يترقب المستثمرون حول العالم اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الجاري، لمعرفة اتجاهات الفائدة الأميركية، إذ سيكون الاجتماع نقطة تحول مهمة لفهم سيناريوهات المرحلة المقبلة، وإذا ما كان "الفيدرالي" يعتزم الاستمرار في سياسته النقدية المتشددة أو سيتجه نحو وقف مسار رفع الفوائد.
السيناريو شبه المؤكد لدى الأسواق أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس (أو 25 في المئة) في اجتماعه يومي 25 و26 يوليو (تموز) الجاري، لكن الخلاف الآن إذا كان "الفيدرالي" سيستمر في رفع أسعار الفائدة في الأشهر المتبقية من العام.
توقعات رفع الفائدة
وكان المسؤولون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي قالوا في اجتماعهم الشهر الماضي، إنهم يرجحون زيادة الفائدة مرتين هذا العام، إذ جاءت هذه التخمينات محبطة للأسواق بعد أن كانت تتوقع توقف "الفيدرالي" عن سياسته النقدية المتشددة عقب اتخاذ قرار عدم زيادة الفائدة في يونيو (حزيران) الماضي.
وتتوقع الأسواق الآن حدوث الزيادة الثانية في سبتمبر (أيلول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، لكن اجتماع "الفيدرالي"، الأسبوع الجاري، سيحدد ذلك، إذ حدثت تطورات في الأسابيع الأخيرة قد تغير من مسار رفع الفوائد.
مفاجآت غير متوقعة
تراجع التضخم بشكل غير متوقع في يونيو الماضي، إذ تراجع إلى نسبة ثلاثة في المئة على أساس سنوي من أربعة في المئة في مايو (أيار) الماضي، وهو أقل معدل تضخم منذ مارس 2021. وكانت التوقعات ببلوغ التضخم 3.1 في المئة، لكن التراجع دون التوقعات أعطى حافزاً للمستثمرين بأن "الفيدرالي" قد يعدل عن رفع الفائدة.
ويعتمد "الفيدرالي" على التضخم كمرجع لسياسته النقدية، إذ يتطلع لتخفيضه إلى نسبة اثنين في المئة بعد بلوغه مستويات تاريخية منتصف العام الماضي تجاوزت تسعة في المئة، ويرفع "الفيدرالي" الفائدة في محاولة لتهدئة الطلب في الاقتصاد، ما يؤدي تلقائياً إلى تراجع الأسعار وانخفاض التضخم.
زيادة شبه حتمية
ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار خمسة نقاط مئوية منذ مارس (آذار) 2022 لتقليص أعلى معدل تضخم في الولايات المتحدة في أربعة عقود.
وهناك يقين شبه تام لدى المستثمرين في الأسواق أن "الفيدرالي" سيرفع الفائدة بربع نقطة إضافية (أو 0.25 في المئة) في الأسبوع الجاري، إذ إن هناك إجماعاً قياسياً بنسبة تتجاوز 97 في المئة أن هذه الزيادة ستحدث في الاجتماع المقبل.
ومن شأن الزيادة الأخرى المرجحة أن ترفع معدل الفائدة إلى نطاق 5.25 في المئة إلى 5.50 في المئة من نحو صفر في المئة في مارس من العام الماضي.
واستوعبت "وول ستريت" هذه الزيادة في الأسبوعين الأخيرين، وتحركت بإيجابية بعد أن ركزت الأسواق على نتائج الشركات، بينما سيغير اجتماع "الفيدرالي" كل المعطيات في حال أعطى إشارات على نهاية رفع الفائدة، إذ من الممكن أن ترتفع البورصات بشكل كبير بعد ذلك.
حققت البورصات ارتفاعات قياسية منذ بداية العام، إذ صعد مؤشر "ناسداك" المجمع، الذي يقيس أسهم التكنولوجيا، بنسبة تزيد على 35 في المئة، بينما ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" الذي يعتبر المؤشر المعياري في "وول ستريت"، بنسبة تزيد على 18 في المئة، في وقت كانت ارتفاعات مؤشر "داو جونز" الأقل عند 6.3 في المئة.
ولعبت عوامل عدة في هذه الارتفاعات، فعلى رغم صعود الفائدة لمستويات كبيرة في فترة زمنية قياسية، منها الفورة التي حدثت لشركات الذكاء الاصطناعي ودعمت مؤشر "ناسداك"، بينما أظهر الاقتصاد الأميركي مرونة غير متوقعة بزيادة الوظائف وتجاوز أزمة البنوك التي حدثت في الربع الأول من هذه السنة، وتجاوز توقعات الركود، وأدى ذلك لدعم مؤشري "ستاندرد أند بورز" و"داو جونز".