخم الانكماش، ويعني انخفاضا عاما في الأسعار خلال فترة محددة، ويشكل كلاهما عند مستويات معنية خطرا على الاقتصادات.
ولتعديل مستويات التضخم، تعتمد الدول على سياسات مالية وأخرى نقدية، فبالنسبة للسياسة المالية يمكن معالجة التضخم من خلال كبح جماح الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب، أما بالنسبة للسياسة النقدية، فيتمثل أشهرها في تخفيض المعروض من النقد في الأسواق عبر رفع أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي لخفض الطلب، والعكس صحيح؛ عندما يحدث انكماش اقتصادي، تتم زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب وأسعار الفائدة لتحفيز الطلب.
الركود الاقتصادي هو انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما أو -بمعنى آخر- تسجيل نمو سلبي في الناتج المحلي الإجمالي (انكماش اقتصادي) لمدة ربعين متتاليين على الأقل، وقد كانت معظم حالات الركود التي شهدها العالم قصيرة الأمد.
ويعود الركود الاقتصادي في العادة إلى تفوق الإنتاج على الاستهلاك، مما يؤدي إلى كساد البضاعة ثم انخفاض الأسعار، فيصعب بذلك على المنتجين بيع المخزون، ليتلو ذلك انخفاض في معدل الإنتاج.
وتمكن مشاهدة آثار الركود في الانخفاض الكبير بالنشاط الاقتصادي لعدة أشهر، مما يعكس انخفاضا بالناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة، وفي زيادة البطالة وانخفاض الإنتاج الصناعي وانخفاض مبيعات تجارة التجزئة واضطراب أسواق الأسهم وتراجع الاستثمارات.
وقد شهد الاقتصاد الأميركي حالة ركود في أكثر من 30 مناسبة منذ عام 1854.
وفي حال استمر الركود لسنوات، فإنه يتحول إلى "كساد اقتصادي"، كما حدث مع "الكساد الكبير" عام 1929، حين استمر الركود لـ10 سنوات.