"إيتر" أو "الطريق" باللاتينية، هو الاتجاه، الذي اختارته 35 دولة من ثلاث قارات لإنتاج الطاقة الحرارية عن طريق "الاندماج المغناطيسي"، الذي يوفر مصدرا لكهرباء خالية من الكربون، لا تنتج عنها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو نفايات مشعة طويلة العمر.
ملف كهربائي لولبي
بعد عقد من التصميم والتصنيع، أعلنت شركة "جنرال أتوميكس" الأمريكية أنها أصبحت جاهزة لشحن أول وحدة مركزية من
مساهمتها في المشروع، هو عبارة عن "ملف كهربائي لولبي"، يولد أقوى مجال مغناطيسي في العالم.
وستصبح هذه الوحدة، وهي آلة عملاقة تطابق قوتها قوة الطاقة الناجمة عن الشمس، المكون المركزي في مشروع "إتر
ITER"، الذي يجري بناؤه في جنوب فرنسا بمساهمة من 35 دولة شريكة.
كما تتمثل مهمة "إتر" في إثبات إمكانية إنشاء الطاقة من اندماج الهيدروجين مع الهيليوم لتحرير الطاقة والتحكم فيها على الأرض.
والطاقة الناتجة عن هذا الاندماج تكون خالية من الكربون وآمنة واقتصادية، أما المواد اللازمة لتشغيل الطاقة عن طريق
الاندماج، فهي متوافرة بسهولة لملايين الأعوام المقبلة.
هذه خلاصة ما أعلنته شركة "جنرال أتوميكس" في بيان وشريط فيديو توضيحي وصور ومعلومات صحافية زودت "الاقتصادية" نسخة منها.
تعاون دولي
"إتر" هو تعاون بين 35 دولة شريكة: الاتحاد الأوروبي (زائدا بريطانيا) والصين والهند واليابان وكوريا وروسيا والولايات المتحدة.
ويأتي معظم تمويل "إتر" على شكل مكونات صناعية مساهمة في المشروع.
كما يدفع هذا النظام الشركات إلى توسيع خبرتها في التقنيات المستقبلية اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية من الاندماج المغناطيسي.
وعلى مدار الـ15 شهرا الماضية، بدأت المكونات الضخمة الأولى من نوعها في الوصول إلى فرنسا من ثلاث قارات.
عند تجميعها معا، وستشكل هذه الوحدات ما يعرف باسم "إتر توكاماك"، أو "شمس على الأرض" لتحقيق الاندماج على نطاق صناعي.
كما سيتكون الملف اللولبي المركزي، وهو أكبر مغناطيسات مشروع "إتر" وإحدى أكبر المساهمات الأمريكية في المشروع، من ست وحدات.
بعد الانتهاء من تجميع أجزائه، سيبلغ ارتفاع الملف اللولبي 18 مترا وعرضه 4.25 متر ووزنه ألف طن، ليكون أكبر وأقوى
مغناطيس كهربائي نابضا فائق التوصيل تم إنشاؤه على الإطلاق.
وتقول الشركة الأمريكية إن قوة الملف اللولبي المغناطيسية قوية بما يكفي لرفع حاملة طائرات مترين في الهواء.
في جوهرها، وستصل قوة المجال المغناطيسي للملف إلى 13 تسلا (تسلا، وحدة قياس كثافة المجال المغناطيسي) أو ما
يعادل نحو 280 ألف مرة أقوى من المجال المغناطيسي للأرض.
الهياكل الداعمة
يجب أن تتحمل الهياكل الداعمة للملف اللولبي المركزي قوى تساوي ضعف قوة دفع مكوك الفضاء.
ويقول لـ"الاقتصادية" مارشال هوفمان، المتحدث باسم المشروع، "يصنف هذا المشروع بين أكبر برامج المغناطيس وأكثرها
تعقيدا وتطلبا على الإطلاق".
وتعد الحملة التجريبية، التي سيتم تنفيذها في "إتر" أمرا بالغ الأهمية لتمهيد الطريق لمحطات الطاقة الاندماجية في المستقبل.
في كانون الأول (ديسمبر)، أصدرت اللجنة الاستشارية لعلوم الطاقة الاندماجية التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية تقريرا يضع خطة
استراتيجية لبحوث الطاقة الاندماجية على مدى العقد المقبل.
وهو يدعو إلى تطوير وبناء مصنع تجريبي للاندماج بحلول 2040. وفي شباط (فبراير) هذا العام، أصدرت الأكاديميات الوطنية
للعلوم والهندسة والطب تقريرا تكميليا يدعو إلى اتخاذ إجراءات صارمة لبناء محطة طاقة تجريبية. يقترح التقرير تصميما بحلول
2028 ومصنعا تجريبيا للاندماج في الجدول الزمني 2035- 2040.
جدول زمني
الهدف من هذا الجدول الزمني هو تحديد ما يتطلبه الأمر للانتقال إلى انبعاثات الكربون المخفضة بحلول منتصف القرن.
وسيتعين أن يبدأ عديد من الاستثمارات والأنشطة الأساسية من أجل الوفاء بهذا الجدول الزمني، حسبما قالته، كاثي مكارثي، مديرة مكتب مشروع "إتر".
وتضيف: الخبرة التي نكتسبها من مشروع "إتر" في جنوب فرنسا في الهندسة المتكاملة على نطاق المفاعل لا تقدر بثمن
لتحقيق مسار عملي قابل للتطبيق لطاقة الاندماج.
سيكون "إتر" بمنزلة اختبار حاسم للتقنيات والمواد وأنظمة الفيزياء المتكاملة اللازمة للإنتاج التجاري للكهرباء القائمة على الاندماج.
وسيتم استخدام الدروس المستفادة في "إتر" لتصميم الجيل الأول من محطات توليد الطاقة التجارية الاندماجية.
ويقول الدكتور برنارد بيجوت، المدير العام لمؤسسة "إتر" الأمريكية، "مشروع "إتر" هو أكثر أشكال التعاون العلمي تعقيدا في التاريخ.
يتم تصنيع المكونات، التي تضم أعلى قدر من التحدي في ثلاث قارات على مدار نحو عشرة أعوام بواسطة شركات رائدة.
يمثل كل مكون فريقا هندسيا مستقلا. دون هذه المشاركة العالمية، لن يكون "إتر" ممكنا للتحقيق. ولكن كجهد مشترك، يستفيد كل فريق من استثماراته من خلال ما يتعلمه من الآخرين".
تابعنا على تويتر
على الفيسبوك
تابعنا على الواتساب
تابعنا على التليجرام