بشكل عام يرتبط الركود والكساد دائماً بوضع اقتصادي سيئ.. لكن ما لايعرفه الغالبية هو أن كلاً من الركود و الكساد له العديد من الأثار الإيجابية أيضا. فما هو الفرق بين الركود والكساد الاقتصادي؟
هناك أمثلة كثيرة تبين الفرق بين كلا من الكساد و الركود الاقتصادي ، ويمكن أن نذكر مثال بسيط يستطيع المستهلك العادي فهمه. فمثلا عندما يفقد أحد اقاربك وظيفته فيكون العبئ المالي عليك أخف وهو ما يطلق عليه الركود أما إذا كنت انت من فقد عمله فالعبئ المالي سيكون أثقل وهو ما يطلق عليه الكساد.
لفهم الفرق بين الركود والكساد الاقتصادي ، ينبغي أولا أن نفهم اسباب حدوثهما؟ وكيف يخلق كل من الركود والكساء آثارًا إيجابية وسلبية على الإقتصاد؟
هناك تعريفان مشهوران للركود، أحدهما يُعرفه بأنه ربعان متتاليان من النمو الاقتصادي السلبي. والثاني (وفقاً للمكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية) يصف الركود بأنه تراجع كبير في النشاط الاقتصادي الوطني يستمر لأشهر. يعتقد العديد من الاقتصاديين أن الركود هو جزء طبيعي من الدورة الاقتصادية التي تشهد ارتفاعات وانخفاضات.
كيف يحدث الركود الاقتصادي؟ يعتمد نمو أي اقتصاد على التوازن بين إنتاج واستهلاك السلع والخدمات. وكلما نما الاقتصاد يرتفع بالتبعية حجم الدخل والإنفاق الاستهلاكي. ولكن لأن العالم ليس مثالياً، في مرحلة ما يبدأ النمو الاقتصادي في التباطؤ، وقد يكون هذا التراجع ناجماً عن عامل بسيط مثل زيادة المعروض، بمعنى أن المصنعين ينتجون بمعدلات تفوق حجم المطلوب.
عندما يحدث ذلك، ينخفض الطلب على تلك السلع، وهو ما يؤدي إلى تباطؤ الأرباح وانخفاض الدخل وتراجع أسواق الأسهم.
أمثلة تاريخية: منذ منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر، مرت الولايات المتحدة بـ32 فترة ركود، وفقاً لبيانات المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية، وتباين طول معظمها، ولكن متوسط الركود خلال تلك الفترات اقترب من 10 أشهر.
استمرت أقصر فترة ركود لمدة 6 أشهر (من يناير/كانون الثاني عام 1980 إلى يوليو/تموز من نفس العام) بينما استمرت أطول فترتي ركود لمدة اقتربت من 16 شهراً ( من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1973 إلى مارس/آذار 1975 ثم من يوليو/تموز 1981 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 1982).
هو ببساطة عبارة عن كارثة اقتصادية حادة ينخفض خلالها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة لا تقل عن 10%. والكساد أشد بكثير من الركود، وآثاره من الممكن أن تستمر لسنوات، وهو في الحقيقة يكون بمثابة الكابوس بالنسبة للأعمال التجارية والمصرفية وأنشطة التصنيع.
كيف يحدث الكساد الاقتصادي؟ يحدث الكساد عندما تجتمع عدة عوامل مع بعضها البعض في نفس الوقت. هذه العوامل تشمل الإفراط في الإنتاج وانخفاض الطلب، وهو ما يخلق حالة من الخوف يعززها ويوسع رقعتها ذعر المستثمرين والشركات. وتؤدي تخمة المعروض والخوف الذي يعاني منه المستثمرون إلى تراجع الإنفاق لدى الشركات بشكل حاد، ليبدأ الاقتصاد في التباطؤ وترتفع البطالة وتقل الأجور وتتآكل القوة الشرائية للمستهلكين.
أمثلة تاريخية: وفقاً للتعريف المذكور أعلاه هناك الكثير من الحالات التي يمكن اعتبارها حالات كساد، مثل: انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الإندونيسي خلال عام 1998 بنسبة 18%، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي لتايلاند بنسبة 15% خلال العامين المنتهيين في الربع الأول من عام 1998.
ينطبق الأمر أيضاً على ماليزيا حين انخفض ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 11% في العام المنتهي في ديسمبر/كانون الأول عام 1998، وفنلندا التي انكمش اقتصادها بنسبة 10.6% في الفترة ما بين عامي 1990 و1993، والذي يرجع إلى سقوط شريكها التجاري الرئيسي في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي.
يتسم الكساد والركود الاقتصادي بوجود العديد من التوابع السلبية والإيجابية التي تتبعهما، وذلك على مستوى النظام الاقتصادي العام. والتي يمكننا استخدامها للحصول على فهم أكبر وأوسع لكيفية عملها وكيفية النجاة منها.
عموما، ارتفاع معدلات البطالة هي علامة كلاسيكية لكلاً من الركود والكساد، يؤدي إلى إنخفاض الإنفاق من قبل المستهلكين وخفض الوظائف من قبل الشركات لمواجهة التراجع في الأرباح. الفرق بين الركود والكساد هو أن معدل البطالة في حالة ركود أقل حدة مما كانت عليه في الكساد.مثل فإن معدل البطالة للركود في حدود 5 إلى 11% و على عكس الكساد الأكبر(1929-1933) أصبحت معدلات البطالة من 3% إلى 25% عام 1933.
كلاً من الركود والكساد يودي إلى تدهور كبير في الإقتصاد، خلال فترات النمو تحافظ الشركات على زيادة المعروض لتسد إحتياجات المستهلكين والمطلوب ولكن في مرحلة ما سيكون المعروض أكثر من المطلوب في الإقتصاد وعندما يحدث ذلك بتباطئ الإقتصاد مع تباطئ الطلب، فالركود والكساد يعتبر مرحلة لإزالة كل التجاوزات الموجودة بالإقتصاد ولكن هذه العملية مؤلمة وقد يتأثر بها الكثير.
الركود والكساد تجعل هناك الكثير من الخوف لدى المستهلكين فمع تباطؤ نمو الإقتصاد و إرتفاع معدلات البطالة ونتيجة لذلك قد يتخوف المستهلكين أن الأمور لن تتحسن في وقت قريب مما يتجهوا إلى تقليلص الإنفاق، مما يؤثر أيضاً في تباطء الاقتصاد بشكل أكبر ويفاقمه.
تتراجع قيمة الأصول و الممتلكات خلال فترات الركود والكساد بسبب تباطئ الأرباح نتيجة لتراجع النمو الإقتصادي، وهذا يؤدي إلى تراجع أسعار الأسهم بشكل كبير بسبب تباطئ الأرباح وتوقعات سلبية للشركات بالإضافة إلى تراجع الإستثمارات الجديدة في الإقتصاد قد تؤثر أيضاً على كثر من الأصول لدى الناس.
التدهور الإقتصادي يسمح للإقتصاد بإزالة التجاوزات الإقتصادية ، وخلال هذه العملية يتم تخفيض المخزون من المعروض إلى مستويات أكثر طبيعية و تسمح للإقتصاد بخوض تجربة النمو مرة أخرى مع نمو الطلب على المنتجات.
الركود والكساد تساعد كلاً منها على الحفاظ على نمو إقتصادي متوازن، فإذا نمى الإقتصاد دون ضبط بعدة سنوات، يؤدي ذلك إلى تضخم غير محتكم من خلال الركود أو الكساد يضطر المستهلكون إلى تخفيض الإنفاق ردا على إنخفاض الأجور لخلق وضعية أفضل يمكن للإقتصاد النمو فيها بمستويات عادية .
ففي الأوقات الصعبة يمكن أن تخلق فرص لشراء المنتجات بشكل واسع خصوصاً على الأصول والممتلكات الضخمة، حيث يتم تشغيل مسار الإقتصاد، فالأسواق ستتكيف مع التوسع الإقتصادى ، وهذا يوفر للمستثمرين فرصة لكسب المال كما تحرك هذا الإنخفاض في الأسعار إلى أن تكون أسعار هذه الممتلكات في وضعها الطبيعي.
فالمصاعب الإقتصادية يمكن أن يخلق إتجاه جديد من التفكير لدى المستهلكين. مثل التوقف عن العيش فوق إمكانياته المادية حيث يضطرون إلى العيش ضمن دخلهم الحقيقي، وهذا يسبب نوعا ما من الإدخار الذي يساهم في معدل الإدخار الوطني مما يسمح بزيادة الإستثمارات في الإقتصاد.