كشف تقرير حديث، أن الحملة الصارمة والشاملة التي شنتها بكين على القطاع الخاص والتي بدأت في أواخر العام 2020، والتزام الحكومة الصينية بسياسة "صفر كوفيد"، إضافة إلى أزمة العقارات التي تضرب البلاد، قد أضرت بالاقتصاد وسوق العمل بشدة.
وفق البيانات الرسمية، سجل معدل بطالة الشباب ارتفاعات جديدة هذا العام، حيث قفز من 15.3% في مارس إلى 18.2% في أبريل. واستمر في الصعود خلال الأشهر القليلة الماضية حيث وصل إلى 19.9% في يوليو.
وأظهرت بيانات حديثة للمكتب الوطني للإحصاء، أن المعدل انخفض بشكل طفيف إلى 18.7% في أغسطس، لكنه لا يزال من بين أعلى المعدلات على الإطلاق.
هذا يعني أن هناك حاليًا حوالي 20 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 عامًا عاطلين عن العمل في المدن والبلدات الصينية، وذلك استنادًا إلى الإحصاءات الرسمية التي قدرت عدد الشباب في المدن بنحو 107 ملايين شاب. لكن لم يتم تضمين البطالة في المناطق الريفية في البيانات الرسمية.
يقول الزميل البارز في مؤسسة جيمس تاون في واشنطن العاصمة، ويلي لام: "هذه بالتأكيد أسوأ أزمة عمل في الصين للشباب منذ أكثر من أربعة عقود".
وأشار وفق شبكة "سي إن إن"، إلى أن "البطالة الجماعية تحد كبير للحزب الشيوعي"، مضيفاً أن توفير النمو الاقتصادي واستقرار الوظائف "هو مفتاح شرعية الحزب".
وربما لا تظهر الأزمة في أي مكان أكثر من قطاع التكنولوجيا، الذي عانى من القمع التنظيمي من قبل الحكومة والعقوبات الأميركية بعيدة المدى ضد الصين.
ولطالما كان القطاع الذي ظل حر الحركة لفترة طويلة، المصدر الرئيسي للوظائف ذات الأجور المرتفعة للعمال الشباب المتعلمين في الصين، لكن الشركات الكبرى تقوم الآن بتقليص حجمها على نطاق لم نشهده من قبل.
ومؤخراً، سجلت "علي بابا"، عملاق التجارة الإلكترونية، نموًا ثابتًا في الإيرادات للمرة الأولى منذ أن أصبحت شركة عامة قبل ثماني سنوات. وخفضت قوتها العاملة بأكثر من 13000 في الأشهر الستة الأولى من هذا العام. وهذا هو أكبر تخفيض في عدد موظفيها منذ إدراج الشركة في نيويورك في العام 2014.
فيما سرحت شركة "تينسنت"، عملاق الوسائط الاجتماعية والألعاب، ما يقرب من 5500 موظف في الأشهر الثلاثة حتى يونيو. وكان هذا أكبر انكماش في قوتها العاملة منذ أكثر من عقد، وفقًا لسجلاتها المالية.
يقول كبير الزملاء الصينيين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن العاصمة، كريج سينجلتون: "لا يمكن التقليل من أهمية هذه التخفيضات الأخيرة في قطاع التكنولوجيا".
وأشار إلى أن أزمة العمل في القطاع، التي أعلن الزعيم الصيني شي جين بينغ ذات مرة أنها ستقود المرحلة التالية من تنمية الصين، يمكن أن تقوض طموحاته في تحويل البلاد إلى رائدة في الابتكار وقوة تقنية عالمية عظمى في العقدين أو الثلاثة عقود القادمة.
وتمثل هذه التخفيضات الأخيرة تهديدًا مزدوجًا لبكين للمضي قدمًا، ليس فقط لأن الآلاف من الناس يجدون أنفسهم عاطلين عن العمل بشكل غير متوقع، ولكن الآن سيكون لدى عمالقة التكنولوجيا الصينيين عدد أقل من الموظفين المؤهلين لمساعدتهم على الابتكار وتوسيع نطاقهم لمواجهة الغرب الذي ينافس بقوة.
وأضاف: "هناك قول مأثور في دوائر الأعمال مفاده أنه "إذا لم تكن تنمو، فأنت تموت"، وهذه الحقيقة البسيطة تهدد بتقويض الطموحات التكنولوجية الأوسع للصين.