قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: إنه إذا كانت جائحة كوفيد - 19 قد غيرت عالمنا بشكل عميق، وإذا كان العام الماضي مليئا بالتحديات، وإذا كانت اللقاحات تجلب الأمل اليوم، فإن الوباء وتحدياته لم تنته بعد، خاصة ما يتعلق بالصحة العقلية ومعاناة الناس من مشكلات نفسية ومخاوف بشأن وظائفهم وأموالهم وأحبائهم ومستقبلهم. وقالت دراسة متخصصة للمنظمة: إن هناك خسائر فادحة في الصحة العقلية في جميع أنحاء العالم، إذ زادت مستويات القلق والاكتئاب المبلغ عنها بشكل كبير، بل إنها تضاعفت في بعض البلدان.
الأزمة الاقتصادية
وكان الدافع وراء ذلك الوباء نفسه - الوفيات الناجمة عن الفيروس، وإجراءات الصحة العامة الصارمة - والأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها. واعتبرت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "معالجة تأثير أزمة فيروس كورونا في الصحة العقلية" البطالة أحد عوامل الخطر الرئيسة لسوء الصحة العقلية ووجدت أن دعم الشباب في العثور على عمل والحفاظ عليه والبقاء فيه أولوية اقتصادية واجتماعية وسياسة وصحية أيضا. وعن قلق الناس بشأن الوظائف والتمويل والمستقبل، قالت الدراسة: إن 44 في المائة من الأسر أفادت بوجود فرد واحد على الأقل تعطل عمله بسبب الأزمة - مثل فقدان الوظيفة، أو التسريح الدائم او المؤقت، أو تخفيض ساعات العمل، أو الإجازة غير مدفوعة الأجر، أو التشجيع على الاستقالة. وأبدى الناس أيضا قلقا يتعلق برفاههم المالي والاجتماعي والاقتصادي بشكل عام ورفاهية أسرهم. قال كثيرون: إنهم لم يتمكنوا من تغطية النفقات المعتادة، مثل الإيجار أو الرهن العقاري أو المرافق أو فواتير بطاقات الائتمان. وكثيرون غير متأكدين ما إذا كانت لديهم المهارات والمعرفة الصحيحة لتأمين وظيفة جيدة في العقد المقبل.
شعور بالقلق
وأعرب كثيرون أيضا عن شعور بالقلق أيضا بشأن الرعاية الكافية طويلة الأجل لأقاربهم المسنين وما إذا كانوا هم أنفسهم قادرين على تحمل تكاليف التقاعد يوما. واتخذت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خطوات لزيادة دعم الصحة النفسية، بما في ذلك مزيد من الموارد لخطوط الدعم عبر الهاتف أو النشرات، وتحسين الوصول إلى خدمات الصحة العقلية، ومزيد من تمويل الصحة العقلية، وتعزيز نهج متكامل للمجتمع بأسره للصحة النفسية، وتكييف سياسات الصحة النفسية لدعم الشباب، وزيادة الوعي حول كيفية تأثير مكان العمل - بما في ذلك العمل عن بعد - في الصحة العقلية، وتعزيز التدريب على الصحة العقلية للمديرين التنفيذيين. وفي دراستها، ، قدمت المنظمة أرقاما عن مستويات القلق والاكتئاب كنسبة مئوية من السكان في 16 دولة عضوا في المنظمة، من آذار (مارس) إلى نيسان (أبريل) 2020 فصاعدا مقارنة بما قبل كوفيد - 19.
البطالة
وعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة القلق في بريطانيا من 18 في المائة عام 2019 إلى 39 في المائة في 2020 في حين ارتفعت نسبة الكآبة بين 2019 و2020 من 9 إلى 19 في المائة، وفي الولايات المتحدة ارتفعت نسبة القلق من 9 في المائة إلى 31 في المائة، في حين زادت نسبة الكآبة من 8 إلى 24 في المائة. وفي فرنسا، زاد القلق من 13 إلى 29 في المائة، والكآبة من 10 إلى 20 في المائة. في السويد، صعد المؤشر من 13 إلى 25 في المائة، بالنسبة للقلق، ومن 11 إلى 30 في المائة للكآبة، ليسجل بذلك هذا البلد الإسكندنافي أعلى نسبة من الكآبة بين الدول الـ16.
دول اوروبا
وفي بلجيكا، ارتفع القلق من 11 إلى 23 في المائة، والكآبة من 9 إلى 20. في أستراليا، زاد القلق من 12 إلى 21 والكآبة من 11 إلى 27 في المائة. في كندا، كانت زيادة القلق من 5 في المائة إلى 20، والكآبة من 2 إلى 10 في المائة. لكن المفاجأة جاءت من المكسيك، حيث ارتفعت نسبة القلق من 15 إلى 50 في المائة، ونسبة الكآبة من 3 إلى 28 في المائة، وهي ثاني أعلى نسبة للكآبة بعد السويد. وكانت جمهورية التشيك الأدنى في زيادة القلق والكآبة على حد سواء، أو من 8 إلى 13 في المائة، ومن 3 إلى 11 في المائة، حسب الترتيب. وتقول المنظمة: إن الوباء كان صعبا بشكل خاص على الأطفال والمراهقين والشباب، إذ كان أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما معرضين بالفعل لخطر أعلى من المتوسط من الشعور بالوحدة قبل كوفيد - 19، لكن الاضطرابات المدرسية والجامعية والإغلاق، إلى جانب القيود المفروضة على التفاعل الاجتماعي، جعلت الأمور أسوأ. وأكدت أنه يمكن أن يكون لتقليل الاتصال الاجتماعي وضياع ساعات الدراسة تأثير دائم في خطط وتوقعات الأطفال والشباب وصحتهم العقلية، ما يضرهم ويضر بمجتمعاتهم وبلدانهم.
تابعنا على تويتر على الفيسبوك تابعنا على الواتساب تابعنا على التليجرام