رغم الفارق في آليات تشغيله مقارنة بعملة بيتكوين، يبدو الدولار الرقمي حال طرحه منافسا للعملات
المشفرة، وعدوا لدودا لشركات تحويل الأموال.
وطرح الدولار الرقمي هو خيار مرجح بقوة خلال الفترة القادمة في إطار سباق البنوك المركزية نحو تحول رقمي فريد في
عملاتها يواكب متطلبات العصر الجديد.
وفي هذا الإطار، طرحت الصين بالفعل اليوان الرقمي ضمن عمليات تجريبية تستهدف من خلالها الوقوف على مدى كفاءة الخطوة لتعميمها مستقبلا.
كما أعلنت عدة بنوك مركزية لدول متقدمة إطلاق مشروعات جادة للتحول نحو العملات الرقمية ومن بينها بنك اليابان وبنوك مركزية أوروبية.
الدولار الرقمي.. من ينافس؟
بطبيعة الحال، فإن أي مشروع لعملة رقمية يتم التعامل معه بشكل مباشر كمنافس أساسي لأشهر عملة رقمية في العالم.. بيتكوين.
ورغم ذلك، يقول نوح سميث الكاتب بوكالة "بلومبرج"، إن ثمة اختلافات جوهرية بين بيتكوين والدولار الرقمي أو "فيدوكوين"
كما يحب أن يسيمه البعض.
لكن ذلك لا يمنع أن العملتين ستقدمان خدمات متشابهة وهي تحويل الأموال بتكلفة زهيدة، وهنا يبرز أن الدولار الرقمي قد
يكون منافس لبيتكوين لكنه عدو "وجود" بالنسبة لشركات تحول الأموال مثل "ماستركارد" ومن على شاكلتها.
آلية عمل الدولار الرقمي
سيكون الدولار الرقمي بمثابة نظام دفع أسهل للأمريكيين، ويفترض أنه سينافس عملة «بيتكوين» والعملات المشفرة
الأخرى، ولكن هناك القليل من الأسباب المنطقية للعمل بهذا الدولار الإلكتروني، الذي ستتم إدارته من قبل الحكومة.
كما أنه ربما توجد طرق أفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لجعل دفع ثمن الأشياء أسهل وأرخص للأمريكيين.
وفقا لديفيد أندولفاتو نائب الرئيس في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ستسمح "فيدكوين" للأشخاص بإجراء
معاملات مالية من دون الحاجة إلى فتح حساب مصرفي كما يحدث مع النقود المادية.
ولكن سيعمل الدولار الرقمي من خلال استخدام تطبيق على الهاتف المحمول بدلاً من استخدام محفظة النقود الفعلية.
وجادل أندولفاتو بأن سرقة هذه العملة ستكون أيضاً أصعب من سرقة الأموال من الحسابات المصرفية التي يمكن اختراقها،
وبالإضافة إلى ذلك، فإنها ستترك أثراً إلكترونياً يسمح للحكومة بتعقب المجرمين من خلاله إذا لزم الأمر.
الفرق بين الدولار الرقمي وبيتكوين
من المهم للغاية ملاحظة أن الدولار الرقمي لا يحتاج إلى استخدام العمليات اللامركزية التي تمكن بيتكوين من التداول.
فقد تم تصميم بيتكوين للعمل من دون الحاجة إلى وسيط موثوق به، مثل البنك، فعندما يقوم شخصان بإجراء معاملة بالدولار،
يتحقق البنك من المعاملة ويسجلها، ويتأكد من خصم الأموال من أحد الحسابات وقيدها في حساب آخر.
ولكن عند استخدام بيتكوين فإنه يتم إجراء هذا التحقق بدلاً من ذلك عن طريق شبكة موزعة من أجهزة الكومبيوتر، تسمى "عمال المناجم".
وتعد اقتصاديات النظام التي يتنافس من خلالها عمال المناجم للتحقق من المعاملة، ويتم مكافأة هؤلاء العمال من خلال
عملات بيتكوين للقيام بذلك، هي العملية التي تحافظ على موثوقية النظام بأكمله.
لكن هذه العملية تتطلب أيضاً وجود موارد هائلة، كما أن عملية التعدين، التي يطلق عليها نظام "إثبات العمل"، تتطلب حل
المشكلات الحسابية الصعبة للغاية، والتي تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة الحاسوبية، والتي تتطلب بدورها أيضاً قدراً هائلاً من
الطاقة الكهربائية، تقريباً مثل حجم الطاقة المستخدمة في بلد مثل الأرجنتين بأكمله، وما إذا كان استخدام الطاقة هذا
سيؤدي في النهاية إلى إعاقة عملات بيتكوين كنظام نقدي هو سؤال لا يزال يتعين الإجابة عنه.
ولكن ما هو واضح هو أنه لا توجد حاجة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إنشاء نظام إثبات العمل الخاص به لعملة
"فيدكوين"، فإثبات العمل هو طريقة مكلفة لبناء الثقة في العالم اللامركزي، ولكن لا يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو
كيان مركزي وموثوق به بالفعل، إلى استخدام كميات هائلة من الكهرباء لإعادة الثقة في كل مرة يريد فيها شخص ما إنفاق
دولار رقمي.
ولكنه، بدلاً من ذلك، يمكنه تسوية المعاملة كما يفعل أي بنك، بتكلفة بسيطة وبسهولة، وطالما أن الناس يثقون بأن بنك
الاحتياطي الفيدرالي لن يسرق أموالهم (ولماذا يفعل ذلك عندما يمكنه طباعة ما يحلو له من الأموال؟)، فإنه يمكن أن يكون
نظام مدفوعات الخاص بالاحتياطي الفيدرالي رخيصاً، بشكل لا يصدق من دون الاعتماد على أي تقنية عملة مشفرة على الإطلاق.
عدو ماستركارد
ولذلك؛ فإن فيدكوين لن يشبه بيتكوين بأي شكل من الأشكال، لكن هذا لا يعني أن البنك المركزي لا يمكنه المشاركة في
عملية الدفع، حيث يمكن لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إنشاء تطبيق يمكن للناس من خلاله إرسال دولارات رقمية لبعضهم
بعضاً بتكلفة بسيطة بطريقة الند للند، وذلك من دون وجود حساب مصرفي.
وبدلاً من تخزينها في دفتر التوزيع العام مثل العملة المشفرة، فإنَّ هذه الدولارات ستكون موجودة ببساطة في قاعدة البيانات
المركزية الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي، والتي يمكن للأشخاص الوصول إليها من خلال هواتفهم، مثلما يستخدمون الهواتف حالياً للوصول إلى حسابات Venmo الخاصة بهم.
وسيتنافس نظام الدفع الإلكتروني الذي يديره بنك الاحتياطي الفيدرالي مع تطبيقات الدفع الحالية، مثل PayPal وVenmo
وStripe وVisa وMasterCard، وهو ما سيضع تلك الشركات في وضع غير جيد؛ لأنَّها تتطلب جميعاً وجود البنوك وسيطاً.
ولكن الاحتياطي الفيدرالي لديه بنكه الخاص؛ ولأنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي هو جزء من الحكومة، فإنَّه لا يحتاج حتى إلى
جني الأرباح؛ ولذلك فإنَّ خدمة الدفع التي سيقدمها ستكون رخيصة جداً بالفعل، حتى إنَّه قد يتم إيقاف العمل بخدمات دفع الرسوم.