ألهب الدولار الأميركي أسعار الدواجن في الأسواق المصرية مع نهاية الأسبوع الماضي بسبب نقص الأعلاف المستوردة من خارج البلاد والتي تكدست داخل الموانئ نتيجة عجز المستوردين عن سداد قيمة البضائع إلى الموردين في الخارج نتيجة شح العملة الأميركية.
وتعتمد القاهرة على الاستيراد بنسبة تزيد على 80 في المئة لتوفير أعلاف الدواجن مثل الحبوب اللازمة للتسمين، والتي تتألف من الذرة الصفراء وفول الصويا.
وبدأت أزمة أسعار الدواجن الأربعاء الماضي مع ارتفاع مفاجئ في أسعارها وفقاً لأسعار البورصة بقيمة لا تقل عن 15 جنيهاً (0.76 دولار) لكل كيلو غرام واحد، ليصل سعر الكيلو إلى 42 جنيهاً (2.15 دولار).
كما ارتفعت أسعار صغار الدواجن وسط توقعات بعض المنتجين بأن تشهد الأسواق حالاً من النشاط خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع بدء فصل الشتاء وعودة الدراسة.
ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً 100 في المئة
وأوضح متخصصون وتجار لـ "اندبندنت عربية" أن السبب الرئيس في ارتفاع أسعار الدواجن يعود لارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، إضافة إلى عجز التجار عن التخليص الجمركي للأعلاف المستوردة التي تتكدس في الموانئ لصعوبة سداد المستحقات المالية وقيمة البضائع إلى الموردين بالعملة الصعبة، نتيجة شح الدولار في البنوك المحلية.
وأضاف نائب الاتحاد العام لمنتجي الدواجن ثروت الزيني أن "سعر طن الأعلاف ارتفع خلال الأسابيع الأخيرة بنسبة 100 في المئة بعدما زاد سعر الطن من 7 آلاف جنيه (358 دولاراً) في وقت سابق ليسجل حالياً 14 ألف جنيه (716 دولاراً) تقريباً"، مشيراً إلى أن "مصر لديها اكتفاء ذاتي في إنتاج البيض والدواجن بنسبة 100 في المئة"، مستدركاً "لكن نستورد من خارج البلاد 80 في المئة من الأعلاف التي تعد أهم مدخل من مدخلات الإنتاج الداجني".
وأكد أن "هناك أكثر من 1.5 مليون طن حبوب ذرة صفراء وفول الصويا محتجزة في الموانئ المصرية وتنتظر الإفراج الجمركي بعد سداد المستحقات غير المتوافرة لدى التجار".
وأشار إلى أن "حجم إنتاج مصر من البيض عام 2010 كان 25 مليون بيضة يومياً، ثم ارتفع إلى 40 مليون بيضة في 2022 ومطلوب قبل 2030 الوصول بحجم الإنتاج إلى 80 مليون بيضة يومياً".
في غضون ذلك قال أحد أصحاب مزارع الدواجن رافضاً ذكر اسمه، إن "كلفة إنتاج البيض والدواجن أصبحت مرتفعة، فإنتاج كرتونة البيض يصل إلى 65 جنيهاً (3.32 دولار)، وبعد إضافة الكلف ترتفع إلى 70 جنيهاً (3.58 دولار) وتصل إلى المستهلك النهائي بسعر 80 جنيهاً (أربعة دولارات) أي ما يعادل ثلاثة جنيهات (0.15 دولار) للبيضة الواحدة". وأضاف، "أما إنتاج كيلو الدواجن من دون احتساب الكلفة فيصل إلى 28 جنيهاً (1.44 دولار) ترتفع إلى 35 جنيهاً (1.79 دولار) بالكلفة، وتصل إلى المستهلك النهائي بنحو 45 جنيهاً (2.30 دولار)"، مشيراً إلى أن "هناك أصحاب مزارع وتجار على وشك الخروج من الصناعة بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج".
2.56 سعر كيلو الدواجن في مصر
من جانبه، قال رئيس شعبة الدواجن بالاتحاد المصري للغرف التجارية عبدالعزيز السيد إن "هناك ارتفاعاً في أسعار الفراخ البلدي، إذ سجلت اليوم في بورصة الدواجن 50 جنيهاً (2.56 دولار)" مشيراً إلى أن "هذا الارتفاع يعود لزيادة أسعار الأعلاف في السوق العالمية"، وأشار إلى أن "أسعار الفراخ تختلف من منطقة لأخرى، ومن المرتقب أن تكون هناك زيادة مقبلة إذا استمرت موجة الارتفاع في أسعار الأعلاف".
وفي منتصف يوليو (تموز) 2022، قررت لجنة التسعير التلقائي للوقود التابعة للحكومة زيادة أسعار السولار للمرة الأولى منذ يوليو 2019 ليصل إلى 7.25 جنيه (0.37 دولار) بنسبة زيادة وصلت إلى 7.5 في المئة.
مؤتمر طارئ والحكومة تتدخل
من جانبه، دعا اتحاد منتجي الدواجن قبل نهاية الأسبوع الماضي إلى عقد مؤتمر طارئ لمناقشة الانهيار المرتقب للقطاع في البلاد بسبب عدم الإفراج عن كميات الذرة في الموانئ، وذلك قبل إلغاء المؤتمر في بيان رسمي.
وأوضح عضو اتحاد منتجي الدواجن سامح السيد أن "منتجي الدواجن طالبوا بأن تكون مدخلات الإنتاج من الأعلاف والذرة والصويا على الأولوية الأولى للإعفاءات الجمركية، نظراً إلى استيراد 80 في المئة منها من خارج البلاد".
وأضاف في تصريحات إعلامية أن "وزير الزراعة أكد توفر ملايين الأطنان من الذرة الصفراء في الجمعيات الزراعية، ودعا المنتجين بالاتجاه نحو الجمعيات الزراعية" متسائلاً "إذا كانت الذرة الصفراء متوافرة في الجمعيات الزراعية، فلماذا لم يتوجه أصحاب مصانع الأعلاف إلى الجمعيات بدلاً من الاستيراد؟".
شح الدولار في البنوك المحلية
وتابع أن "رئيس البنك المركزي وعد بحل المشكلة خلال 20 يوماً، لكن حدث تباطؤ في بعض الإجراءات فتراجع المخزون ليعاني أصحاب مزارع الدواجن"، مشيراً إلى أن "البنك المركزي المصري يفرض علينا تدبير العملات الصعبة عبر البنوك المحلية في وقت تحتاج تلك البنوك شهوراً لتدبير العملة والسماح لنا بالاستيراد".
وطالب عضو اتحاد منتجي الدواجن البنك المركزي بالسماح لمستوردي الأعلاف بتدبير العملة الصعبة بمعرفتهم إذا كان ذلك يصعب على البنوك.
وفي مطلع مارس (آذار) 2022 أوقف البنك المركزي المصري التعامل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد والعمل بنظام الاعتماد المستندي بدلاً منها باستثناء 15 سلعة من السلع الأساس، مما خلق أزمة لدى المستوردين لعدم قدرتهم على توفير العملة الأجنبية، وتسبب القرار في تكدس البضائع في الموانئ المصرية، وبدأت آثاره تنعكس على السوق المحلية بخاصة في ما يتعلق بندرة بعض السلع واتجاه التجار إلى رفع أسعارها بنسب قياسية في القطاعات التجارية كافة.
وتستورد القاهرة الأعلاف من الولايات المتحدة والبرازيل وأوكرانيا، ولكن النسبة الأكبر تستورد من الأولى، كما تنتج نسبة لا تتعدى 15 إلى 20 في المئة من خامات الأعلاف التي تستهلك محلياً لتستورد الباقي.
ووفقاً لصحف محلية فقد شهدت أسعار الأعلاف ارتفاعات غير مسبوقة خلال يوليو الماضي بعدما قفز سعر الطن إلى 12 ألف جنيه (614 دولاراً) بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، ولكنها تراجعت مرة أخرى مع انخفاض أسعار العديد من السلع الغذائية والحبوب، ثم عاودت الارتفاع منتصف الأسبوع الماضي، إذ زاد سعر الطن الإثنين الماضي بنحو 400 جنيه في يوم واحد، ليسجل طن علف "بادي تسمين سوبر 23 في المئة" 13.600 جنيه (696 دولاراً) بزيادة 400 جنيه عن سعره الثلاثاء الماضي، بينما سجل سعر علف "نامي تسمين سوبر 21 في المئة" ارتفاعاً بالقيمة نفسها ليصل سعر الطن إلى 13.500 جنيه (691 دولاراً).