الرباط -رويترز: في إحدى الأسواق الشعبية وسط العاصمة المغربية الرباط، تتواتر أعداد هزيلة من الزبائن، يسألون عن أسعار الخضر والفواكه وينصرفون أو يشترون بكميات أقل كثيراً مما هو معتاد قبيل شهر رمضان.
فبعد أن خفف المغرب في بداية شهر مارس/آذار الكثير من القيود الرامية لكبح انتشار سلالة أوميكرون المتحورة من فيروس كورونا بعدما انخفضت أعداد الإصابات اليومية بشكل ملحوظ، وأعاد فتح الباب أمام عدد من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، جاء غلاء الأسعار ليكبل الشراء من جديد.
قال محمد لمرابط، الذي يعمل سائق سيارة أجرة لا يملكها «بعد التخفيف من قيود كورونا قلنا أخيراً سنصلي التراويح ونخرج للسمر والتجول ليلاً بعد الفطور والصلاة ونعيش الأجواء الرمضانية التي تعودنا عليها في السابق، لكن ارتفاع الأسعار أصبح مقلقاً».
أضاف «أظل أتجول قرب الأسواق في هذه الفترة من الشهر الفضيل لعلي أظفر بزبائن أرهقتهم أكياس التسوق الثقيلة.. فلا أجد».
وأمام عربة تراصت عليها حبات البندورة (الطماطم) والبطاطا قال البائع بوشتى «الكل يسأل عن ثمن الطماطم.. البعض يشتري ولو بكميات قليلة رغم ثمنها غير المسبوق، والبعض الآخر يذهب دون أن يشتري».
فقد قفز سعر الطماطم في السوق لأكثر من عشرة دراهم للكيلوغرام (نحو1.3 دولار) بعد أن كانت تباع بنصف هذا السعر أو أدنى. وكانت ربات البيوت تشتري منها كميات وفيرة عادة قبيل رمضان لعصرها وحفظها في المجمدات لاستخدامها في طبخ أشهر حساء يستهلكه المغاربة في رمضان ألا وهو (الحريرة).
قالت حفيظة (54 عاما) «أكثر ما أخشاه أن يزداد سعرها ارتفاعاً في رمضان وليس العكس. فقد وعدت الحكومة قبل أكثر من أسبوع أن سعرها سينزل في السوق لكن سعرها ظل عاليا، وهو ليس في المتناول».
وفي مؤتمر صحافي في العاشر من الشهر المنصرم، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس «ارتفاع سعر الطماطم سببه ارتفاع الطلب والتوجه المتنامي نحو التصدير»، مضيفاً أن «تعدد الوسطاء» يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار.
ومع الجائحة، تراجع معدل هطول الأمطار وتفجرت الحرب الروسية الأوكرانية، مما ساهم في غلو أسعار عدد من السلع الأساسية، منها زيت الطعام الذي ارتفع ثمنه لمستويات قياسية والسولار (الكازوال) الأساسي في نقل البضائع في المغرب والذي تجاوز سعره لأول مرة سعر البنزين.
ويستورد المغرب كل احتياجاته تقريباً من المحروقات.
وفي مؤتمر صحافي أمس الأول قال بايتاس «يجب أن نميز بين اثنين من الأسعار، أسعار المنتوجات التي لا ننتجها بل نستوردها كالغاز والدقيق والسكر» وأسعار المنتجات المحلية.
وأضاف أن سعر القمح اللين، وهو الأكثر استهلاكا في المغرب، بات «في حدود 400 درهم (نحو 41.27 دولار) للقنطار رغم أن الحكومة كانت تأمل ألا يتجاوز 270 درهماً. هذا الفارق تتحمله الدولة».
وحتى قبل أن تندلع الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن المغرب أن إنتاجه من القمح هذا العام سيكون متدنياً بسبب قلة الأمطار خلال الموسم الزراعي.
ورغم أن محصول الحبوب في المغرب بلغ الموسم الماضي 10.3 مليون طن، أي نحو ثلاثة أمثال ما كان عليه في 2020، ارتفعت واردات القمح اللين 8.7 في المئة إلى 3.97 مليون طن.
ويمثل القمح الأوكراني 25 في المئة والروسي 11 في المئة من واردات المغرب، فيما تأتي فرنسا على رأس المصدرين.
قالت نورا بيبانة، وهي ربة منزل عمرها 61 عاماً «لم اُحضّر كما في السابق حلويات كثيرة لأزين مائدة رمضان، فهي مرتبطة في ذهني بالرخاء والفرحة. حضّرت طبقاً واحدا ً فقطمن الحلويات».
وأضافت «ما تركته كورونا من فقد لمناصب الشغل وتفقير لعدد من أبناء هذا الشعب أذكته الحرب بين الروس والأوكرانيين».
وتوقع بنك المغرب يوم الثلاثاء الماضي عقب اجتماع مجلس إدارته الربع سنوي أن يقفز التضخم إلى 4.7 في المئة هذا العام من 1.4 في المئة في 2021.
وقال بوعزة خراطي رئيس الاتحاد المغربي لحقوق المستهلك «هذه السنة تداخلت أسباب خارجية وأخرى داخلية للحد من فرحة رمضان بسبب ارتفاع الأسعار».
وأضاف «شهد المغرب على غرار جميع دول العالم وخاصة المتواجدة بالبحر الأبيض المتوسط، وهي الأكثر استهلاكا للقمح، ارتفاعا للأسعار. كما أن أسعار المحروقات في الدول غير المنتجة أصبحت كذلك تعاني من التهاب برميل النفط، ولأول مرة بتاريخ المغرب تجاوز سعر الكازوال سعر البنزين».
ومضى قائلا «الكازوال هو محرك الاقتصاد وبالتالي كل المواد والخدمات شهدت منحى الارتفاع في أسعارها الفاحشة».