يشعر مصدرون في الأردن أنهم يخوضون "حربا باردة" مع المنتجات المنافسة .. هكذا يصور علاء أبو خزنة صاحب مصنع للبلاستيك وممثل قطاع الصناعات البلاستيكية في غرفة صناعة الأردن واقع الصناعة المحلية في المملكة.
يقول أبو خزنة لـ"رويترز" إن نحو 650 مصنعا للبلاستيك تعمل في الأردن وتشكل فاتورة الكهرباء ما يقارب 40 في المائة من تكاليف إنتاجها، وتجاهد يوميا للاستمرار "وسط مطالبات بمزيد من الدعم الحكومي الذي لا يمكن وصفه حاليا إلا بالمتواضع".
وأضاف أن "مصانع البلاستيك تعمل 24 ساعة في اليوم وتعتمد على الكهرباء بشكل أساسي إلى جانب مدخلات إنتاج يتم استيرادها برا من الخليج وبحرا من أمريكا وكوريا وتايوان والصين".
وبين أبو خزنة أن ارتفاع تكلفة الطاقة ومدخلات الإنتاج، تقف معوقا أمام المصانع الأردنية لكي تنافس أسعار منتجات الدول الأخرى مثل تركيا وإيران وبعض دول الخليج، التي تشهد دعما حكوميا في بلادها إلى جانب انخفاض تكاليف الطاقة.
ولكنه أكد أن المنتجات الأردنية رغم تلك التحديات تنافس بالجودة وتنوع الأصناف إلى جانب التطوير المستمر للمنتجات، مبينا أن صادرات المنتجات البلاستيكية تبلغ نحو 250 مليون دينار (353 مليون دولار) سنويا.
وذكر أبو خزنة أن المصانع حاولت التقليل من تكاليف استهلاك الكهرباء من خلال تقديم طلبات لبرامج ترشيد الطاقة وتركيب الألواح الشمسية، إلا أن معظمها قوبل بالرفض بحجة أنها لا تقع ضمن المناطق الجغرافية المناسبة لاستخدام الطاقة البديلة.
ويعمل في مصانع البلاستيك في السوق المحلية ما يتجاوز 12 ألف موظف، بحسب بيانات غرفة صناعة الأردن.
وتقول وزارة الطاقة والثروة المعدنية على موقعها الإلكتروني إنها أطلقت أخيرا المرحلة الثالثة من برنامج الدعم للقطاع الصناعي، بهدف تخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة قدرة القطاع التنافسية بتكلفة إجمالية للبرنامج تبلغ أربعة ملايين دينار.
وبحسب الوزارة فقد وقع صالح الخرابشة وزير الطاقة اتفاقيات مع عشرة مصانع تأهلت لهذه المرحلة لتوفير تمويل صناعي متخصص طويل الأمد ومتجدد.
من جانب آخر، بدأت هيئة الطاقة الأردنية في أبريل الماضي تطبيق تعرفة كهربائية جديدة، قامت من خلالها بتخفيض التعرفة للقطاعات الاقتصادية الرئيسة، كالقطاعات التجارية والصناعية، والفندقية، والزراعية والصحية.
وبحسب موقع وزارة الطاقة أيضا هناك توجه حكومي لتبني خطة عمل وطنية لتزويد التجمعات الصناعية بالغاز الطبيعي.
يتفق عبدالله الشوابكة وهو صاحب مصنع لإنتاج الحديد مع أبو خزنة حول واقع التحديات التي تواجه الصناعات المحلية، ويقول "نحن نعمل ونحاول المنافسة رغم التحديات .. فالتوقف عن العمل أصعب بكثير".
وأضاف الشوابكة "نعمل في إنتاج الحديد في المملكة منذ 15 عاما ولدينا نحو 500 موظف، وسواء كان لدينا هامش ربح قليل أو خسائر في كل عام، هو أفضل من الإغلاق والخروج من السوق في ظل الالتزامات والقروض".
وبين أن تكلفة الطاقة من أهم التحديات التي تقف معوقا أمام الصناعة المحلية إذ تشكل نحو 30 في المائة من تكاليف الإنتاج وأغلبيتها من الكهرباء.
ولكن بحسب الشوابكة فقد ساهمت التعرفة الجديدة للكهرباء في التقليل من تكلفة الطاقة على الصناعة ولكنها لا تزال تعد مرتفعة، وسط المنافسة الشديدة للسلع الحديدية المستوردة في السوق المحلية.
وأشار إلى أن من التحديات الأخرى التي تواجه الصناعة المحلية عدم قدرة الحكومة على حماية المنتج المحلي "وخاصة قيامها بإعفاء مدخلات الإنتاج للمواد نصف المصنعة، في الوقت الذي نصنع فيه نحن الحديد من الخردة التي يعاد صهرها من جديد".
وأكد الشوابكة، الذي يصدر مصنعه الحديد للأراضي الفلسطينية وبعض الدول الأوروبية، ضرورة تقديم الدعم للصناعات المحلية كي تستطيع المنافسة بطرق أكثر عدالة ودخول أسواق جديدة.
من جانبه، قال فتحي الجغبير رئيس غرفة صناعة الأردن إنه رغم ما يحققه القطاع الصناعي خلال الفترة الحالية وما حققه خلال الفترة الماضية، فلم يصل بعد إلى أقصى إمكاناته وقدراته سواء على صعيد الإنتاج للسوق المحلية أو حتى التصدير.
وبين الجغبير أن ذلك يعزى إلى عدة أسباب أبرزها ارتفاع تكلفة الإنتاج وأن "الفروق في تكلفة الإنتاج مع منافسينا في الأسواق الداخلية وأسواقنا التصديرية تصل إلى 25 في المائة ما يعوق بشكل واضح القدرة التنافسية".
وأضاف أن تكاليف الطاقة تعد أحد أبرز العراقيل أمام العملية الإنتاجية إضافة إلى تكاليف النقل، وأسعار المواد الخام، والضرائب والرسوم المختلفة.
وتطرق الجغبير إلى تحد آخر هو منافسة البضائع المستوردة ذات المثيل المحلي، التي تشكل أكثر من 35 في المائة من الواردات الكلية، مضيفا أن "معظم الدول التي نستورد منها لا تطبق مبدأ المعاملة بالمثل وتعوق دخول الصادرات الأردنية إليها".
ويرى الجغبير أن الحلول التي يمكن تقديمها لدعم الصناعة الوطنية تتمثل في تعزيز التنافسية وخفض تكلفة الإنتاج وتحسين بيئة الأعمال، إضافة إلى حماية المنتج الوطني، من خلال التأكيد على مبدأ المعاملة بالمثل وإلزام المؤسسات الحكومية بشراء المنتج الوطني، للحد من إغراق المنتجات الأجنبية للسوق المحلية والمنافسة السعرية الشديدة.
ودعا الجغبير إلى أهمية الترويج للصناعات المحلية وزيادة المشاركات المحلية والدولية في المعارض التجارية، بهدف توسيع النطاق الجغرافي للمنتجات الأردنية وزيادة حصتها في الأسواق العالمية.