تعيش تركيا أسبوعا حاسما لتلقي حساب تدخلاتها غير المشروعة في مياه البحر المتوسط، العائدة لكل من قبرص واليونان.
بنهاية الأسبوع الجاري، سيقر زعماء الاتحاد الأوروبي في اجتماع يعقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، أدوات الرد على تدخلات تركيا في مياه المتوسط، رغم تحذيرات متكررة من دول التكتل بإعادة سفن التنقيب التركية مدارجها، بعيدا عن المياه الإقليمية لدول الجوار.
ومنذ 2019، تمارس تركيا همجية البحث والتنقيب وتسيير سنها الحربية في المياه الإقليمية لقبرص واليونان، في محاولة للسيطرة عليها، إذ تشير التوقعات لاحتواء تلك المياه على مخزونات من الطاقة التقليدية، وبالتحديد الغاز الطبيعي.
ووجدت تركيا نفسها كدولة مستوردة خالصة لمصادر الطاقة التقليدية، بعكس دول الجوار، فيما أظهر تقارير صحفية خلال العام الجاري، أن المهارات التركية في التنقيب ضعيفة، إذ يتم التنقيب في مناطق خاطئة.
في يونيو/ حزيران الماضي، فاجأت وسائل إعلام تركية الرأي العام المحلي بمعلومات حول قيام السلطات التركية المختصة في مجال التنقيب عن الطاقة في البلاد، بأعمال البحث في أماكن خاطئة، بعيدة عن المناطق الفعلية.
ونقلت صحيفة "سوزجو" التركية عن "دوغان إيدال" أستاذ الهندسة الجيولوجية، قوله إن عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي تتم بشكل خاطئ وفي المكان غير الصحيح في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يعني تكبد تركيا تكاليف باهظة.
وتركيا الفقيرة في مجال الطاقة التقليدية، وجدت نفسها خارج تحالف منتدى غاز شرق المتوسط الذي أعلن عن ولادته العام الماضي في مصر، تبحث اليوم عن إثبات نفسها في المنطقة من بوابة التنقيب في المتوسط واحتلال الثروات.
أدوات ضغط كبيرة
سيكون المجال التجاري واحدا من أدوات الضغط الأوروبية على تركيا، إذ تعتبر دول الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لتركيا تاريخيا.
وبإمكان الاتحاد الأوروبي اللجوء لورقة التجارة في حال تعنت تركيا ورفضها الامتثال للتوصيات الأوروبية بشأن تراجع سفن التنقيب التركية إلى غير رجعة من المياه الإقليمية لقبرص واليونان.
وبلغ إجمالي صادرات تركيا نحو الاتحاد الأوروبي في الشهور السبعة الأولى من العام الجاري 37 مليار دولار أمريكي، تشكل نسبتها 41.1% من إجمالي الصادرات التركية نحو العالم والبالغة 90 مليار دولار.
كذلك، يمكن للاتحاد الأوروبي التوقف عن التصدير خاصة للسلع الرئيسية نحو تركيا، إذ بلغت واردات تركيا من دول الاتحاد في الشهور السبعة الأولى من العام الجاري، نحو 37.6 مليار دولار، وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية.
الاتجاه المالي
وفي الاتجاه المالي، تستطيع دول الاتحاد الأوروبي من خلال المركزي الأوروبي، فرض قيود على حركة النقد الأجنبي بين البنوك التركية والبنوك المراسلة الأوروبية، كإحدى أدوات الضغط على أنقرة للتراجع عن خطواتها الاستفزازية تجاه الإقليم.
وتعني الخطوة الأوروبية في حال تنفيذها، أن الليرة التركية ستهبط إلى قاع جديد أعمق من القاع المسجل الشهر الماضي، البالغ 8.52 ليرة للدولار، إذ تواجه البلاد واحدة من أعقد أزماتها النقدية الناجمة عن شح النقد الأجنبي ممثلا بالدولار الأمريكي واليورو الأوروبي محليا.
وتسببت أطماع الرئيس التركي رجب أردوغان في خسارة تركيا مكاسبها التي حققتها منذ 2002، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مقابل استفادة اليونان وتقاربها مع محور الاعتدال العربي.
وتشير بيانات هيئة الإحصاءات التركية في 2019 إلى أن عجز الطاقة في تركيا بلغ أكثر من 41 مليار دولار، وهو رقم ترى أنقرة أنه يمكن توفيره حال السيطرة بشكل غير مباشر على صناعة النفط الحالية والمتوقعة لليبيا.