تفاقمت التوترات بين بكين وتايبيه الأسبوع الماضي، إذ أطلقت الصين صواريخ فوق تايوان خلال مناورات عسكرية، وفرضت قيودا تجارية على بعض السلع الزراعية ومواد البناء، في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي.
وتم تفسير التحركات التجارية على نطاق واسع على أنها إجراءات سياسية تهدف إلى الضغط على الجزيرة، التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها بكين إقليما متمردا، على الرغم من أن المسؤولين الصينيين استشهدوا بأسباب أخرى متعلقة بالتجارة.
ويتوقع مسؤولون في تايوان أن تكون هناك فرصة ضئيلة للغاية لفرض الصين عقوبات اقتصادية أشد صرامة على الشركات التايوانية بسبب العلاقات الاقتصادية شديدة الاعتماد.
تركت بكين بشكل واضح الصادرات التايوانية الأكثر قيمة من بين جميع الصادرات دون أن تُمس، على وجه التحديد أشباه الموصلات، وهي مكونات مهمة تستخدم في كل شيء من الهواتف الذكية والأجهزة الطبية إلى السيارات والطائرات المقاتلة.
ويصف البعض استهداف الصين صناعة أشباه الموصلات في تايوان بمثابة إطلاق النار على نفسها.
وتهيمن تايوان على الصناعة العالمية لأشباه الموصلات، وبعد سنوات من الطلب الهائل، تشكل أشباه الموصلات الآن ما يقرب من 40% من صادرات الجزيرة ونحو 15% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وقالت كبيرة الإحصائيين في وزارة المالية التايوانية بياتريس تساي، خلال مؤتمر صحفي، إن الصناعات الإلكترونية في كلا الاقتصادين "تعتمد بشكل كبير على بعضها بعضا"، وتايوان هي أكبر مصدر للصين للدوائر المتكاملة المستوردة.
وتمثل الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، 60% من الطلب العالمي على أشباه الموصلات، وفقا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس لعام 2020. أكثر من 90% من هذا الطلب تتم تلبيته عن طريق الواردات والشركات الأجنبية التي لديها إنتاج في البلاد.
وعلى الرغم من ضخ مليارات الدولارات في تطوير صناعتها، فإن الإنتاج المحلي يشكل أقل من 10% من حاجة السوق، بقيادة شركة "سميك" (SMIC) ومقرها شنغهاي.
وقال جيمس لي، وهو باحث في "أكاديميا سينيكا" (Academia Sinica) في تايوان، إنه من غير المرجح أن تستخدم الصين عقوبات ضد صناعة أشباه الموصلات في وقت لا تزال تعتمد فيه على الشركات التايوانية في التصنيع. وأضاف للجزيرة نت أن الوضع قد يتغير إذا طورت بكين قدرة تصنيع أقوى خاصة بها، لكن ذلك لا يزال بعيدا عدة سنوات.
ووصف الرئيس الصيني شي جين بينغ الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية بأنه "أكبر خطر خفي" يواجه البلاد، وتعهد بزيادة الاكتفاء الذاتي.
وفي إطار مبادرة "صنع في الصين"، تعهدت بكين باستثمار 1.4 تريليون دولار بين عامي 2020 و2025 في صناعات عالية التقنية، بما في ذلك أشباه الموصلات.
في الآونة الأخيرة، اهتز القطاع بسلسلة من الاعتقالات لشخصيات بارزة مرتبطة بالصندوق الوطني للاستثمار. وبلغت التحقيقات ذروتها باحتجاز دينغ وينو الرئيس السابق لشركة "تسينخوا يوني غروب" (Tsinghua Unigroup) لصناعة الرقائق المتعثرة.
وفقا لبيانات الإدارة الاقتصادية للسلطات التايوانية في عام 2020، تم استيراد 93.2% من واردات الرمل والحصى من الصين. ومع ذلك، فإن الرمل والحصى المستورد لا يمثل سوى 7.7% من إجمالي المعروض من الرمل والحصى في تايوان. ويعتقد بعض مشغلي الرمال والحصى في الجزيرة أن القيود ذات الصلة شكلية وليس لها تأثير يذكر.
ويقول لين جيا رونغ مدير الشعبة الدولية في "مجلس الزراعة" بتايوان، إن القيود ذات الصلة لها تأثير أكبر على 3 أنواع من المنتجات: المنتجات المائية والشاي والعسل.
ويشعر الرأي العام في تايوان بالقلق من استمرار توتر العلاقات عبر المضيق، خصوصا إذا ما أقدمت الصين على إنهاء اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي عبر المضيق.
ويرى دينغ لونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الدراسات الدولية في شانغهاي، أن البر الرئيسي الصيني يمتلك المزيد من الإجراءات لتوجيه ضربة موجعة إلى "تيار الانفصالية في تايوان"، وهذا يتوقف على توجهات الجزيرة السياسية.
وأضاف لونغ للجزيرة نت أن استهداف سلع إستراتيجية سيلحق ضررا طفيفا بالاقتصاد الصيني بالمقارنة مع الأثر على تايوان، إذ يمكن للصين إيجاد بدائل لتلك السلع من مصادر أخرى.