قالت المديرة العامة لشركة النفط الوطنية الإندونيسية (برتامينا) نيكي ويداياتي في جلسة للبرلمان إن بلادها تسعى لشراء النفط الروسي.
وفيما نوه نواب برلمانيون إلى ضرورة تفادي إحداث أي إشكال سياسي جراء هذا القرار، المنطلق حسب قول "برتامينا" من واقع ارتفاع كلفة أسعار النفط التي تتحمل ميزانية الدولة جزءا منها بدعمها للمحروقات التي تباع في البلاد، والتي ستشهد الأصناف الممتازة منها ارتفاعا فعليا ابتداء من الأسبوع المقبل.
وأضافت ويداياتي: في ظل ارتفاع الأسعار والوضع الجيوسياسي فإننا نرى أن هناك فرصا للشراء من روسيا بسعر جيد، وقد تواصلنا بهذا الشأن وسنقوم بالشراء لتجربة ذلك في مصافينا التي سيتم الانتهاء من تجديدها في منطقة بولونغان، سنوجه مشترياتنا لروسيا وقمنا بالتنسيق بهذا الشأن مع وزارة الخارجية ومصرف إندونيسيا المركزي".
وتابعت "فيما يخص هذا الشأن ومن ناحية سياسية لا يوجد إشكال، طالما أن الشركة التي نتعامل معها لا تواجه عقوبات، وبخصوص دفع القيمة نسقنا ذلك الأمر مع الهند أو أسلوب آخر، والتعاملات ستكون بين الشركات ولا إشكال في ذلك".
ويؤيد أبرا تالاتاتوف الاقتصادي في معهد تنمية الاقتصاد والتمويل بجاكرتا -في تصريحات صحفية محلية- قرار "برتامينا" معتبرا ذلك من منطلق الحاجة، ومكسبا من حيث الشراء بسعر تنافسي، في ظل سعر عالمي مرتفع، لم يعد مناسبا للقوة الشرائية ومستويات التضخم محليا، بالإضافة إلى أن شراء النفط الروسي الخام بسعر ينافس غيره سيقلل من كلفة تكريره، حسب قوله.
مع إقراره بأن مثل هذا القرار قد يواجه نقدا غربيا، وربما يمتد الأمر إلى قرارات عواصم غربية بشأن الاستثمار في إندونيسيا وما لذلك من أثر سلبي محتمل، لكن تالاتاتوف قال إن ذلك يمكن الرد عليه بمسوغات ومقاربة في الخطاب الإندونيسي بأن الأمر متعلق بالبعد الاقتصادي وأمن الطاقة والمحافظة على أسعار مناسبة وما يرتبط بذلك من استقرار اجتماعي واقتصادي، مقابل احتمال اضطرار "برتامينا" لشراء النفط من مصادر أخرى أكثر كلفة، وهو ما قد ينعكس على المستهلك نهاية المطاف، مشيرا إلى وجود مخاطر اقتصادية وراء اتخاذ أي من تلك القرارات.
لكن بعض المحللين الإندونيسيين لهم رأي آخر، ومنهم مدير معهد الدراسات الاقتصادية والقانونية في جاكرتا بيما يوديسترا الذي عبر -في تصريحات صحفية له- عن قلقه من أن الولايات المتحدة ودول أوروبا قد تقلل من استيرادها للسلع الإندونيسية ردا على ذلك القرار، في سياق العقوبات المفروضة على روسيا غربيا.
وحذر يوديسترا من انعكاس محتمل لقرار شراء النفط الروسي على قرارات استثمارات أميركية وأوروبية، بما في ذلك الاستثمار في قطاعي النفط والغاز في الجزر الإندونيسية، إذا ما صارت شركات نفط وغاز غربية تنظر إلى إندونيسيا على أنها أقرب إلى روسيا، حسب قوله.
وأضاف بأنه رغم حصول "برتامينا" على نفط روسي بسعر تنافسي، لكن الدولة قد تتحمل كلفة أخرى لذلك القرار، وأثرا جانبيا له إذا ما أثر ذلك على قرارات استيراد السلع والاستثمار في البلاد، وقد يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي ككل.
وتعد الأسواق الأوروبية بالنسبة للسلع الإندونيسية مهمة نسبيا. وحسب أرقام هيئة الإحصاء الإندونيسية، فقد شكلت 8.1% من الصادرات في فبراير/شباط الماضي، أو ما يعادل 1.58 مليار دولار أميركي. أما السوق الأميركية فقد شكلت الفترة نفسها 12.3% من صادرات إندونيسيا، أو ما يعادل 2.4 مليار دولار.
يشار إلى موافقة إندونيسيا على القرار الأممي بخصوص حرب روسيا على أوكرانيا، لكن جاكرتا لم تتخذ إجراءات كما تبنت ذلك جارتها سنغافورة بخصوص أي عقوبات تجاه روسيا لما بين البلدين من علاقات قديمة، ومحاولة إندونيسيا الموازنة في سياساتها الخارجية في تعاملها مع قوى دولية وإقليمية مؤثرة مثل الولايات المتحدة والصين، وكذلك مع روسيا ودول الاتحاد الأوروبي والهند، وأستراليا.
وفي السياق نفسه، مازالت إندونيسيا ملتزمة بدعوة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كغيره من الزعماء إلى حضور قمة دول العشرين التي من المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في إندونيسيا.
وقال ديان ترِيانشاه جاني السفير الإندونيسي لدى الأمم المتحدة -ردا على دعوات أسترالية وأوكرانية تطالب بعدم دعوة بوتين- إن من واجب إندونيسيا كدولة مضيفة للقمة دعوة جميع الزعماء، وإن الدعوات للزعماء أرسلت منذ الشهر الماضي.
وأضاف: إننا نقوم بدورنا في رئاسة القمة كما هو الحال في رئاسات سابقة، ومرة أخرى فإننا نؤسس دبلوماسيتنا على المبادئ، لا أريد أن أتوقع ما يحدث في المستقبل، ولكن، هناك أمر أكيد، هو أننا سنحافظ على رئاسة محايدة وسنسعى لإيجاد حل لأي مشكلة، وهذا ما ظللنا نقوم به في منظمات عديدة في تاريخنا".
وكانت السفيرة الروسية لدى جاكرتا ليودميلا فوروبيفا قد التقت بعض قيادات الكتل السياسية في البرلمان، بعد حديثها عن عزم الرئيس فلاديمير حضور قمة العشرين.
وقبل ذلك، وفي المقابل، كان السفير الأوكراني لدى إندونيسيا فاسيل هميانين دعا الحكومة الإندونيسية إلى عدم دعوة بوتين.
كما انتقد رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون دعوة الرئيس الروسي إلى إندونيسيا -في مؤتمر صحفي له في ملبورن قبل أيام- وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس جوكوي هاتفيا بشأن حضور بوتين قمة العشرين.