يخشى كينت ليو أن تلحق خسائر فادحة بشركته لإنتاج الطباعة الرقمية في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، خلال العام المقبل 2022، لا سيما وأن هوامش ربحه انخفضت لأدنى مستوياتها منذ يوليو/تموز الماضي بسبب انخفاض طلبات مصانع الملابس والأكياس التي يملكها عملاء ليو المحليون الرئيسيون.
مثل ليو، تجد العديد من الشركات المصنعة الصينية الصغيرة والمتوسطة الحجم نفسها عالقة بين ارتفاع تكلفة المواد الخام والنقل من ناحية، وضعف الطلب من ناحية أخرى.
ونتيجة لعدم اليقين المحيط بطلب السوق العالمي وسط الوباء، هناك شكوك متزايدة حول إذا ما كانت صادرات الصين ستكون قادرة على الحفاظ على النمو القوي الذي تمتعت به بداية عام 2021.
قال تشانغ يان شنغ -كبير الزملاء الباحثين في المركز الصيني للتبادلات الاقتصادية الدولية- إن نمو الصادرات الصينية سيعتمد على تأثير الوباء المستمر والتعافي في اضطرابات سلسلة التوريد.
وأضاف -خلال ندوة افتراضية تناقش التوقعات بالنسبة للصين عام 2022- أن بعض الاضطرابات في سلسلة التوريد العالمية ستستمر على الأقل في النصف الأول من العام المقبل، مما يعني أن نمو الصادرات سيشهد انخفاضا عما كان عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورننغ بوست" (South China Morning Post) عن ليو كاي مينغ، رئيس معهد المراقبة المعاصرة، أن تكاليف المواد الخام ستظل ترتفع العام المقبل، بما في ذلك مواد البناء والأخشاب والورق وما إلى ذلك، لكن بمعدل زيادة محدود، مضيفًا أن التكاليف اللوجستية يمكن أن تنخفض إذا أصبح الوباء أكثر قابلية للإدارة.
وقالت "أكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics) -في مذكرة بحثية منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري- إن اختناقات النقل التي تواجه صناعة الشحن العالمية قد تستمر حتى النصف الثاني من عام 2022.
وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن والمواد الخام ونقص الطاقة، يبدي مصدرون صناعيون قلقا حيال تأثير تعزيز العملة الصينية "رنمينبي"، مشيرين إلى مخاطر انخفاضه المحتمل إلى أقل من 6.3 مقابل الدولار في العام المقبل.
ويعني ذلك أن تبديل الدولار الأميركي سيكون بعدد أقل من اليوان، مما يشير إلى قوة العملة الصينية، والذي يشير بدوره إلى ارتفاع سعر المنتجات الصينية.
وفي ظل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وفرض تعريفات جمركية متبادلة، تفكر العديد من الدول في تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدا عن الصين، لضمان استمرارية التوريد وتجنب مزيد من التكاليف.
عانى التصنيع الصيني عام 2021، رغم انتعاشه القوي المفاجئ العام الماضي، ويعد النقص الأخير في الطاقة جزءا من المشكلة، لكن النقص المتزايد في اليد العاملة قد يمثل مشكلة أكثر ديمومة.
ووفقا لدراسة أجرتها "تشاينا إنتربرايز نيوز" (China Enterprise News)، كان لوباء كورونا التأثير الأكثر انتشارا على الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث أبلغ 40.7% عن شكل من أشكال التأثر.
وأفادت 38.90% من الشركات الصغيرة والمتوسطة بأنها في طريق مسدود بسبب الوباء، في حين أن القيود المالية دفعت 49.67% من الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى اقتراح تسريح الموظفين في بداية العام.
وجعلت قيود كوفيد-19 السفر أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من العمال المهاجرين الذين كانوا يتنقلون بين المقاطعات بانتظام بحثا عن عمل. كما بات ثاني أكبر اقتصاد في العالم يعاني أزمة طاقة أدت إلى انقطاع الكهرباء عن عدد من مرافق الإنتاج الصناعي، نتيجة نقص إمدادات الفحم وارتفاع أسعاره.
وفي حديث للجزيرة نت، قال غاو لاي، الذي يدير شركة لغسيل الملابس في مدينة بكين، إن انقطاع التيار الكهربائي جعل شركته تتخلف عن الوفاء بوعودها في التسليم للعملاء، مما ألحق بها خسائر مادية.
وتعتمد بعض الصناعات في الصين على الفحم الأسترالي الذي أوقفت بكين استيراد 9 ملايين طن منه سنويا، على خلفية نزاعات بين البلدين.
وقالت المحللة الاقتصادية في مجلة "إيكونوميست" (Economist) وانغ دان -للجزيرة نت- إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأستراليا لن تتحسن في المدى القريب، مما يعني حاجة الصين لاستيراد الفحم من دولة أخرى.
أوضح رئيس مجلس الدولة "لي كه تشيانغ" في اجتماع حكومي، كيف ستتبنى بكين نهجًا قائمًا على السوق لزيادة الدعم المالي للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، التي تشكل 60% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني، حيث ستقدم الصين دعمها للشركات التي تشكل العمود الفقري لاقتصادها.
ومن بين الإجراءات، استبدال أداة دعم تمديد سداد القروض الشاملة الحالية للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة، التي سمحت للشركات بتأجيل سداد أصل القرض وفوائدها، بقروض شاملة.
كما سيقدم بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) الأموال للبنوك المحلية التي تصدر قروضًا شاملة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعاملين لحسابهم الخاص بداية من العام المقبل حتى نهاية يونيو/حزيران 2023، لتشجيعهم على إصدار مزيد من القروض.
وستشهد التغييرات أيضا دمج قروض ائتمانية شاملة للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر في برنامج إعادة الاعتماد للزراعة والشركات الصغيرة اعتبارا من العام المقبل.
ويستهدف برنامج الإقراض أيضًا الطاقة الكهربائية والزراعة والقطاعات الريفية، بالإضافة إلى الحد من انبعاثات الكربون.