كثيرا ما نسمع مصطلحات تشير إلى أنواع ونماذج اقتصادية مختلفة من دون أن يكون لدينا أدنى فكرة عن معنى هذه العبارات، هذا التقرير سيوضح لك مجموعة من أهم المصطلحات الاقتصادية.
في تقرير نشرته مجلة "سيكولوخيا إي منتي" الإسبانية، يستعرض الكاتب لويس هيرنانديز تعريفات ميسرة لأبرز أنواع النماذج الاقتصادية، ويقدم لمحة عن المعايير المعتمدة في تصنيف كل نموذج.
إذا انطلقنا في تحليل النماذج الاقتصادية من مفهوم الملكية والسوق والسلطة الاقتصادية، يمكننا التمييز بين 3 أنواع.
السوق الحرة أو الرأسمالية هي عقيدة اقتصادية سائدة في معظم الدول الغربية، وتتميز بتطبيق الملكية الخاصة على جميع السلع وعلى جزء كبير من الموارد المتاحة. وفي هذا النظام، يتم تنظيم السوق وفقا للعرض والطلب على أي سلعة في فترة محددة.
وتعد الولايات المتحدة المثال الأبرز على هذا النموذج الاقتصادي، والمدافع الأول عن الرأسمالية والسوق الحرة.
الاشتراكية هي نظام اقتصادي مقيّد تكون فيه الدولة مسؤولة عن التدخل في السوق لضمان توفير الخدمات والسلع الأساسية.
النسخة الأكثر راديكالية من النموذج الاشتراكي هي الشيوعية أو الماركسية، وفيها لا تتدخل الدولة لتنظيم الاقتصاد فحسب، بل تتحكم أيضا في جميع وسائل الإنتاج.
ونجد في الدول الغربية بعض تطبيقات الاشتراكية ضمن نموذج الرأسمالية المهيمن، حيث لا تتدخل الدولة في الملكية الخاصة.
النوع الثالث هو النموذج المختلط الذي يقوم على الحفاظ على السوق الحرة، لكن وفقا للقواعد التي تفرضها الدولة، حيث تكون هي المسؤولة عن وضع تلك القواعد، وليس السوق نفسها. يُعرف هذا النموذج أيضا باسم "الاقتصاد الكينزي".
ضمن هذا النموذج، ينظم الفاعلون الاقتصاديون أنشطتهم ومعاملاتهم عبر الأنماط التي تحددها العادات والأعراف والمعتقدات، وهو النموذج الذي كان سائدا في الغرب قبل ظهور الدول والمجتمعات الحديثة.
هذا النموذج البسيط يمكن أن يستجيب للمشاكل الاقتصادية الأقل تعقيدا، لكنه يفرز فوائد محدودة، ولا يتيح فرص إعادة استثمار الأموال لتحسين منظومة الإنتاج. حاليا، نجد هذا النموذج في الدول الأشد فقرا التي غالبا ما تحتاج إلى مساعدات من الدول الأكثر ازدهارا.
هناك طريقة أخرى لتصنيف أنواع الاقتصاد، وتُعرف بالتصنيف حسب النطاق، ونجد ضمن هذا التصنيف نوعين فرعيين، وهما:
يقدم الاقتصاد الجزئي النماذج التي تشرح سلوك الشركات والمستهلكين والموظفين والمستثمرين، ويدرس العلاقات فيما بين هذه الأطراف.
عند القيام بالتحليلات الاقتصادية ضمن هذا النموذج، نحصل على بيانات حول البضائع وأسعارها داخل السوق.
الاقتصاد الكلي هو الذي يدرس سلوك الوكلاء الاقتصاديين على نطاق واسع، أي يقوم بتحليل العلاقات الاقتصادية الأكثر تعقيدا، والتحقق من البيانات والإحصائيات والسلع المنتجة وأنماط الأسعار في الأسواق وموارد الإنتاج.
هناك طريقة أخرى لتصنيف أنواع الاقتصاد المختلفة، وتتمثل في تقييم البيانات الاقتصادية المختلفة.
الاقتصاد الإيجابي هو الذي يقيم البيانات الاقتصادية المختلفة بطريقة موضوعية من دون إصدار أي أحكام، أي عرض الأرقام والإحصائيات بطريقة محايدة بدون التطرق إلى كونها مؤشرات إيجابية أو سلبية.
على سبيل المثال، يتم عرض الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما، من دون تقييم إذا ما كان هذا الرقم جيدا أم سيئا.
وينطبق ذلك على معدلات البطالة وأسعار الفائدة وحجم الاستثمارات وأي بيانات أو مؤشرات اقتصادية أخرى.
ويستخدم هذا النموذج لإعداد تقارير تتنبأ بالتطورات اللاحقة بناء على البيانات المتوفرة حاليا.
على عكس النموذج السابق، يقوم هذا النموذج على إعطاء أحكام تتعلق بالبيانات الاقتصادية، وبالتالي يمكن الحديث عن ناتج محلي إجمالي منخفض أو مرتفع، أو معدلات بطالة مثيرة للقلق، أو حجم استثمارات غير كافية، أو أسعار فائدة مقبولة أو العكس.
وعلى عكس الاقتصاد الإيجابي، يحاول الاقتصاد المعياري أن يقدم صورة عن الوضع الاقتصادي كما يجب أن يكون، وليس كما هو في الواقع، وتتداخل بذلك الآراء الموضوعية مع التقييمات الشخصية، مما يفتح المجال للمزايدات السياسية، فيكون هناك اختلاف بين الخبراء حول الأرقام والبيانات.
وهناك تصنيفات أخرى لأنواع الاقتصاد تتعلق بالمصطلحات الأكاديمية المستخدمة في تعريف بعض النماذج الاقتصادية.
"الاقتصاد الأرثوذكسي" (Orthodox economics)
يتطابق الاقتصاد الأرثوذكسي تماما مع النموذج التقليدي، وهو مصطلح مستخدم على نطاق واسع في الأوساط الأكاديمية.
يقوم هذا النموذج على معايير العقلانية والفردية والتوازن، ويفترض أن الاقتصاد علم دقيق، ويعمل على شرح سلوك أطراف العملية الاقتصادية من منظور عقلاني ووضع نماذج تسمح بتوقع التطورات المستقبلية في الأسواق.
يقوم هذا النموذج على تحليل الارتباط بين المؤسسات والتاريخ والبنية الاجتماعية للسوق، ويفترض -على عكس الاقتصاد الأرثوذكسي- أن أطراف العملية الاقتصادية قد يتصرفون أحيانا بطرق لا يمكن توقعها، وبالتالي لا يمكن وضع نماذج تنبؤية موثوق بها.
يعتمد هذا التصنيف على نوع النماذج المستخدمة في التحليل، وهناك نموذجان:
يقوم الاقتصاد النظري على إنشاء نماذج متنوعة يمكنها -نظريا- تفسير سلوك الفاعلين الاقتصاديين والأسواق.
يقوم الاقتصاد التجريبي على اختبار النماذج النظرية على أرض الواقع للتحقق من فعاليتها. منطقيا، هذا النموذج محدود لأن التجريب في بيئات حقيقية وفي مجال مثل الاقتصاد ينطوي على عدة مخاطر.