logo

تقرير عوامل ترهق الأسر والاقتصاد في فلسطين

06 سبتمبر 2023 ، آخر تحديث: 06 سبتمبر 2023
عوامل ترهق الأسر والاقتصاد في فلسطين
تقرير عوامل ترهق الأسر والاقتصاد في فلسطين

تشكو فئات اجتماعية  في فلسطين بخاصة الموظفين ومنهم موظفو القطاع العام من ارتفاع كلفة المعيشة بشكل كبير هذه الفترة، مشيرين إلى أن مجموعة من العوامل تضافرت في فترة واحدة لتأكل من رواتبهم وتلحق بهم ضررا مالي وهي مستويات الأسعار الآخذة في الارتفاع (ارتفاع نسبة التضخم)، وارتفاع الفوائد على القروض نتيجة رفع أسعار الفائدة عالميا، وكذلك تلقيهم رواتب بالشيقل مقابل قروض في الدولار، بالإضافة إلى عدم تمكن السلطة الوطنية من صرف رواتب كاملة بسبب أزمتها المالية الناجمة أساسا عن الاقتطاعات الاسرائيلية الجائرة لأموال المقاصة (بسبب دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى) وتخفيض المساعدات الأجنبية منذ عدة سنوات بعد رفض القيادة لمشروع صفقة القرن.

 

ارتفاع في الأسعار

تشير الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء أن فلسطين شهدت تضخما منذ بداية العام الجاري بنحو 3.82%، وهي نسبة عالية مقارنة مع فترات سابقة، إذ تستهدف الدول عادة تضخما في الحالات الطبيعية بين 2 - 3% سنويا، لكن الوضع الاقتصادي العالمي ألقى بظلاله على أسعار كثير من السلع عالميا، في ظل جهود تبذلها البنوك المركزية العالمية وفي مقدمتها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لكبح جماح التضخم الذي تسببت به البنوك المركزية نفسها أساسا من خلالها ضخها لسيولة عالية في الأسواق لمنع حصول ركود اقتصادي خلال فترة ذروة جائحة كورونا.

رفع أسعار الفائدة

تسببت السياسات المالية للبنوك المركزية على مستوى العالم في فرع الفائدة تباعا، بتشجيع عملية الايداع في البنوك لأخذ فائدة عالية بهدف تقليل السيولة النقدية من الأسواق لخفض التضخم، وهذا بدوره زاد من أعباء الاقراض الأمر حذت حذوه البنوك العاملة في فلسطين برفع أسعار الفائدة على المقترضين ومنهم موظفو القطاع العام، ورغم وجود مبادرة بين جمعية البنوك العاملة في فلسطين وسلطة النقد للإبقاء على سعر الفائدة في قروض الاسكان والقروض الشخصية لغرض الاسكان كما كانت في 30 - 6 - 2022، غير أن أعباء ارتفاع اسعار الفوائد طال المقترضين الحكوميين خاصة أن أسعار الفوائد وصلت  إلى 5 - 9%، بينما كانت قبل سياسات رفع الفائدة 4 - 7%(حسب نوع القرض وطبيعة العميل والبنك). 

وحققت البنوك المدرجة في بورصة فلسطين أرباحا خلال النصف الأول من العام الحالي وصلت إلى نحو84 مليون دولار بزيادة نسبتها 22% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، مع وجود توقعات أن يصل حجم الأرباح لمجمل البنوك العاملة في فلسطين إلى 150 مليون دولار مع نهاية النصف الأول (معظم نمو الأرباح تحقق من رفع الفوائد).

 

ارتفاع قيمة الدولار أمام الشيقل

تزامنا مع قرب إعلان وزارة المالية والتخطيط عن موعد صرف رواتب شهر آب الماضي، سجل الدولار الأميركي ارتفاعا مقابل الشيقل الاسرائيلي ليصل إلى 3:82 أمس الاثنين، وهو مستوى لم يصله إلا قبل عدة سنوات وتحديدا منذ جائحة كورونا وقبلها في عام 2016، وهذا بدوره سيضيف أعباء أخرى على المقترضين ومنهم موظفو القطاع العام الذين سيكونون مضطرين لتقديم خصومات أخرى من رواتبهم المحولة بعملة الشيقل لغرض احتساب قيمة القروض المقومة غالبا بعملة الدولار (قروض الأفراد وخاصة لغرض السكن معظمها بالدولار)، ما يعني أقساطا أعلى.

 

راتب منقوص

يتقاضى موظفو القطاع العام البالغ عددهم قرابة 140 ألف موظف راتبا غير كامل منذ تشرين الثاني 2021، بسبب الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية نتيجة تراجع المساعدات الدولية وتواصل القرصنة الاسرائيلية من أموال المقاصة وصلت إلى قرابة 3 مليارات شيقل خلال 3 أعوام عدا عن احتجاز رسوم الجسر والتي تقدر بنحو مليار شيقل. في حين أن مستحقات الموظفين في ذمة الحكومة وصلت مع نهاية تموز الماضي إلى نحو 2.4 مليار شيقل، أي أنه لولا الاقتطاعات الاسرائيلية لاستطاعت السلطة من الايفاء بالتزامتها كاملة تجاه الموظفين.

 

عوامل ترهق الأسر والاقتصاد

يقول المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم    من الواضح أن هذه العوامل الأربعة من شأنها أن ترهق فئات اجتماعية عدة ومن بينها الموظفون، خاصة أن العلاقة التعاقدية بين المقترضين والبنوك تسمح للأخيرة بموجب الصيغة التعاقدية إعادة تقييم الفائدة في العقود طويلة الأجل مثل قروض الاسكان، وهذا يعني أن المقترض سيدفع قسطا أعلى"، مشيرا إلى أن الأجور أصلا في فلسطين متدنية مقارنة بمتطلبات المعيشة ولا تكفي الاحتياجات فكيف حينما يتلقى الموظفون رواتب منقوصة وتزامنها مع ارتفاع الفوائد وصعود سعر صرف الدولار مقابل الشيقل وتضخم الأسعار؟".

ويشير د. عبد الكريم إلى أن الأسعار ترتفع في فلسطين لأسباب منها منطقية مثل ارتفاع قيمة الدولار ومعظم السلع مستوردة بالدولار أو عملات مقومة بالدولار، وكذلك نتيجة ظروف عالمية تتعلق بالعرض والطلب وخاصة في ظل التوترات العالمية، ومنها أسباب عدم منطقية مثل عدم تماثل المعلومة الاقتصادية بين المستهلك والتجار الكبار الذين يدعون أحيانا وجود أسباب عالمية غير حقيقة وراء الارتفاعات. وتساءل" هناك ارتفاعات عالمية تحصل، ولكن مؤخرا الأسعار في الأوراق العالمية عادت إلى الانخفاض، فلماذا لم تنخفض محليا؟!"، مشيرا إلى وجود حالة من الانفلات في السوق المحلية يتحكم بها بعض التجار.

وأضاف: "مشكلة أخرى تمثل تحديا للفئات المختلفة ومنها تدني الأجور، التي لم تعد كافية للايفاء بمتطلبات الحياة"، مشيرا إلى أن متوسط الأجور في فلسطين يقترب من 3000 شيقل، لكنه يعتقد أن الأسرة الفلسطينية تحتاج إلى ما لا يقل عن 4500 شيقل شهريا للايفاء بالتزاماتها الأساسية طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق بين منطقة جغرافية وأخرى ونمط استهلاكي وآخر. 

 يعتقد د. عبد الكريم أن مستوى  الأسعار في السوق الفلسطينية عموما ليس عادلا وهناك ظواهر احتكارية يمارسها تجار، مطالبا بتدخلات حكومية لوقف جماح الطمع عند بعض التجار. ويشير إلى أن استمرار التضخم بوتيرة عالية يخلق متاعب للأسر والاقتصاد عموما، إذ ستكون المؤسسات مضطرة في ظل الصعوبات المالية والاقتصادية لرفع الأجور، او أنها ستواجه اضطرابات نقابية، ولهذا فإن كبح جماح التضخم يجب أن يكون أولوية عند الحكومة من خلال تشديد الرقابة على الأسواق

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024