logo

هل تضع الصين حدودا لصداقتها مع روسيا أم تنقذ شريكها الإستراتيجي؟

09 مارس 2022 ، آخر تحديث: 09 مارس 2022
shutterstock_1373485424.webp
هل تضع الصين حدودا لصداقتها مع روسيا أم تنقذ شريكها الإستراتيجي؟

 لا يزال الغموض عنوان موقف الصين الحقيقي بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا، رغم التصريحات المتتالية من مسؤولين صينيين حول موقف البلاد.

فالخارجية الصينية تؤكد -عبر الناطقين باسمها- أن موقف الصين من القضية الأوكرانية ثابت، وأن الصين تقرر موقفها على أساس مزايا قضية أوكرانيا نفسها.

وفي ظل التحرك الغربي ضد روسيا وتزايد عزلتها على الساحة الدولية، ترسل الصين بإشارات واضحة حول استمرار علاقتها بموسكو، حيث برزت بكين لاعبا رئيسيا لديه القدرة على تخفيف الضرر الاقتصادي الناجم عن العقوبات الغربية على روسيا.

وحسب الخارجية الصينية، فإن "الصين وروسيا ستواصلان التعاون التجاري الطبيعي بروح الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة."

ما حقيقة الموقف الصيني من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

تشهد وسائل التواصل الاجتماعي الصينية نقاشا حادا حول الحرب الروسية الأوكرانية، تتلخص فحواه حول دور الصين في هذه الحرب، وأين تقف من أطراف الصراع، ورغم الانقسام الحاد في الآراء حول أهمية التدخل أو الوقوف على الحياد، فإن الضبابية تبقى سائدة في الموقف الرسمي الصيني.

ورغم رفض بكين وصف الحرب الروسية على أوكرانيا بأنها "غزو"، وإدانة العقوبات التي يقودها الغرب، فإنها تراعي موازنة دقيقة بشأن أي تحرك تجاه روسيا.

وخلال الأيام الماضية، أعلنت سلطات الجمارك الصينية رفع قيود استيراد القمح الروسي، في حين قال محللون إنها إشارة دعم تهدف الصين من خلالها إلى توضيح أن العقوبات غير فعالة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه بكين تعزيز العلاقات مع موسكو، تسعى لعدم انتهاك العقوبات علانية، مما قد يعرض للخطر وصولها إلى أسواق التصدير الغربية الرئيسية والنظام المالي الدولي المرتكز على الدولار الأميركي.

هل تتخلى الصين عن شريكها الإستراتيجي؟

وفق تقارير إعلامية، تنأى المؤسسات المالية الصينية المملوكة للدولة بنفسها عن الاقتصاد الروسي المحاصر، إذ أوقف بعضها تمويل الصفقات المتعلقة بالنفط والشركات الروسية، في حين قيّد الآخر تمويل مشتريات السلع الروسية.

وتوقعت أليسيا غارسيا هيريرو -الباحثة في "ناتيكسيس" (Natixis) للخدمات المصرفية في هونغ كونغ- أن تمتثل بكين للعقوبات الأميركية مع الاستمرار في دعم الاقتصاد الروسي من خلال النظام المالي الصيني.

وأضافت غارسيا هيريرو -للجزيرة نت- أن الإجراءات الأخيرة للبنوك الصينية هي "انعكاس للعقوبات القائمة" مشيرة إلى أن البنوك الصينية يمكنها الإقراض باليوان، "إذ إن البنوك الأوروبية لا يزال بإمكانها تمويل واردات الطاقة، فلماذا لا تفعل ذلك البنوك الصينية إذا كانت البنوك الأوروبية ستفعل ذلك، على الأقل حتى الآن؟"

ويرى محللون أن بكين قد تجد صعوبة في الحفاظ على توازنها إذا اشتدت العقوبات الغربية على روسيا، وتجنبت العقوبات الحالية صناعة الطاقة المربحة لموسكو إلى حد كبير بسبب مخاوف من أضرار جانبية للدول الغربية، حيث توفر روسيا، ثالث أكبر منتج للنفط في العالم وثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي، نحو 40% من إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي.

وقال تشينغ يون تسانغ -الخبير في التنظيم المالي بجامعة تشنغتشي الوطنية في تايوان- إن "الصين ستكون حذرة بشأن أي إجراء قد يهدد وصولها إلى النظام المالي الدولي، حيث تمتلك أكبر احتياطيات تبادل العملات الأجنبية على مستوى العالم، ومن بينها يهيمن الدولار الأميركي".

في حين يرى جاري نغ -الخبير الاقتصادي في "ناتيكسيس"- أن نظام العقوبات الحالي يمنح الصين مساحة كبيرة لمواصلة التجارة المشروعة مع روسيا. وأضاف -للجزيرة نت- أن الدعم الصيني سيجعل الضغط على روسيا أقل، خاصة فيما يتعلق بالروابط المالية.

هل تشكل الصين وروسيا تحالفا ضد الغرب؟

بعد أن التقى شي جين بينغ مع بوتين في بكين بداية فبراير/شباط الماضي، أعلن قادة البلدين أن "الصداقة بينهما لا حدود لها، وليست هناك منطقة محظورة للتعاون"، وتتنامى علاقات البلدين، وسط توترات متزايدة مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والآسيويين.

وشهد إبرام اتفاق التجارة بين موسكو وبكين، الذي جرى بداية فبراير/شباط الماضي، توقيع عقد مدته 30 عاما لتزويد الصين بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب جديد ضمن شراكة طاقة متنامية.

وفسرت بعض الدول الغربية هذا الاتفاق على أنه خطوة تخريبية لجهود محاسبة موسكو، حيث اتهم رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون بكين "بإعطاء شريان الحياة لروسيا خلال غزوها لدولة أخرى".

وقال شو تشين دو -الباحث بمعهد "بانغو" (pangu) في بكين- إن الصين ستواصل التعامل مع روسيا كالمعتاد، من منطلق التمسك بموقفها طويل الأمد ضد العقوبات أحادية الجانب.

وأضاف شو -للجزيرة نت- "من غير المرجح أن تغير واشنطن مسارها ضد الصين في المنافسة الإستراتيجية، لذلك، فإنني أميل إلى رؤية الصين تواصل التعامل مع روسيا، ليس لتخفيف العقوبات على موسكو، ولكن من مبدأ رفض العقوبات أحادية الجانب".

ويرى محللون أن تكلفة دعم بكين لموسكو قد ترتفع بشكل حاد إذا تم اتخاذ تدابير أقوى في المستقبل، إذ إن فرض عقوبات شاملة على روسيا واستمرار دعم الصين لها سيضع بكين في مرمى العقوبات الثانوية من الغرب.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024