قلق وترقب يسيطران على الأسرة المصرية بعدما تواصل انخفاض قيمة الجنيه المصري في الآونة الأخيرة وكسر الدولار حاجز 30 جنيها للمرة الأولى في التاريخ، وسط مؤشرات خلال الساعات الأخيرة على الصعود مجددا، في وقت تسعى فيه الحكومة المصرية لامتصاص الصدمات الاقتصادية والقلق الشعبي بتحركات يراها البعض غير كافية.
وحسب وكالة بلومبيرغ، تسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار خلال الأشهر الماضية في ارتفاع معدلات التضخم في البلاد إلى أكثر من 20%.
ويرى مراقبون - أن استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصري يعزز تآكل القدرة الشرائية للأسرة المصرية وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويدفع بالبلاد إلى أوضاع قاسية. في المقابل، تتمسك الحكومة المصرية بتفاؤل حذر وتحاول طمأنة المصريين ومد آمالهم في تغيير أفضل مستقبلا.
ويرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن قدرة الأسرة المصرية في مواجهة تبعات تهاوي قيمة الجنيه باتت ضعيفة، في ظل مواصلة ارتفاع سعر الدولار ومواصلة الحكومة خفض الدعم وزيادة الضرائب والرسوم وكلفة فواتير المياه والكهرباء والمواصلات العامة وغيرها.
ويضيف عبد السلام أنه إذا كان قطاع من المصريين تحملوا أعباء التعويم في 2016، فإن الأغلبية لا تتحمل تكرار هذا السيناريو مرة أخرى بشكل أعنف؛ فالمواطن يواجه غلاء فاحشا لسببين: أولا التضخم وانخفاض الجنيه، وثانيا تداعيات حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب والغذاء والمشتقات البترولية والغاز.
ويؤكد عبد السلام أن تبعات كل ذلك ستنعكس مباشرة على المواطن المصري، حيث يتم استيراد نحو 70% من احتياجات الأسواق المصرية من الخارج، كما أن ارتفاع الدولار سيرفع كلفة إنتاج السلع؛ مما سيدفع المنتجين والمصنعين إلى زيادة الأسعار.
ويحذر عبد السلام من أن تهاوي العملة له تبعات خطيرة؛ منها زيادة معدلات الفقر والبطالة والجريمة والطلاق وغيرها من المشاكل الاجتماعية، كما أن له تكلفة ضخمة على القطاعين الصناعي والإنتاجي، وهذا يدفع أصحاب المصانع إلى إغلاقها بسبب ارتفاع سعر الفائدة وتكاليف الإنتاج؛ مما سيؤثر سلبا على سوق العمل وإيرادات الدولة من الضرائب.
وفي السياق نفسه، توقع الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن تواجه الأسر المصرية ظروفا صعبة في الفترات المقبلة، مثل ارتفاع معدلات الفقر والعوز بالتزامن مع زيادة التضخم والأسعار.
وأعرب الصاوي عن رفضه استمرار اعتماد الحكومة المصرية على قروض خارجية لاجتياز المرحلة الحالية.
من جانبه، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المصريين إلى الاطمئنان وعدم الخوف ومواجهة التحديات والوقوف بجانب مصر في وقت "تعبها" وعدم التخلي عنها، مؤكدا أهمية عدم ترديد الإشاعات أو القلق الزائد.
ووفق بيان رسمي لرئاسة الجمهورية، أكد توفر جميع السلع الغذائية الأساسية، وذلك في إطار التخطيط المسبق للدولة بالحفاظ على المخزون الإستراتيجي ودعم استقرار الأمن الغذائي.
ودشن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مبادرة جديدة لدعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة)، في إطار مواصلة الحكومة زيادة قدراتها على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية.