قال خبير بارز في العقوبات لـ"اندبندنت" إن بريطانيا تظل "زعيمة العالم" في إخفاء المال القذر على رغم جهود بُذِلت أخيراً لاتخاذ إجراءات صارمة في شأن الثروة غير المشروعة الخاصة بالأوليغارشيين.
وحض بيل برودر حكومة بوريس جونسون على التعامل مع "مجتمع الممكّنين" المؤلف من محامين ومحاسبين في لندن، يُشتبَه في مساعدتهم كليبتوقراطيين [لصوص نافذين] من روسيا وأماكن أخرى في حماية أصولهم.
وقال الرجل الذي يُعَد أحد منتقدي فلاديمير بوتين – والذي شن حملة لصالح فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان وفق قانون ماغنتسكي على غرار العديد من الحكومات الغربية – إن حكومة المملكة المتحدة يجب أن تجبر الآن من يُسمَّون ممكّنين على مشاركة مزيد من المعلومات مع السلطات.
وقال السيد برودر: "لا تزال المملكة المتحدة زعيمة العالم في اجتذاب الأموال القذرة. ولدى المملكة المتحدة الفرصة لسد ثغرة كبرى وجسيمة تجتذب الجميع إلى لندن لغسل الأموال".
وأضاف: "إن مجتمع الممكّنين في لندن أكثر عدداً من أي مكان آخر في العالم. ويعمل الأوليغارشيون مع أفضل المحامين والمحاسبين – ولا بد من إلزام الممكّنين بموجب قانوني بتقديم معلومات عن أولئك الذين يخضعون إلى تحقيقات".
وأُقِر مشروع قانون الجريمة الاقتصادية الذي وضعته الحكومة بسرعة في البرلمان الشهر الماضي في محاولة للتخلص من الثروات المكتسبة على نحو غير مشروع. وهو أنشأ سجلاً جديداً يطالب الشركات الأجنبية بالكشف عن اسم "المالك المستفيد" من الممتلكات المحتفظ بها في المملكة المتحدة.
لكن السيد برودر وغيره من الناشطين في مجال مكافحة الفساد يقولون إن التشريع يحتوي على العديد من "الثغرات"، التي لا تزال تسمح لأصول الكليبتوقراطيين بإخفاء أصولهم في هياكل معقدة مثل الشركات الوهمية والصناديق.
ووعدت بريتي باتل، وزيرة الداخلية، بمشروع قانون للجريمة الاقتصادية يكون بمثابة "متابعة" ثانية، وتعهدت باتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح "بيت الشركات" ["سجل الشركات"]. كذلك تقدمت بتعهد غامض بأن يؤدي مشروع القانون إلى مزيد من تبادل المعلومات حول "غسل الأموال المشتبه فيه".
وقال السيد برودر إن مشروع القانون الثاني يجب أن يفرض التزامات واضحة على "الممكّنين" لتبادل المعلومات حول الثروات غير المشروعة المشتبه فيها، فضلاً عن فرض عقوبات جنائية صارمة على الفشل في القيام بذلك.
وأضاف: "في الوقت الحالي لا يوجد سوى المكافأة ولا يوجد خطر. إذا خاطروا بدفع غرامات أو حتى بالذهاب إلى السجن فمن غير المرجح أن يساعدوا [أوليغارشيين] ومن المرجح أن يتقدموا بمعلومات".
وفي وقت سابق قال وزير الأعمال بول سكالي إن مشروع قانون الجريمة الاقتصادية الثاني سيُقدَّم "في وقت مبكر" في الدورة البرلمانية المقبلة، وعلمت "اندبندنت" أن من المرجح إدراجه في خطاب الملكة يوم 10 مايو (أيار).
وفي حين تمكنت الحكومة من استخدام التشريع القائم لفرض عقوبات على مئات الأشخاص الذين جرى التعرف إليهم باعتبارهم أقرب المقربين إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقول ناشطون إن السلطات لا تملك ما يكفي من الصلاحيات الاستقصائية للتخلص من الأموال القذرة المتدفقة عبر لندن والملاذات الضريبية الخارجية التابعة للمملكة المتحدة.
ويقول خبراء في مكافحة الفساد إن الأوليغارشيين لا يزالون قادرين على استخدام الشركات الوهمية – التي كثيراً ما تُنشَأ في الأقاليم التابعة للتاج وأقاليم ما وراء البحار، الخاضعة للمملكة المتحدة – لتفادي السلطات في غياب إجراءات جديدة قوية في مشروع القانون المقبل.
وتريد سوزان هاولي، المديرة التنفيذية في جمعية "دائرة ضوء على الفساد"، إصلاح "بيت الشركات" للمساعدة في تعزيز الشفافية. وهي ترغب في منح هذه المؤسسة صلاحيات جديدة لإطلاق التحقيقات في شكل استباقي، بدلاً من العمل كجهة مولجة بالتسجيل.
وقالت السيدة هاولي: "نحن قلقون من أن تفقد الحكومة اهتمامها بالتعامل مع هذا الأمر على النحو اللائق. نحن في حاجة ماسة إلى إصلاح كبير لإعداد "بيت الشركات" حتى يتمكن المحققون من النظر في احتمال غسيل الأموال".