logo

تحليل هل ماضي مؤشر الدولار سيعيد نفسه ؟

30 مايو 2023 ، آخر تحديث: 30 مايو 2023
هل ماضي مؤشر الدولار سيعيد نفسه ؟
تحليل هل ماضي مؤشر الدولار سيعيد نفسه ؟

هل الماضي سيعيد نفسه ؟

 مؤشر الدولار الأمريكي (Dollar Index) هو مقياس مالي يستخدم لقياس قوة الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الأجنبية الأخرى. تم إنشاء المؤشر في عام 1973 بقيمة قاعدة 100، وهو يتبع تحركات الدولار الأمريكي مقابل ست عملات أجنبية رئيسية وهي اليورو (EUR) والين الياباني (JPY) والجنيه الاسترليني (GBP) والدولار الكندي (CAD) والكرونة السويدية (SEK) والفرنك السويسري (CHF).

 تطور مؤشر الدولار الأمريكي على مر الزمن بتغيرات في تكوينه. في الفترة الأولى من تأسيس المؤشر، كان يركز بشكل رئيسي على اليورو والين الياباني، ثم تمت إضافة العملات الأخرى لتشمل ست عملات رئيسية.

 مؤشر الدولار الأمريكي يعكس تحركات الدولار الأمريكي في السوق العالمية. عندما يرتفع المؤشر، فإن ذلك يعني أن الدولار الأمريكي قد ارتفع قوته مقارنة بالعملات الأخرى في السلة، وعندما ينخفض المؤشر، فإن ذلك يعني أن الدولار الأمريكي قد ضعف مقابل العملات الأخرى.

 تاريخيًا، شهد مؤشر الدولار الأمريكي تحركات مهمة في العديد من الفترات. في فترة السبعينيات، تأثر المؤشر سلبًا بعدة عوامل مثل انخفاض قيمة الدولار الأمريكي وزيادة التضخم. في الثمانينيات، ارتفع المؤشر بفضل سياسات التضخم المكافحة التي اتخذتها الولايات المتحدة.

 في الفترة الأخيرة، شهد المؤشر تحركات مهمة نتيجة التوترات التجارية العالمية والسياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي). على سبيل المثال، في عام 2014، ارتفع المؤشر بفضل توقعات رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، في حين أدى التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى تقلبات في قيمة المؤشر في الفترة الأخيرة.

 مؤشر الدولار الأمريكي يعتبر أداة هامة للمستثمرين والتجار الذين يتابعون أداء الدولار الأمريكي وتأثيره على الأسواق المالية العالمية. تغيرات المؤشر يعكس التحولات في التوقعات الاقتصادية والسياسية للدولار الأمريكي والاقتصاد العالمي بشكل عام.

 أعلى سعر وصل إليه مؤشر الدولار الأمريكي (Dollar Index) في تاريخه كان في مارس 1985 حيث وصل إلى مستوى 164.72. هناك عدة عوامل أسهمت في ارتفاع المؤشر إلى هذا السعر القمة:

 1. سياسة تضخم الدولار: في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تعاني من معدلات تضخم عالية، وقد اتخذ البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) سياسة تضييق السيولة ورفع أسعار الفائدة للحد من التضخم. زيادة أسعار الفائدة جعلت الدولار الأمريكي أكثر جاذبية للمستثمرين وزادت قوته الشرائية.

2. التوترات الجيوسياسية: في تلك الفترة، كان هناك توترات جيوسياسية مهمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى تدفق استثمارات إلى الدولار الأمريكي كملاذ آمن.

 3. تباين أداء الاقتصادات العالمية: في ذلك الوقت، كانت الاقتصادات العالمية تعاني من تباين في أدائها، حيث كانت الولايات المتحدة تعتبر واحدة من أقوى الاقتصادات في تلك الفترة. هذا الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي دعم قوة الدولار الأمريكي.

 يجب ملاحظة أن المؤشر يتأثر بعدة عوامل اقتصادية وسياسية، وتاريخيًا قد تؤدي تلك العوامل إلى تذبذبات في قيمة المؤشر وارتفاعه أو انخفاضه.

في عام 1985، كانت الولايات المتحدة تتبع سياسة نقدية تهدف إلى مكافحة التضخم وتعزيز قوة الدولار الأمريكي. بعد فترة من التضخم العالي في السبعينيات، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات للحد من التضخم واستقرار الاقتصاد.

 بعض الأحداث الرئيسية والسياسات النقدية التي وقعت في تلك الفترة تشمل:

 1. اتفاق بلازا: في سبتمبر 1985، التقى مجموعة من الدول المتقدمة اقتصاديًا في الفندق بلازا في نيويورك. تم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على تعزيز الدولار الأمريكي بالتدخل في السوق النقدية العالمية. تم تنسيق جهود تدخل العملات بين الدول للحد من ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأجنبية وتحسين توازن التجارة.

2. تشديد السياسة النقدية: في الفترة الممتدة من عام 1980 إلى 1982، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشدة للحد من التضخم. وفيما بعد، خفضت أسعار الفائدة بشكل تدريجي لتحفيز النمو الاقتصادي. هذه السياسة النقدية المتبعة في تلك الفترة ساهمت في تعزيز قوة الدولار الأمريكي.

 3. قانون تصحيح الضرائب والميزانية: في عام 1986، أقرت الولايات المتحدة قانونًا يهدف إلى تصحيح الضرائب وتحقيق التوازن في الميزانية العامة. تهدف هذه السياسة إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتقوية الدولار الأمريكي.

 تلك السياسات النقدية والاقتصادية التي تبعتها الولايات المتحدة في عام 1985 ساهمت في تحقيق استقرار اقتصادي وتحسين قوة الدولار الأمريكي. كما ساهمت في تحسين التوازن التجاري وتقليل التضخم في الولايات المتحدة.

يعتبر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، المصرف المركزي للولايات المتحدة، بمثابة الجهة المسؤولة عن تحديد سياسة الفائدة في البلاد. وتختلف فترات رفع أسعار الفائدة بناءً على الظروف الاقتصادية والتضخم والتوقعات الاقتصادية. هنا بعض الأعوام التي قام فيها الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة لكبح التضخم:

1. 1980-1981: في تلك الفترة، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشدة لمكافحة التضخم العالي في ذلك الوقت. بلغت أسعار الفائدة ذروتها خلال هذه الفترة.

 2. 1994: في عام 1994، اضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد لاحتواء زيادة التضخم. رفعت الفائدة القصوى خلال تلك الفترة بشكل مفاجئ.

 3. 2004-2006: في فترة ما بين عامي 2004 و2006، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة تدريجياً في سلسلة من الزيادات التدريجية للحد من التضخم وإعادة التوازن إلى الاقتصاد.

 4. 2015-2018: في هذه الفترة، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة من مستويات قرب الصفر التي كانت معمولًا بها للتخفيف النقدي خلال الأزمة المالية العالمية. تم تنفيذ سلسلة من رفع الفائدة خلال هذه الفترة.

5. 2022-2023 : بدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة لكبح التضخم الناتج عن السياسة المالية التي تم تنفيذها في غضون فترة جائحة كورونا , وما زال العمل جاري في رفع الفائدة حتى الان بهدف تخفيض التضخم إلى 2% .

في العلم الاقتصادي، يتناول مفهوم "الماضي يعيد نفسه" فكرة أن بعض الأنماط الاقتصادية والسياسية يمكن أن تتكرر عبر الزمن. وعلى الرغم من أن هناك بعض القوانين والنظريات الاقتصادية التي تستند إلى هذا المبدأ، إلا أن الواقع الاقتصادي والسياسي معقد ويتأثر بعوامل متعددة وتغيرات مستمرة.

فيما يتعلق بالسياسة النقدية الأمريكية، لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بما ستتخذه الحكومة والبنك المركزي من سياسات في المستقبل. تتأثر السياسة النقدية بعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية متغيرة، ويتم اتخاذ القرارات النقدية بناءً على التحليلات والظروف الحالية.

 ومع ذلك، يمكن استخلاص بعض الدروس والتوجيهات من الماضي لمساعدة في توجيه القرارات النقدية في المستقبل. تجارب الماضي قد توفر فهمًا للتحديات والفرص التي يمكن أن تواجهها الاقتصادات في المستقبل وتساعد في تحسين الأداء الاقتصادي والاستقرار المالي.

 باختصار، فإن السياسة النقدية في المستقبل يمكن أن تكون مستوحاة من التجارب التاريخية والدروس المستفادة منها، ولكنها لا تعني بالضرورة تكرار نفس الأحداث والتطورات في الماضي بشكل مطلق.

باسل عبيدات ... متداول في الاسواق المالية العالمية

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024