logo

اقتصاد غزة هدف إسرائيلي

11 أغسطس 2022 ، آخر تحديث: 11 أغسطس 2022
اقتصاد غزة هدف إسرائيلي
اقتصاد غزة هدف إسرائيلي

حسب تقرير صندوق النقد الدولي عن قطاع غزه في العام 2011، تبيّن أنه نما بنسبة 20% في ذلك العام، بينما نما معدّل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19%.

وهذه حقيقة مقلقة لإسرائيل التي لا تريد أن ترى القطاع ينمو بهذه المعدلات السريعة، ولا أن يصل إلى نقطة ازدهار تغنيه بالتدريج عن التبعية الاقتصادية لعدوه.
ما تريده إسرائيل وساستها أصحاب العقل الاستعماري، هو ألا تظهر غزة وكأنها انتعشت بعدما سحب الجنرال إرييل شارون الجيش الإسرائيلي منها، وهدم كل الاستثمارات في المستعمرات التي بنيت فيها. والأهم أن هؤلاء الساسة المستعمرين يريدون إبقاء اقتصاد غزة أسيراً لهم، من حيث اعتماده على المواد التي تأتيه من الدولة المستعمرة، وأن يبقى دخله مرهوناً بالكرم الإسرائيلي، حين يمنح بعض أهل غزة وشبابها فرصاً للعمل عنده داخل الخط الأخضر.
وإذا اعتبرنا الاعتداء الإسرائيلي على غزّة عموما، وحركة الجهاد الإسلامي خصوصا، حرباً. فهي الخامسة منذ عام 2006، حيث وقعت حروب في الأعوام 2009، 2014،2021 و2022. وبالطبع، لا تنقطع الهجمات الصاروخية وبالطيران والراجمات والمدافع. وقد حصلت مئات من هذه الحملات في ما بين هذه الحروب.

تدمير اقتصاد القطاع
وقد أدّى تواتر الحروب والهجمات، ومن بعده الحصار والإغلاقات، إلى تدمير اقتصاد قطاع غزّة، وتعطيل منشآته، وإيقاف حركة البناء وإعادة الإعمار فيه. وقد دمّرت إسرائيل في الحرب التي دامت أخيرا ثلاثة أيام مزارع فلسطينية كثيرة، وخصوصا الحمضيات، وأتلفت الأراضي الخصبة. وإضافة إلى ذلك، تضيّق إسرائيل المنطقة البحرية المسموح لأهل غزة صيد السمك فيها، وتحول بينهم وبين استثمار حوض الغاز في مياه غزّة الإقليمية، وتغلق المعابر بينها وبين غزّة.
وفي المقابل، المنفذ الوحيد لأهل غزّة، عدا عن المعبرين مع إسرائيل، هو معبر رفح العريش المؤدّي إلى أراضي جمهورية مصر العربية. وبسبب بعض العمليات الإرهابية، يبقى الجيش المصري المعبر مع القطاع تحت السيطرة الكاملة، ويفتح ويغلق وفق شدّة الحالات الإنسانية التي يراعيها الجانب المصري، وكذلك عندما يشتدّ الضغط الإسرائيلي على غزه.
وعلاقات مصر مع بعض الدول الداعمة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة متوترة، وإن بدا ظاهرياً أنها تتحسّن، وهذه كلها يأخذها بعين الاعتبار صانع القرار الأمني في مصر. ومع ذلك، لا تريد مصر أن تتهم بأنها لا تقف إلى جانب أهل غزة، حين تزداد الحالة اضطراماً واضطراباً بين غزة وإسرائيل. ومصر لا ترى لها أي مصلحة في هذا التصعيد، وتسعى، بكل ما أوتيت من خبرة وعلاقات مع الطرفين، إلى وقف التصعيد وإنهاء القتال.
وصانع القرار في غزة أمام احتمالين، أو بالأحرى خيارين، الحرب أو القبول بالأمر الواقع، لعل الجانب الإنساني يجلب لغزّة تعاطفاً دولياً يمكّنها من الخروج من حالة الحصار. والبديلان من ناحية اقتصادية غير مجديين>

الوطن العربي متفرج
لا يجوز أن يبقى الوطن العربي ينظر متفرّجاً إلى ما يجري من قتل وغدر للأطفال والنساء والمنازل والمدارس والمستشفيات والمحصول الزراعي والسعي لطلب الرزق في البَحْر. لقد تحولت غزّة على يد إسرائيل الآثمة إلى "مزرعة"، يقرّرون متى يشاؤون الهجوم عليها تحت ظروف غير متكافئة. وقد أصبحت غزّة أقرب إلى سجن، والناس معرّضون فيه للموت باستمرار.
والمستقبل القريب لا يوحي بأن الأمور سوف تتحسّن، بل على العكس، فالمعلومات المتاحة تقول أن إيران قد تعيد الاتفاق النووي. والذي لن يستمرّ إذا استمرّت إيران في سياساتها الحالية في لبنان، وسورية، واليمن، والعراق وإلى حد ما في غزة. وإيران بحاجة ماسة إلى رفع الحصار الاقتصادي عنها.
ومن ناحية أخرى، ليست الأوضاع الاقتصادية داخل أراضي السلطة الفلسطينية على ما يرام. وما يزال الجنود والمستوطنون يدمرون الأرض طولاً وعرضاً، ويعتقلون، ويقتلون، ويغلقون، ويمنعون، ويتمكّنون، ويضعون أيديهم على مصادر الدخل للسلطة من ضرائب ورسوم بأعذار واهية. والسلطة تمد غزّة بمقادير بعيدة كل البعد عن ردم فجوة الإيرادات التي يعاني منها القطاع.
وفي المقابل، يبذل الأردن جهوداً مع كل الأطراف، وخصوصا السويد، من أجل الحفاظ على وجود منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم. وإذا لم تتمكّن الوكالة من الاستمرار، فإن آلاف الوظائف سوف تفقد في المدارس ودور الصحة والمرافق الأخرى التي تديرها هذه الوكالة. ومع ذلك، الحقيقة المفزعة أن موازنة الوكالة السنوية في تراجع مستمر.

خياران أمام غزة
أمام سد الأبواب، لا يبقى أمام غزّة سوى خيارين، إما أن تدخل في حربٍ مع إسرائيل طويلة الأمد، سوف تكلف الطرفين الكثير، وسيستمر الضغط عليها لإرجاع الأمور إلى وقف إطلاق نار لا يقدّم شيئاً لأهل القطاع للخروج من معاناتهم المستمرّة، أو أن يكون هنالك حل عربي، يتم التفاهم عليه مع القيادة المصرية، من أجل الوصول إلى اتفاقٍ لإعادة بناء غزه، وتوفير فرص عمل فيها.
أثبت أهل غزّة مراراً وتكراراً رجولتهم، واستحقاقهم الحياة الكريمة. وأثبتوا دائماً، وأينما حلّوا، أنهم عمَّال أكفاء قادرون على العمل، وأن الحياة المرّة التي عاشوها علمتهم أشياء كثيرة لحاجتهم للتدبر بأقل الإمكانات، وأنهم مزارعون متميزون، والأهم أن لديهم طبقة من المبدعين والمنظمين والمستثمرين الناجحين في كل أرجاء الوطن العربي.

من يستطيع أن ينمو بمعدل 20% في السنة قادر على إحداث معجزة في غزّة، فما بالك إن فتح مطارها، وميناؤها، وتمتعت بكامل حريتها في البحر، لتستثمر الغاز وتصطاد السمك، غزّة ستكون هونغ كونغ بكل المعايير.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع البوصلة الاقتصادي © 2024