يستعد بحر قطاع غزة في هذه الأيام لاحتضان أول مشروع استزراع سمكي لتربية وإنتاج أسماك "الدنيس" في فلسطين، أسوة ببقية دول العالم التي انتهجت منذ سنوات سياسة الاستزراع البحري بديلاً عن الاستزراع في البر؛ لعدة ميزات من حيث الإنتاج والتكلفة. وبدأت شركة خاصة عبر نقابة الصيادين وبتنسيقٍ من وزارة الزراعة بغزة وتمويلٍ ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بتركيب أقفاص بحرية في بحر محافظة خان يونس جنوبي القطاع، وفق دراسة علمية وعملية مُسبقة لاختيار المكان المناسب لإقامة المشروع. وأوضح مدير عام الثروة السمكية بوزارة الزراعة وليد ثابت أنّ "هذا المشروع التجريبي هو عبارة عن إنشاء ثلاثة أقفاص بحرية لتربية أسماك "الدنيس" مقابل ساحل محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، على بعد أربعة أميال بحرية، بعمق حوالي 30 مترًا". وأضاف ثابت "المشروع انطلق، وبدأت عملية تثبيت الأرجل ووضع كتل خراسانية تحت الماء (مكان اختيار موقع المشروع) بواقع خمسة أطنان للكتلة الواحدة، وتستمر حاليًا عملية وضع الأقفاص البحرية". طاقة المشروع وأشار إلى أنّ الطاقة الانتاجية المتوقّعة للمشروع تقدّر ما بين 120-150 طن سمك سنويًا، خلال فترة التربية وهي 12 شهرًا، التي تديرها نقابة الصيادين ومؤسسات عاملة في المجال. ولفت مدير عام الثروة السمكية بوزارة الزراعة إلى أنّ صافي أرباح المشروع ستكون لصالح تطويره وزيادة عدد الأقفاص في مراحل أخرى، بالإضافة لدعم قطاع الصيادين خلال فترة الحروب والكوارث وتطوير البنية التحتية لهم خاصة في الموانئ. وأوضح أنّ فكرة الأقفاص البحرية موجودة في كل دول العالم وهي بديلة لتربية البر، مشيرًا إلى أن الأقفاص البحرية تكلفتها أقل من البر؛ لأنها لا تحتاج إلى طاقة كهربائية، بالتالي الدول توجهت لذلك، ونحن بصدد التوجه لذلك. ونوّه ثابت إلى أنّ مشاريع القطاع الخاص بغزة تعاني، رغم إنتاجها العالي، من مشاكل الكهرباء وارتفاع تكلفة الإنتاج، مبيّنًا أنّ وزارته هدفت إلى الانتقال من البر للبحر، معلنًا تشجيع الوزارة لأصحاب المشاريع البرية بغزة لنقل مشروعها إلى المنطقة التي يقع بها مشروع الاستزراع البحري في بحر خان يونس. ولفت إلى أن دور وزارة الزراعة في المشروع هو الإشراف والتنسيق عبر الإدارة العامة للثروة السمكية، التي تعمل كذلك على توجيه الاستثمار، مبيّنًا أنّ غزة أصبح لديها منذ عامين قدرة على إنتاج بذرة الدنيس وليس استيرادها إذ توجد مُفرخات تُنتج ما بين 2-3 مليون بذرة سنويًا. وأشار ثابت إلى أنّ تطوير الاستزراع السمكي يعدّ من أهم سياسات وزارته، بالإضافة للعمل على تسويق الأسماك في أسواق غزة أو أسواق الضفة بقدر المستطاع. وأوضح أنّ الشركة المشرفة على مشروع الأقفاص ستقوم بتوفير عمال لتنظيف الشباك وتوفير أعلاف للأسماك، مبيّنًا أنّ ذلك سيتطلّب إرسال غطّاسين إلى الخارج عبر "الفاو"؛ لتدريبهم على خياطة وتنظيف الأقفاص البحرية، وتوفير الطعام للأسماك. مشروع استراتيجي بدوه، وصف نقيب الصيادين نزار عياش مشروع الأقفاص بالمشروع "الاستراتيجي" كونه سيوفر عمل لفئة من العمال، ويُنتج كميات كبيرة من أسماك الدنيس، التي ستعود بالنفع على قطاع الصيد الذي يعاني من مشاكل كبيرة في غزة. ونوّه عياش في حديثه إلى أنّ نقابته هي المسؤولة عن مشروع الأقفاص، وطرحت مشاريع عدة أسوة بمشاريع في دول العالم لتطوير قطاع الصيد، مبيّنًا أنّ وصول المشاريع، ومن بينها مشروع الأقفاص، تأخّر لظروف سياسية، بالإضافة لتأخّر التمويل، حيث بدأ تنفيذه بعد الحصول على تمويل من منظمة "الفاو". وأشار إلى أنّه من السابق لأوانه الحديث عن العائد للمشروع كم وأين وكيف سيذهب، موضحًا أنّ ذلك سيأتي بعد مرور دورة إنتاجية ناجحة والبدء بتدشين ثانية، قائلًا إنّ العائد حينها سيذهب بكل تأكيد في صندوق لتوسعة المشروع ذاته، الذي سيعود بالنفع لكافة الصيادين على شاكلة مشاريع؛ مُعبرًا عن أمله في أن يُحقق المشروع نجاحًا ويجد السمك المُنتج طريقًا للتصدير.