ارتفعت أسعار الذهب في الأسواق العالمية صباح الخميس 24 فبراير (شباط) بنسبة نحو اثنين في المئة، لتصل إلى أعلى مستوى لها في أكثر من عام مع التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا وإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "عملية عسكرية خاصة".
ومع تراجع فرص الحلول الدبلوماسية لوقف توغل القوات الروسية في شرق أوكرانيا، بعد إعلان موسكو عن تدمير قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية، اجتاحت الأسواق حول العالم موجة ذعر دفعت المستثمرين إلى الخروج من مراكز الأسهم والسندات، واللجوء إلى الملاذات الآمنة التقليدية في أوقات الأزمات. وهكذا ارتفعت أسعار الذهب والفضة والدولار الأميركي، بينما هوت أسعار الأسهم والعائدات على سندات الخزانة.
ملاذ آمن
وارتفع سعر أوقية الذهب (الأونصة) في البيع الفوري إلى أعلى مستوى له في 13 شهراً، ليصل إلى 1948.77 دولار للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني) 2021، بينما ارتفع سعر الذهب في العقود المستقبلية إلى 1943.90 دولار للأوقية، أي بنسبة 1.8 في المئة. ويبدو سعر الذهب في طريقه لتحقيق أعلى مستوياته منذ يوليو (تموز) عام 2020.
ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع المعدن الأصفر في الأيام المقبلة إلى حاجز 1960 دولاراً للأوقية، بل إن محلل الأسواق في شركة "أواندا" جيفري هالي يتوقع أن يصل سعر الأوقية إلى 2000 دولار في الجلسات المقبلة، بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز".
وأضاف هالي "يعتبر الذهب، بالإضافة إلى الدولار الأميركي ملاذاً آمناً للثروة والوقت الحالي هو وقته. لذا من المؤكد أن نشهد وصول أسعاره إلى ارتفاع غير مسبوق". وتعتبر روسيا ثالث أكبر منتج لمعدن الذهب في العالم، كما تنتج أيضاً البلاتين والبالاديوم بكميات كبيرة.
وارتفعت أسعار الفضة أيضاً في الأسواق العالمية صباح الخميس بنسبة 2.1 في المئة، ليصل سعر الأوقية إلى 25.03 دولار. كما ارتفعت أسعار البلاتين بنحو واحد في المئة لتصل إلى 1102.43 دولار للأوقية، بينما ارتفعت أسعار البالاديوم بنسبة 1.3 في المئة لتصل إلى 2514.54 دولار للأوقية.
هبوط الروبل وأسواق الأسهم
لم يقتصر الارتفاع على أسعار الذهب والدولار وما يعتبر ملاذات آمنة، بل ارتفعت أسعار الطاقة بشدة أيضاً مع تخوف الأسواق من تبعات تصعيد روسيا عسكرياً ضد أوكرانيا. وتجاوزت أسعار خام النفط أعلى مستوياتها منذ عام 2014 ليصل سعر برميل خام "برنت" حاجز 103 دولارات.
ووصل سعر برميل "برنت" في تعاملات الأسواق الآسيوية صباح الخميس إلى 103.17 دولار، مرتفعاً بنسبة 6.5 في المئة. بينما وصل سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) إلى 97.82 دولار للبرميل، بزيادة بنسبة 6.2 في المئة.
في المقابل، هوت مؤشرات الأسهم في الأسواق الرئيسة في آسيا صباح الخميس، عندما فتحت على أنباء ما يبدو بداية غزو عسكري روسي شامل لأوكرانيا. وهبط مؤشر "هانغ سنغ" في بورصة هونغ كونغ بنسبة 3.6 في المئة، بينما تراجع مؤشر "كوسبي" في بورصة كوريا الجنوبية بنسبة 2.6 في المئة. وهبط مؤشر "شنغهاي" في البورصة الصينية بنسبة 1.7 في المئة عند الإغلاق الخميس. كما هبط المؤشر الرئيس للبورصة الأسترالية بما يقارب ثلاث نقاط مئوية (بنسبة 2.99 في المئة).
وحتى قبل أن تحسب الأسواق تأثير العقوبات التي تم فرضها على روسيا في اليومين الماضيين، بدأت المخاطر تظهر في موسكو. إذ هوى سعر العملة الوطنية، الروبل الروسي، إلى أدنى مستوياته منذ ست سنوات. وانخفض سعر صرف العملة الروسية بنحو أربعة في المئة إلى نحو 90 روبلاً للدولار في تعاملات الخميس، حسب بيانات جمعتها وكالة "بلومبيرغ". وتوقف التداول على الروبل والأسهم والعقود الآجلة في بورصة موسكو تقريباً بعد أن انخفضت الأسعار إلى حدود نطاق التداول التي حددتها البورصة، وفقاً لوكالة "إنترفاكس".
استمرار النزيف
ويتوقع أن تشهد الأسواق الرئيسة في أوروبا وأميركا الشمالية تراجعاً مماثلاً لما حدث في آسيا، وسط أخبار التطورات العسكرية في أوكرانيا. وكانت المؤشرات الأميركية الرئيسة أنهت تعاملات الأربعاء على هبوط. وخسر مؤشر "أس أند بي" للشركات الكبرى ما يقارب نقطتين مئويتين (هبط بنسبة 1.8 في المئة)، وهوى مؤشر "داو جونز" للشركات الصناعية بنسبة نحو 1.4 في المئة، بينما هبط مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا بنسبة 2.6 في المئة.
ومع استمرار التصعيد العسكري في أوكرانيا، ستواصل أسواق الأسهم والسندات والأوراق المالية النزيف مع تحول المستثمرين إلى الذهب والدولار. كما يتوقع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة من نفط وغاز حتى يتبين الأثر الكامل للعقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا.